الفرقة الوطنية للتمثيل

شهد مسرح عبد الحسين عبدالرضا في منطقة السالمية بمدينة الكويت، أول من أمس، عرض المسرحية العراقية "مكاشفات"، للفرقة الوطنية للتمثيل في العراق، من إخراج غانم حميد، والنص يعود للكاتب المسرحي العراقي الراحل قاسم محمد، وهي من بين العروض الثمانية المتنافسة على النسخة الخامسة من جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، لأفضل عرض مسرحي عربي (2015) في مهرجان المسرح العربي الثامن.

ونص "مكاشفات" عرض على المخرج منذ نحو 20 عامًا (1995)، ولم ير النور، ومن ثم بعد ثلاث سنوات جرت محاولة تقديمه، ولم تتم، وها هي اليوم الأحلام تتحقق ليرى هذا العمل النور، ويشارك في المنافسة على النسخة الخامسة من جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عرض مسرحي عربي.

ووفقًا لمخرج العمل فإن المسرحية أطروحة في البحث عن بواطن الطواغيت، وهي مسرحية شعرية استطاعت تقديم نص قريب من فلسفة العلاقة بين الثنائيات: الحاكم والمحكوم، والدكتاتور والمواطن. العرض يتناول شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي، بكل ما فيها من تناقضات، كما يتناول فلسفة وماهية السلطة والشعب والدكتاتور والمعارضة.

ولاقى العرض حضورًا كبيرًا من عشاق المسرح الذين تفاعلوا كثيرًا مع العمل، كما كان للسينوغرافيا والصوت والغرافيك حضور مميز ولافت. كما تناولت المسرحية ذات الطابع التاريخي، حكم الحجاج، لكن القفشات والتعليقات والتلميحات كانت تؤشر إلى أن العمل عبارة عن رحلة من التاريخ إلى الحاضر، وكان لافتًا المزج بين اللغة العربية واللهجة العراقية المحلية، والفعل ونقيضه والمسرح التقليدي والحداثة، ولم تخل من محاولات السخرية والإضحاك.

وتحاول المسرحية تقديم قراءة للعلاقة الشائكة بين ضرورات الأمن الذي تضطلع به السلطة، والحرية التي هي حق للشعب، من خلال شخصيتين تاريخيتين، هما الحجاج بن يوسف الثقفي، وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله، ويدور حوار وسجال بينهما عندما جاء الحجاج إلى عائشة متقربًا منها لعلها تقبل بالزواج منه، وهنا يقوم سجال بينهما، بين امرأة عابدة زاهدة قوية الشخصية نافذة البصيرة غزيرة العلم فصيحة اللسان وجريئة، ورجل يتميز بقدرات عالية في الخطابة والشجاعة والقوة والبطش، وهي نظرًا لما تمتلكه من مواصفات وما تعرفه عن حقيقته الجوانية، تسبه وتنعته بأنه رجل منافق سفاك اتخذ الولاية للتجبر وإشاعة الخوف في الرعية، وجعل السيف درعًا يخفي وراءها خوفه ورعبه، وأذل الناس فاتبعوه وانصاعوا لأمره، فينبري الحجاج للدفاع عن نفسه وتبرير أفعاله، وترد عليه بأنه لم يشع الأمن وإنما أشاع الخوف، وأنه خرب الإنسان

بالإذعان والإذلال وكبت الحرية، ويدافع عن نفسه بأن الفتنة هدأت في عهده، وأن الناس عادوا إلى حرفهم وصناعتهم وزراعتهم وتنميتهم، وازدهر معاشهم، واتسع عمرانهم، فترد عليه بأن تعمير الأرض وتنمية المال، لا قيمة له إذا كان الناس خائفين وغير مطمئنين على أنفسهم من بطش حاكمهم، وعلى الرغم من محاولات المرأة إقناع الرجل بأنه سفاك ومستبد وطاغية، إلا أن حجته وتبريراته بدت قوية ولافتة. وتستمر المسرحية على هذا النمط إلى النهاية، ويبقى السؤال حول الحرية والأمن وصراعهما وتجليات ذلك الصراع والعلاقة بينهما حاضرًا حتى الآن