القاهرة - بلال رمضان
كلما اقترب موعد دورة جديدة من عمر معرض القاهرة الدولي للكتاب، تجدد
الحديث حول أزمة قرصنة الكتب، والتي يشكل سور الأزبكية على وجه التحديد
فضاءً لها ، فدائمًا ما تتجدد الأزمة حينما يكتشف أحد الكتاب خلال حفل
توقيع كتابه في المعرض، أنه يقوم بالتوقيع على نسخة «مزورة» ، وهنا يجد
الكاتب نفسه أمام خيارين، أولهما: أن يرفض التوقيع على الكتاب، أو يقوم
بإبلاغ إدارة الدار بعد التوقيع على النسخة «المزورة، ولا تجد الدار
حلاً سوى إبلاغ الهيئة المصرية العامة للكتاب، والمنظمة لهذا الحدث
السنوي الدولي الكبير، وأمام هذا الفضاء الكبير داخل أرض المعارض، فإن
«هيئة الكتاب» تطلب من الدار تقديم شكوى رسمية تذكر فيها اسم الجناح الذي
يقوم ببيع نسخ مزورة، ولأن الدار لا تعرف، فإن الأزمة تبقى كالبندول
تنتظر من يمسك بها.
وحول هذه الأزمة، وما يتم الاستعداد له من أجل مواجهتها، في الدورة
الـ47، من عمر معرض القاهرة الدولي للكتاب المزمع انطلاق فعالياتها في
الفترة من 27 يناير الجاري، وحتى 10 من فبراير 2016، توجهنا بالسؤال
إلى رئيس اتحاد الناشرين المصريين، عادل المصري، الذي قال في تصريحات
خاصة لـ«مصر اليوم» أنه منذ العام الماضي، فإن الاتحاد توصل بالاتفاق مع
«هيئة الكتاب» إلى قرار بإغلاق الجناح الذي يثبت عليه تهمة «تزوير الكتب»
وبيعها لجمهور المعرض، مشيرًا إلى أنه في الدورة السابقة من المعرض، قامت
الهيئة بإغلاق 4 أجنحة، وتم منعها من دخول المعرض مرة ثانية، إلا أنه
وفقًا للقرار الذي تم الاتفاق عليه، فإن من يتم إغلاق جناحه وعدم دخول
المعرض مرة ثانية، يملك الحق في الرجوع إلى المعرض بعدما يفدّم أورقا"
تثبت التصالح بينه وبين الدار التي قام بقرصنة أحد أعمالها، أو بحكم
قانوني يثبت براءته من ذلك، لافتًا إلى أنه بناءً على ذلك، فإن أحد أصحاب
هذه الأجنحة الأربعة، سوف يقوم بالمشاركة في هذه الدورة .
وأوضح المصري أن إدارة مباحث المصنفات الفنية، تقوم بالتعاون مع «هيئة
الكتاب» و«الناشرين المصريين» بمواجهة قرصنة الكتب وبيعها في المعرض،
وذلك من خلال اجراء تحريات دقيقة تمكنها من اكتشاف هذه الوقائع قبل أن
يعلم الناشر نفسه بأن إصداراته يتم قرصنتها وبيع نسخ مقلدة منها للجمهور
بأسعار مخفضة.
ولكن هل تقضى مثل هذه الإجراءات داخل ساحة أرض المعارض، وتحديدًا في فترة
معرض القاهرة الدولي للكتاب، على أزمة قرصنة الكتاب؟ هذا السؤال أجاب
عليه المصري قائلاً: بالتأكيد لا، وذلك لعدة أسباب، أولها أن القانون رقم
82 لعام 2002 المعني بحماية حقوق الملكية الفكرية «غير رادع»، لأن
الغرامة في النهاية تتمثل في 500 جنيه مصري، ومن هنا فقد كان على اتحاد
الناشرين المصريين أن يتقدم الى مجلس الشعب السابق بقانون يطالب بتغليظ
هذه العقوبة، ولأن المجلس تم حله، فلقد تقدمنا بالمشروع لوزير العدالة
الاجتماعية في ذلك الحين، وحاليًا سوف نتقدم بنفس المشروع بعد الانتهاء
من فعاليات الدورة الـ47 من عمر معرض القاهرة الدولي للكتاب، الى مجلس
الشعب الحالي، ليصدر قانونًا يحمي بالفعل حقوق الملكية الفكرية في مصر.
