الشارقة - صوت الإمارات
نظم نادي القصة في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، في قاعة أحمد راشد ثاني في مقر الاتحاد في الشارقة مساء أمس الأول الاربعاء، احتفالية لتكريم القصة الفائزة في مسابقة "جمعة الفيروز" للقصة القصيرة وهي (ظلام أبيض عميق جدًا) للقاصة الإماراتية لولوة المنصوري، وكان الاتحاد قد أعلن نتائج المسابقة في أذار/ مارس الماضي .
جاء في تقرير الاتحاد أنه منحها لقصة المنصوري للأجواء الخاصة التي ميزتها، حيث امتزج فيها الواقع بالخيال في كثير من المهارة والحرفية، كما ظهر فيها البعد الإنساني، فضلاً عن تقنيات السرد المستخدمة والتي تميزت بالتنوع وبما يخدم الفكرة ويعمقها .
قدم للأمسية الاحتفالية الكاتب عبد الفتاح صبري عضو نادي القصة، مشيرًا أن جائزة جمعة الفيروز انطلقت تكريما لهذا الأديب الشاعر وتخليدا لدوره في إثراء ساحة الوطن بالأدب والإبداع .
ولفتت لولوة المنصوري " أعتبر جائزة جمعة الفيروز حلما خاصا بالنسبة لي، وقيمة نفسية ذات خصوصية عالية نظرا لارتباط الجائزة باسم أديب خرج من رحم بيئته، ثم قرأت النص الفائز "ظلام أبيض عميق جدا" "لم أستطع إمساك الغراب الذي انتزع ثدي أمي الأيمن ذات صباح وهي تمشي بي نحو المدرسة"، هكذا بدأت المنصوري قصتها الفائزة، لتبدأ في السرد مباشرة من دون تمهيد وتطويل، محفزة القارئ على التساؤل لمعرفة كيف ينتزع غراب ثدي امرأة؟، شيء لا يصدقه عقل .
القصة تشع بالدلالات في حب الأم الرمز التي لا تتخلى عن أطفالها رغم المعاناة . فبطلة القصة تعي تماما ما يدور حولها وتدرك ما يعيشه العالم، وما تعانيه القرية من تجاهل وحرمان، قائلة "في المساءات المتكررة أنتظر نشرات الاخبار لعلها تذيع أخبارنا" .
ولا يتوقف الأمر عند ذلك بل يتسع الموقف ويتعمق إلى دلالات خاصة تبين قيمة المكان، ودلالات أخرى تظهر معاناة الإنسان وتوضح ما بداخله من بوح، تقول المنصوري في القصة: قالت جارتنا العمياء، وهي تحاول جاهدة أن تشعل نظرها المنطفئ وتثقب به جدار بيتها، حيث يجلس غراب أبيض وحيد هناك "وحدي من يصدق قصتك، لكن من تتبع الغراب اغترب، انساب مطر خفيف من عينيها الهاربتين في ظلام أبيض عميق جدا" .
جسدت لولوة المنصوري في قصتها حالة المعاناة عبر السرد والخيال والتخيل والدلالة، لتعبر عن فكرتها المحورية، ولم تكن خارج إطار الحدث بل كانت فاعلة ومنفعلة فيه، شاهدة عليه ومشاهدة له، مؤكدة قدرة وإمكانية تمزيق ضبابية الواقع والتغلب عليه عندما تعي الذات ما يدور حولها وتتمسك بماضيها لتنطلق نحو حاضرها .
قصة "ظلام أبيض عميق جدا " معالجة رمزية بخيال واسع مبدع، يحفز القارئ على المتابعة والبحث والتقصي والتخيل والتوقع، تختتم المنصوري قصتها:
(يدخل العالم
والغراب
وتدخل عظامي
والقصة التي لا وجود لها
في ظلام أبيض عميق جدا.