وديان النعيمي يعرب "ربما يكون لـ"جوازي" جزء ثانٍ"

تحكي ابنة رأس الخيمة الكثير عن الذات والآخر.. ما اكتسبته من زيارات بلاد الدنيا، ومخالطة بشر من هنا وهناك؛ ورحلات - كما تقول -: "كانت مختلفة بعض الشيء. صباحاتنا باكرة. في الحقيقة باكرة جدًا، حتى يساورني الشك أنني في إجازة، وأتخيل في بعض الأحيان أني في رحلة عمل. نزور معالم البلاد، آثارها، متاحفها، نخالط ناسها، أسواقها الشعبية، نستغل النهار إلى أقصى الحدود. وهذا ما يضيف إلى جعبة ثقافتك ويوسع مداركك. لم يخلُ السفر من مغامرات وقصص مثيرة لم ولن يتسنى لي أن أعيشها دون أن أستقل طائرة وأحلق".

في القاهرة، وتحديدًا في شقة بالمهندسين، تحطّ طائرة وديان في الرحلة الأولى "بالكتاب" الصادر حديثًا عن دار مدارك، ولا تلبث أن تتنقل بين عواصم ومدن مختلفة: بروكسل، أمستردام، فرانكفورت، برلين، وارسو، كراكو، براغ، بكين، شنغهاي، هونغ كونغ، ماكاو، كان، مونت كارلو، القاهرة، سيؤول، ميلان، روما، مالطا، مرسيليا، والنهاية إسكندنافية مع رحلة متعددة الفصول تستحق القراءة.

وترى وديان التي تؤكد أهمية دعم ولادة أقلام إماراتية، أن السفر كان بالنسبة إليها "قدرًا وليس اختيارًا"، موضحة: "هناك عاملان أساسيان هما: مهنة أبي السابقة كسفير في عدد من الدول، وتحضير والدتي رسالتي الماجستير والدكتوراه في الجغرافيا من جامعة القاهرة بمصر.. بهما اختارني القدر لأكبر في هذه البيئة، ولكن سرعان ما تحول قدري عشقًا".

وأضافت وديان في حوارها مع "الإمارات اليوم": "لم أتطرّق في كتابي (جواز سفر) لنصف رحلاتي، فصفحاته لا تتسع لسرد جميع قصصي (السفريّة)، ولم أتعمّد إسقاط قصة بعينها، لكنني أعتقد أن 18 فصلًا في أكثر من 20 دولة مجملة كافية وكفيلة بإشباع ذائقة القارئ وتوقعاته، من يدري لربما يكون لـ(جوازي) جزء ثانٍ".

وعن مشروعها المقبل، وهل ستستكمل مسيرة الترحال، أم ستطوف بفضاء آخر، قالت: هناك "مشروعان أحاول أن أبدأ فيهما بجدية: مشروع نصي كتبت فصوله الأربعة الأولى، وآخر روائي أنجزت فصله الأول. مازال الطريق أمامي طويلًا في عملية إنتاج هذين العملين، خصوصًا مع انشغالاتي الكثيرة، ولا أدري لمن سترجح كفة ميزاني.. النصّ أولًا أم الرواية؟ أما مشروعي المؤجّل فهو أنني قد أفكر في جزء ثان لـ(جواز سفر مستعمل جدًا) في المستقبل، وذلك حسب ردود الفعل على الكتاب".

"حروف".. كتاب يعد التجربة الأولى المبكرة لوديان النعيمي، إذ خطّته وهي في الصف الثاني الثانوي، بدعم من عائلة محبّة للحروف، شجّعت قلم الابنة الواعدة التي تستذكر قائلة: "للأمانة (حروف) كان خطوة تشجيعية من عائلة لمست في ابنتها حس الكتابة في عمر صغير، أتذكر أنني قرأت على والديّ أولى خواطري فكان ردهما: أكملي 100 صفحة يا وديان وسنتكفل بطباعة كتاب لك. بالفعل اجتهدت، كتبت نصوصًا وخواطر في موضوعات مختلفة واصفة الحياة من منظوري، غلب عليها النثر والسجع. (حروف) كان بالنسبة لي إنجازًا اكتفت العائلة بتوزيعه على المجتمع المحيط ولم تفكر في طرحه بالمكتبات. وهو تجربة أفخر بها وكان لها أثر كبير في نفسي".

