القاهرة – صوت الإمارات
بعد نحو ساعتين من الحفاوة بعدد من أبرز المترجمين في احتفال بدار الأوبرا في القاهرة، أسدل الستار مساء أول من أمس على "يوم المترجم" بما يشبه المرثية لأحوال مصر، كما يراها الآن كاتب قدم نحو 60 كتابًا.
والاحتفال الذي نظمه المركز القومي للترجمة بمصر وكرم فيه بضعة مصريين وكاتبًا مغربيًا بارزًا أنهاه الكاتب المصري شوقي جلال (85 عامًا) قائلًا، إنه يفتقد مصر التي تابع نهضتها ويخشى من تحولها إلى مجرد "تجمع سكني".
وبدأت مصر احتفالها السنوي بيوم المترجم قبل عامين، ولكن يوم المترجم هذا العام يكتسب أهميته - كما قال أنور مغيث مدير المركز القومي للترجمة في الاحتفال - مع احتفال المركز بمرور 20 عامًا على تأسيسه وإصداره نحو 2700 كتاب بنحو 35 لغة.
وعرض الاحتفال فيلمًا تسجيليًا عن تاريخ المركز، وفيلمًا آخر تحية لاسم المترجم المصري خليل كلفت (1941-2015) بعنوان "خليل كلفت.. الأب الروحي للروائع اللاتينية"، إذ ترجم عددًا من كلاسيكيات أدب أميركا الجنوبية، منها روايتا "دون كازمورو" و"السراية الصفراء" للبرازيلي ماشادو دي أسيس ومختارات من قصص الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، فضلًا عن كتابي "بورخيس.. كاتب على الحافة" للأرجنتينية بياتريث سارلو، و"عوالم بورخيس الخيالية" تأليف كتّاب من بيرو وبريطانيا والأرجنتين وفرنسا.
وفي كلمة عنوانها "رسالة المترجم" قال المترجم المصري محمد عناني إن الترجمة يلزمها أمران هما "الفهم والبيان"، مدللًا على ذلك بترجمات لم تحقق انتشارًا بسبب افتقادها لأحد هذين العنصرين مثل رباعيات الخيام التي ترجمها إلى العربية المصري محمد السباعي، في حين حظيت ترجمة أحمد رامي للرباعيات نفسها بشهرة واسعة.
واستشهد عناني بقول عباس العقاد "الفهم سبيلك إلى الوضوح"، مضيفًا أن المترجم ليس مجرد ناقل للنص، ولكن دوره لا يقل عن دور المؤلف نفسه.
وكرم في الاحتفال أيضًا رموز من المترجمين، منهم المترجم المغربي عبدالسلام بنعبد العالي، ومن المصريين اسم الراحل لمعي المطيعي، وطلعت الشايب، وشوقي جلال الذي ألقى كلمة أثارت الشجون باستعراضه لمصر الناهضة منذ بداية القرن الـ19، والتي شهد منذ الثلاثينات جانبًا من نهضتها ولم يكن الجوار العربي آنذاك "ناهضًا أو مناهضًا" قبل ظهور تيارات دينية متشددة وصفها بأنها مناهضة للعقلانية والمستقبل.
وأضاف أن الترجمة في العالم العربي "متدنية رغم جهود الإنقاذ"، وأن هناك محاولات وصفها بأنها مجرد "ستر للعورة" تقوم بها مراكز في عدد من الدول العربية؛ ولكنها تفتقد إلى استراتيجية وتنسيق في ما بينها.
وقال إنه بعد أن قدم أكثر من 60 كتابًا تأليفًا وترجمة، وعاش هذا العمر يفتقد "مصر التي في خاطري.. لم تعد مجتمعًا بل تجمعًا سكنيًا" يحتاج إلى جهود كبيرة لاستعادة العقلانية وثقافة الفعل وقبول الاختلاف.