دبي ـ جمال أبو سمرا
أكد وزير الصحة رئيس مجلس إدارة هيئة دبي للثقافة والفنون عبد الرحمن العويس "إن معرض سكة الفني هو فكرة إماراتية رائدة شكلت منذ انطلاقتها إضافة متميزة إلى الساحة الفنية في الدولة، وأحدثت حراكا كبيرا بما تجمعه من التجارب المحلية والعالمية في حي الفهيدي التاريخي" .
جاء ذلك أثناء افتتاحه مساء أمس السبت في حي الفهيدي التاريخي في دبي فعاليات الدورة الخامسة من "معرض سكة الفني" السنوي الذي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون، وذلك بحضور الكاتب والأديب عبد الغفار حسين والمدير العام بالإنابة للهيئة، سعيد النابودة وعضو المجلس الوطني الاتحادي،المهندس رشاد بوخش ومستشار الهيئة الدكتور صلاح القاسم .
أضاف العويس "أن مجرد التفكير في إقامة هذا المعرض في هذا المكان الذي يعبق بالتاريخ وإرث الأجداد يعد تفكيرا مبدعا، حيث المكان ملهم بما يحتويه من معالم عمرانية تراثية ومن آثار فنية بديعة خلفها لنا الأجداد، فالفنان المعاصر حين يعاين هذا الإرث لا بد أن يترك لديه انطباعا، وتخيلا فنيا ما يسري إلى عمله ويمتزج به" . وعن أهمية المعرض أوضح العويس "إن سكة الفني يكتسب أهمية من جانب آخر، كونه يحتوي على إبداعات إماراتية رائعة تختلط بتجارب لفنانين عالميين مما يشكل مشهدا مضافا إلى الحركة الفنية الإماراتية، وإلى المشهد الثقافي النشط الذي تقوم به دبي" .
وحول الجديد في هذا المعرض لفت العويس"إن الاستمرار في إقامة المعرض وإيجاد تفاعل دائم بين مختلف الأجيال الفنية الإماراتية هو الشيء المتجدد، وقد رأينا أعمالا لفنانين مخضرمين مثل الدكتورة نجاة مكي ومطر بن لاحج جنبا إلى جنب مع فنانين شباب، مما يؤكد الأهمية الكبيرة التي يحظى بها المعرض، ولا شك أن هذا التواجد ملهم للفنان يدفعه لابتكار أفكار جديدة" .
وقيّم معرض سكة لهذا العام هو الفنان الإماراتي جمال لقمان، وهو فنان متخصص في الوسائل الإعلامية المتنوعة، ولديه خبرة أكثر من 20 عاماً، وهو رائد الفن الرقمي في الدولة، وله إنجازات عديدة على الساحة الفنية الإماراتية .
ويضم "سكة الفني" في دورة هذا العام عدداً كبيراً من الأعمال الفنية المتنوعة لخمسين فناناً إماراتياً ومقيماً، كما يتضمن مجموعات فنية لكل من "بيت التصميم" و"سارة العقروبي ونور جراح" و"فرح الأمين وندى وليد"، وتقدم خلاله مبادرتان: واحدة عن التفاعل بين المناطق من جامعة زايد، وأخرى بعنوان "ذا أنيميشن تشامبر"، ومن الأسماء الإماراتية المشاركة في هذا العام عبد القادر الريس، مطر بن لاحج، الدكتورة نجاة مكي، منى الخاجة، خلود الجابر، حمدان الشامسي، آمنة البلوشي، لطيفة سعيد، مصعب الريس، سمية الريس، شمسة بوهزاع، خالد محمود أنوهي، روضة النابودة، علي كشواني وموزة السبوسي .
في عامه الخامس يظل المعرض منفتحا على كل التجارب الفنية الجديدة، والتي تعيد التفكير في العادي وتبحث عن المختلف، من دون التقيد بأي شكل فني، فهو دعوة للتفكير والتفاعل، وقد تم تكليف الفنانين مسبقا بإعداد أعمالهم، وفتح لهم المجال لتنفيذها في حي الفهيدي ومن ثم عرضها، وجاءت الأعمال شاملة لمساحة واسعة من الفنون البصرية تتنوع ما بين الرسم و"الأنستليشن" والنحت والتصوير الفوتوغرافي وحتى المشغولات اليدوية، و"الأنيميشن"، وغيرها، مما أعطى تجاورا وغنى فنيا حفلت به بيوتات حي الفهيدي القديمة، لتتناغم في شكلها التاريخي البديع مع ذلك الزخم الفني المتنوع الذي تضمه قاعاتها .