وبخصوص أولى القراءات وبداية الشغف بالكلمة، تشير وديان إلى كمّ الكتب الذي تتزين به جدران مجلسهم، ولذا تخيّرت الكتاب صديقًا، من "المكتبة الخضراء"، إلى "المغامرون الخمسة" و"رجل المستحيل"، ولا بأس بمجلة ميكي بين الحين والآخر، والكلام للمؤلفة الشابة التي تتابع: "كبرت قليلًا ويمكن أن أقول إن الدراسة سرقتني من بيئتي الصغيرة، خفّ هوس القراءة لدي في آخر سنوات الإعدادية، ومن ثم بدأت بتسطير كتابي الأول حروف. وكونت مكتبتي الصغيرة الخاصة بعيدًا عن المكتبة الضخمة. أحببت الأدب الاجتماعي الساخر، البسيط في الطرح، العميق في المضمون. وقرأت من الروايات الكثير، وزادت زياراتي لمعارض الكتب، وتنوعت بعدها اختياراتي".

وحول الاختيارات القرائية الأخرى تكمل وديان: "أقرأ لكثيرين، وممن أحرص على اقتناء كتبهم محليًا الكاتب ياسر حارب، والدكتور عمر الحمادي صاحب (مذكرات طالب طب)، وأحرص على قراءة كتب السعودي عبدالله المغلوث، وبعيدًا عن كل المقررات الأسنانية (التي تخص المهنة ودراسة الماجستير)، آخر كتاب قرأته كان لجون جرين (ذا فولت إن أور ستارز)، (ما تخبئه لنا النجوم)".

كما تقرأ وديان حاليًا العمل الأول لصاحب "البوكر" سعود السنعوسي "فبعد أن أسرتني (ساق البامبو) وعشقت (فئران أمي حصة) قرّرت التعرف إلى تجربة المبدع الروائية الأولى (سجين المرايا)"، مضيفة: "فخري أنه في عام القراءة أصدرت كتابي الأول الذي قدمني للساحة الأدبية الإماراتية والخليجية، كما انضمت إلى مكتبتي عناوين جديدة بعد زيارتي لمعرض الرياض الدولي للكتاب، وأطمح لقراءة ما أستطيع".

أما في ميدانها الأثير أدب الرحلات؛ فتشيد وديان بشكل خاص بكتاب "حكايا سعودي في أوروبا" من تأليف عبدالله بن صالح الجمعة، موضحة: "عشت معه أدق التفاصيل واستمتعت برحلاته حتى آخر صفحة، يقال إنك ستعرف أنك قرأت كتابًا جيدًا عندما تقلب الصفحة الأخيرة وتحس كأنك فقدت صديقًا، وكانت هذه الحالة في كتاب الجمعة"، مشيرة إلى أنها فكرت في تسجيل يوميات السفر بعد فترة انقطاع عن الكتابة "في سنتي الجامعية الرابعة تمنيت أن يرجع لي شغف الكتابة الذي أخذني منه عالم طب الأسنان. بدأت بسرد قصصي، كتبتها بحب، وأتمنى أن تكون قد وصلت بالحب ذاته، بزيادة ودون نقصان".

وبخصوص الساحة الأدبية المحلية حاليًا، تقول وديان: "بعيدًا عن النظرات المتشائمة وعبارات النقد اللاذعة: (كل حد قام يكتب – منو تم ما كتب؟) إلا أنني أراها ظاهرة صحية، الكاتب الجيد سيثبت نفسه، وسيستمر في مسيرة تطوير الذات والحرص على تقديم الجديد والمفيد دائمًا، فلدى كل تجربة ما تقدمه، لذا فدعم ولادة أقلام إماراتية جديدة من كلا الجنسين مهم جدًا".

في مقدمة كتابها تقول وديان النعيمي: "أحب اسمي الذي اخترت له واختير لي، بعيدًا عن المواقف التي سئمتها، فيجب أن تسألني إحدى معلماتي لماذا أطلقت عليك والدتك هذا الاسم؟ هل له علاقة بكونها دكتورة في الجغرافيا؟ وأخريات يدلعنني بـ(أنهار) أو (سيول)، واستظراف معلمة الموسيقى حين تناديني (روبيان) مع مدة غير مفهومة للراء. غيرهم امرأة تسأل أختي عن أحوالي فتقول: شحالها اختج؟ هاييج.. شو اسمها؟ هيه صح (سحابة). لا بأس فلكل منا في صفحات منهج الجغرافيا مكانه، حتى بعد أن دخلت الجامعة، قيل لي: اسمج وديان! منو يسمي وديان؟ أكيد مب مواطنة، عندها أكملت اسمي، فأنا ابنة فلان الفلاني. كان الرد: أوه! لا اسمج حلو بس شوي غريب... قد يستغرب بعض منكم ردة فعل الناس من حولي تجاه اسمي، حتى أكاد أجزم أنني أول وديان في إمارتي ولا أعتقد أني الأخيرة".