وفي ضوء ما أوضحه المصري فان السؤال الذي يطرح نفسه هل يبقى تغليظ
العقوبة هو الحل الوحيد لمواجهة القرصنة التي تجد جمهورها من القراء
نظرًا لارتفاع ثمن الكتاب على المواطن البسيط ؟، أجاب رئيس «الناشرين
المصريين»: علينا أن ننظر لهذه الأزمة من ناحية تجارية، فنحن نعرف جيدًا
أن الشباب يقبلون على هذه الكتب «المقلدة» لأنها في متناول أيديهم،
وتمكنهم من قراءة أعمال كتاب «البيست سيلر» مثل أحمد مراد وغيره على سبيل
المثال، ومن هنا علينا أن نفكر جيدًا في عدة محاور تتمثل في: ماذا فعلنا
كناشرين وكدولة ممثلة في وزارة الثقافة المصرية من أجل الشباب، ومن أجل
التشجيع على القراءة، مع الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية للمؤلف
وللدار؟.
وأشار المصري إلى أن هناك العديد من المقترحات التي يسهل على الدولة
المصرية أن تقدمها في هذا الإطار، ومنها إنشاء مكتبات عامة في العديد من
الأحياء والمناطق، تكون منفذًا رحبًا للشباب لقراءة كل ما هو جديد يصدر
عن دور النشر، من خلال بروتوكولات تعاون بين دور النشر وهذه المكتبات
بشراء عدد معين من الإصدارات تصبح متاحة للقارئ للاطلاع عليها مجانًا،
وهو ما لن يكلف الدولة شيئًا، وسيعود بالنفع على أصحاب دور النشر، لأنها
في هذه الحالة ستقوم ببيع عدد معين من إصداراتها لهذه المكتبات، وفي نفس
السياق، فإن هذا سيضمن لدور النشر تقليل حركة قرصنة الكتب.
وأضاف أنه يمكن للدولة أيضا" أن تضع قانونًا يتمثل في دفع رسوم قليلة
على إجراءات الاشتراك في النوادي الخاصة، أو بناء الأحياء السكنية
الجديدة، أو تذاكر القطارات على سبيل المثال، لتقوم بعد تحصيل هذه الرسوم
بالعمل على توسيع دائرة نطاق المكتبات العامة في أنحاء جمهورية مصر
العربية، ولك أن تتخيل إذا ما نجحت الدولة المصرية في إنشاء ألف مكتبة
عامة، تقوم كل مكتبة بشراء نسخة واحدة أو اثنتين من رواية جديدة؛ تصبح
متوفرة لدى القارئ، ما يعني أن دار النشر قبل طباعتها لأي كتاب تقوم ببيع
وتوزيع ألف أو ألفين منه لهذه المكتبات العامة، من هنا سوف يتم القضاء
على أزمة قرصنة الكتب، وفي الوقت نفسه، سوف تعمل الدولة على تقليل ثمن
بيع الكتاب.
وختم المصري حديثه بالتأكيد على أنه كرئيس لاتحاد الناشريين المصريين
يهدف إلى جعل الكتاب في متناول كافة شرائح المجتمع، وأن يخفض أسعار بيعه،
فبدلاً من يباع الكتاب بخمسين جنيهًا مصريًا، يصل سعره إلى ثلاثين.
رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، ورئيس معرض القاهرة الدولي للكتاب،
الدكتور هيثم الحاج علي، قال: إننا كإدارة للمعرض، نعمل دومًا على إنهاء
أزمة قرصنة الكتب، وتحديدًا في المعرض، وفي هذا الإطار اتفقنا مع مباحث
المصنفات الفنية، على تفعيل دورها بصورة أكبر داخل المعرض، فبدلاً من أن
يقتصر دورها على انتظار الشكوى المقدمة من الناشر المتضرر، يكون لها دور
أكبر من خلال التحريات المستمرة في أروقة المعرض، واكتشاف هذه الوقائع
حتى قبل أن يعلم بها الناشر ويبلغ عنها.
وأضاف الحاج علي قائلا" أنه في ضوء هذا وبالتشاور مع اتحاد الناشرين
المصريين، اتفقنا على أن من تثبت عليه هذه الوقائع يتم حرمانه من دخول
المعرض مرة ثانية، وغلق جناحه، ومصادرة كتبه، حتى يأتي لنا بإقرار
التصالح بينه وبين الناشر المتضرر، وتعهده بعد القيام بمثل هذه الوقائع
مرة ثانية.
أما عن تخفيض أسعار الكتب، وجعلها متاحة لكافة شرائح القراء، فأوضح الحاج
علي أنه ليس لـ«هيئة الكتاب» سلطة على الناشرين، لكنها تعمل على تقديم
نسخ شعبية من الأعمال التي تصدرها دور الناشر، من خلال مشروع مكتبة
الأسرة، والذي يحظى بشعبية كبيرة من جمهور المعرض، وعلى مدار العام
أيضًا، فإن للهيئة بروتوكولات تعاون ومنافذ بيع لهذه الكتب في العديد من
المناطق.