تأسس "سكة الفني" عام ،2011 من أجل توفير فرصة أمام المواهب الفنية الإماراتية للانخراط الجاد في العملية الفنية، وإبراز قدراتها الإبداعية، وقد اختار منطقة الفهيدي التاريخية لما تتمتع به من جاذبية للجمهور تتيح الفرصة للزوار ليتمتعوا بمشاهدة الأعمال الفنية، وينخرطوا في عملية استيعاب وفهم أهمية الفن ودوره في حياة المجتمع، ونجح المعرض خلال السنوات القليلة الماضية في أن يصبح المنطلق الرئيسي للفنانين الإماراتيين والمحليين كي يعملوا ويتواصلوا مع نظرائهم العالميين، الذين يتواجدون في دبي بهدف استكشاف ما تحتضنه المدينة من فعاليات ثقافية غنية بمحتواها ومميزاتها .
وتستضيف البيوت التراثية التي تتوزع في منطقة الفهيدي مجمل أعمال الفنانين المشاركين في المعرض، فيتحول المكان التراثي من صيغته التاريخية إلى كرنفال ثقافي تشكيلي، يجمع تجارب فنية متباينة ومختلفة تنتمي إلى مدارس وتجارب متفاوتة، فيقدم لوحات مسندية تنتمي إلى المدارس الكلاسيكية: التجريدية والتعبيرية، والانطباعية الواقعية، وغيرها .
كما يحتوي المعرض على تجارب تنتمي إلى الفنون البصرية المعاصرة، إذ يقدم بعض المشاركين أعمالا تركيبية، ونحتية، وصوراً فوتوغرافية، تستند إلى تقنيات الديجتال، وتستخدم الكثير من الخامات التي تأتي في سياق إنتاج عمل جمالي ينتمي إلى المفاهيمية وأنماط مدارس الفن المعاصر .
وتشكل مشاركة الفنانين المتفاوتة صورة واضحة للحركة التشكيلية في العالم، فالمعرض لا يستضيف تجارب فنية محلية، أو إقليمية وحسب، إنما يمتد ليشمل مشاركات من مجمل بلدان العالم، ويحرص ضمن توجهه على تحقيق المعادلة بين التجارب المشاركة، إذ لا يستضيف التجارب المحترفة، والمكرسة في المشهد التشكيلي العربي أو العالمي، إنما يزاوج بين التجارب الرائدة والمكرسة وبين التجارب الشابة، ليحقق تفاعلا ملموسا من خلال الحالة الثقافية التي ينتجها .
وتمثل مشاركة الفنانين نماذج فردية تكمل الحالة التي يحاول المعرض تكريسها، فتأتي بعض الأعمال مشغولة بالأكريليك على القماش، وبالزيت على القماش، وأخرى بالأحبار والألوان المائية على الورق، فيما تشكل الأعمال الفوتوغرافية والتي تنتمي إلى الديجتال آرت مساحة واسعة ضمن الأعمال المشاركة، ذلك إضافة إلى بعض المنحوتات التي توزعت في أروقة وساحات المباني التراثية .
ويظهر جهد المشاركة الإماراتية واضحا من خلال عدد من الأعمال التي يستضيفها المعرض سواء الفردية أو الجماعية التي تتوزع داخل المباني التراثية، فتنظم مؤسسة "وطني الإمارات" معرضا جماعيا يتوقف عند تجربة الشاعرة عوشة بن خليفة السويدي المعروفة بفتاة العرب، يشارك فيه كل من الفنانة آمنة البلوشي، ولطيفة سعيد، وشمة بوهزاع، وخالد محمود أنوهي، وروضة النابوذة، وعلي كشواني، وموزة السبوسي .
ويقدم المعرض الذي يأتي بالتعاون مع هيئة دبي للثقافة والفنون أكثر من ثلاثين عملاً فنيا، تجسد أبياتا وصورا تعبيرية للشاعرة الراحلة، يقرأ من خلالها الفنانون المشاركون تجربة الشاعرة بصريا عبر اشتغال واضح على الأبيات الشعرية وتحويلها من نصوص مكتوبة إلى تكوينات جمالية، ومن خلال رسم ملامح الراحلة بصورة تعبيرية وواقعية امتثالا بذلك لما شكلته تجربتها من أثر على صعيد الساحة الإبداعية الإماراتية .