دبي ـ جمال أبو سمرا
قدر خبراء ماليون أن الصناديق السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك الإماراتية منها، ستُجري تعديلات على أدواتها ووسائلها في إدارة المخاطر، بما يعزز قدرتها على مواجهة الضغوط الناجمة على انخفاض اسعار النفط وتراجع اسعار صرف العملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، وتوقعوا أن تتجه هذه الصناديق نحو زيادة اقتنائها للأصول المقومة بعملات الدول المرشحة للصعود، وضخ المزيد من الاستثمارات في أسواق الدول الصاعدة، وعلى رأسها الهند والصين، إلى جانب توسيع حضورها ومشاركتها الاستثمارية في الأسواق المحلية.
وتنويع محافظها الاستثمارية من خلال توظيف المزيد من رؤوس أموالها في الاستثمارات البديلة.
ووفقاً لتقديرات مؤسسة الصناديق السيادية ""SWFI، تمتلك الصناديق السيادية في دول مجلس التعاون، أصولا تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 2.6 تريليون دولار، بما يمثل 37% من إجمال قيمة الأصول المملوكة للصناديق السيادية حول العالم، وتمتلك ثلاثة صناديق سيادية كبرى في منطقة مجلس التعاون الخليجي، حوالي 80% من إجمالي قيمة الأصول المملوكة للصناديق السيادية الخليجية، وتضم جهاز أبوظبي للاستثمار بأصول قيمتها 757 مليار دولار، ومؤسسة النقد العربي السعودي 757 مليار دولار، وهيئة الاستثمار الكويتية 548 مليار دولار، ويحتل جهاز أبوظبي للاستثمار ومؤسسة النقد العربي السعودي المرتبتين الثانية والثالثة ضمن أكبر الصناديق السيادية حول العالم.
وتُشير هذه التقديرات إلى أن لدى دولة الإمارات، 7 صناديق سيادية رئيسية، بقيمة أصول تتجاوز قيمتها التريليون دولار، منها 4 صناديق في إمارة أبوظبي، فيما يتواجد صندوقان سياديان في إماراتي دبي ورأس الخيمة بواقع صندوق واحد لكل منهما، إلى جانب صندوق سيادي اتحادي، وبالتالي تحل الإمارات، من حيث أعداد الصناديق السيادية، في المرتبة الأولى خليجياً والثانية عالميا بعد الولايات المتحدة التي تمتلك العديد من الصناديق السياسية صغيرة الحجم.
وتصل القيمة الإجمالية لأصول الصناديق السيادية الإماراتية إلى ما يزيد على تريليون دولار، يستحوذ منها جهاز أبوظبي للاستثمار على أصول بقيمة 773 مليار دولار، وشركة مبادلة للتنمية 90 مليار دولار، وشركة الاستثمارات البترولية الدولية "آيبيك" 68 مليار دولار، وشركة مبادلة للتنمية 61 مليار دولار، فيما تصل قيمة أصول مؤسسة دبي للاستثمار إلى ما يزيد على 70 مليار دولار، وهيئة رأس الخيمة للاستثمار مليار دولار.
وقيم الرئيس التنفيذي الإقليمي لبنك "كريدي سويس"، برونو داهر، في معرض تقييمه لتأثير تقلبات أسعار النفط على الصناديق السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي عموما والإمارات خصوصا، أن تراجع أسعار النفط يعني نظريا أن بعض الصناديق السيادية سوف تقلص حجم أنشطتها وتعاملاتها، بيد أنه من الناحية العملية، قد يتجه بعضها على المديين المتوسط والبعيد، نحو زياده حجم أنشطته، مدفوعا بالحاجة إلى تنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط، والتي صارت في الوقت الحاضر أكثر إلحاحا.
وأشار إلى أن الصناديق السيادية في منطقة مجلس التعاون الخليجي تختص باستثمار فائض العائدات النفطية التي تحققها دولها، فعندما تكون أسعار النفط مرتفعة، تحقق حكومات دول هذه المنطقة، فوائض مالية كبيرة والتي يتم ضخها إلى صناديقها السيادية، ولكن عندما تنخفض اسعار النفط إلى مستويات تقل عن متوسط سعر برميل النفط التوازني للموازنة العامة، أي السعر الذي تتعادل عنده النفقات مع الإيرادات، تعتمد الحكومات على الاحتياطيات النقدية في تمويل عجز الموازنة.
وعلى المنوال ذاته، قدر رئيس شركة إنفيسكو الشرق الأوسط والرئيس المشارك لمجموعة إنفيسكو للصناديق السيادية العالمية نك تولشارد، أن انخفاض أسعار النفط سيؤثر على الصناديق السيادية الخليجية، بدرجات مُتباينة، نظرا لاختلاف متوسط سعر برميل النفط التوازني المُحدد للموازنة العامة في هذه الدول، وأشار إلى أن انخفاض أسعار النفط سيكون له أكثر من أثر على المستويات التمويلية طويلة الأجل، وإن كان الأمر سيعتمد على مدى الفترة الزمنية لانخفاض سعر برميل النفط.
مشيرا إلى أن الصناديق السيادية سوف يكون لديها الجاهزية والاستعداد لمواجهة التحديات الناجمة عن تذبذبات أسعار النفط، أخذا في الاعتبار، أن اتجاه ارتفاع النفط حديث نسبيا ولدى الصناديق خبرات طويلة في التعامل مع أسعار نفط منخفضة.