السينما تعمل في غزة بعد 20 عامًا وسط ترحيب كبير واقتصارها على فئات محدودة

كان همام الغصين في الـ24 من عمره عندما ذهب إلى السينما لأول مرة، والسبب الذي أخره كل هذا الوقت للذهاب إلى السينما هو عيشه في غزة حيث اختفت صالات السينما منذ 20 عامًا, وأوضح أن التشديدات الأمنية بالنسبة لأهالي غزة لدى مغادرتهم القطاع جعلت من الذهاب إلى دار سينما خارج القطاع أمرًا صعب المنال, وأنه لحسن الحظ عادت هذه العروض المخصصة للعامة من جديد بفضل مشروع خاص إنطلق مؤخرًا، وقد رحب كثيرون بهذه المبادرة.

 وقال الغصين الذي يعمل مهندساً معماريًا "إنه لشعور رائع، سأواصل الذهاب لحضور كل فيلم أيا كان", ويضيف إن الحياة في غزة مليئة بالصعاب وخيبات الأمل، فحدود المنطقة الفلسطينية التي تؤوي 1.9 مليون فلسطيني، لا تسمح بالسفر واجتياز المعابر إلا لمن يملك إذنًا وتصريحًا بالسفر، وعندما فازت حركة حماس في الانتخابات على منافستها فتح وتصاعدت شعبيتها في غزة عام 2007 عززت نمط إدارتها لغزة المحافظ في قنوات التلفاز والراديو بمنع ما تراه فكرًا غربيًا لا يتناسب مع ثقافتها الإسلامية، كما أن الحصار و3 حروب خاضت غزة غمارها خلال عقد من الزمن أتت كلها على البنية التحتية للقطاع المتهالك، فغدت مرافق الترفيه شبه معدومة فيه.

ويرى حسام سلام الذي يعمل في شركة عين ميديا الراعية للمشروع أنه ليست لدى غزة قاعات سينما عامة ولا مكتبات عامة ولا أماكن للتظاهرات الثقافية، كما أن المساعي الحكومية في هذا الصدد محدودة ومتواضعة", ويقول أحد منظمي الحدث، إن الإقبال على مشاهدة الأفلام متزايد وإن كل عرض كان يشهد حضورًا من 120 إلى 200 متفرج معظمهم مجموعات عائلية أو أصدقاء.

وانطلق المشروع بدايةً بأعمال وإنتاجات تخص التاريخ الفلسطيني، بيد أنه اتجه أخيرًا لعرض أفلام ذات أسماء براقة، مثل فيلم الرسوم المتحركة "Inside Out" من إنتاج ديزني وبيكسار الذي حاز جائزة أوسكار, أما الأفلام المثيرة للجدل أو ذات المواضيع الحساسة فلا ينتظر ولا يتوقع عرضها لأن جميع الأفلام المعروضة تنتقى بعناية وتتلقى لزاماً موافقة من سلطات حماس.

وأضاف سلام "ننتقي أفلامًا لا تتنافى مع ثقافتنا وديننا لا بالصورة ولا بالمضمون، فنقدم للسلطات نبذة مختصرة عن قصة كل فيلم ثم نتلقى منهم الموافقة", وكانت المبادرة قد انطلقت في كانون الثاني/يناير 2016 بعرض فيلم "معطف كبير الحجم" للمخرج الفلسطيني المستقر في عمان، نورس أبو صالح، ويتناول الفيلم الحياة الفلسطينية بين عامي 1987 و2011، مرورًا بالانتفاضتين.

وانتشر خبر المبادرة الجديدة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فحظيت صفحة التظاهرة الثقافية على الـ"فيسبوك" بإعجاب 7000 متابع, وتكلفة التذكرة حوالي دولارين ونصف وهو مبلغ وجده منظمو الحدث سعرًا مناسبًا في القطاع الذي معظم سكانه إما عاطلون عن العمل أو معتمدون على المعونات الغذائية.

وتأتي هذه التظاهرة وسط مظاهر تخفيف حماس للقيود المفروضة على الأنشطة الثقافية في القطاع، ما أثلج صدور الشباب الذين كانوا ينتظرون هذه الفرصة منذ مدة طويلة للذهاب إلى القاعات السينمائية