وزارة الثقافة الجزائريَّة تضع 400 موقع أثريّ في اهتماماتها

وضعت وزارة الثقافة الجزائرية أخيرًا أكثر من 400 موقع أثري في ولاية الطارف الواقعة في شرق البلاد في خانة اهتمامتها، حيث تم رصد قرابة 30 مليار سنتيم لإعادة ترميم وتهيئة هذه الآثار الثقافية، وذلك لتحويل منطقة الطارف إلى متحف لتخزين الآثار الرومانية والحضارة الإسلامية في بلاد المغرب العربي.اهتمام وزارة الثقافة الجزائرية في ولاية الطارف وذلك لأهميتها لأنها تكتنز منحوتات صخرية وتوابيتها الحجرية، وتعدُّد آثارها التي تشهد على حضارات غابرة أحد أكبر خزانات البلاد في مجال الآثار التاريخية، خاصة وأن الولاية تعاقبت عليها حضارات عدّة من بينها الفينيقية ، البونيقية ، الرومانية ، البيزنطية والإسلامية. وإذا كانت هذه الولاية قد سجلت اسمها من خلال ثرائها البيولوجي وأوساطها الطبيعية التي تشكل معا محمية للتنوع البيئي فهي تخفي أيضًا كنوزًا أخرى ليست معروفة بالشكل الكافي إلا أنها تبقى قيمة لأنها تعود إلى عصور غابرة.ولا تزال عشرات المواقع التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ والآثار تنتشر عبر أرجاء الولاية مبسوطة تحت غطاء نباتي كثيف يخفيها ويحفظها في الوقت ذاته من اعتداءات الإنسان.وزارة الثقافة تعاين 400 موقع أثري كان عرضة للنهب والتهريب أحصت مصلحة التراث في ولاية الطارف الجزائرية أكثر من 400 موقع أثري موزعة على مستوى بلديات الطارف، وخلال معاينة وزارة الثقافة لهذه الآثار تبين أنها غير مصنفة ما جعلها عرضة للإهمال والسرقة والنهب والتهريب بحكم تواجدها على الشريط الحدودي المتاخمة لتونس.
وحسب ديوان الأكرافا في الطارف، فإن هذه الولاية الواقعة في أقصى شرق الجزائر تعاقبت عليها الحضارات ما جعلها اليوم تزخر بمعالم أثرية عدة وتاريخية كثيرة تنتصب شاهدة على الثراء التاريخي للمنطقة، إذ تم إحصاء حوالي 132 موقعًا أثريًا يعود لعصور ما قبل التاريخ و 260 موقعًا يعود لحضارات مختلفة، ورغم هذا الزخم الثقافي والثقل الكبير لهذه الآثار إلا أن المعروف منه والمصنف يُعد على أصابع اليد الواحدة كالحصن الفرنسي الذي يعود لسنة 1524 م، وكنيسة القالة وهما معلمان عرضة للإهمال والتلف بسبب انعدام عمليات  الترميم وتهميش مثل هذه المعالم الأثرية ، ومن أجل حماية بعض المعالم الأخرى التي لها تاريخ ضارب في أصالة أهالي المنطقة سارعت مصلحة التراث إلى إدراجها على لائحة المناطق الأثرية السياحية المعترف بها وهي "قصر لالة فاطمة ببلدية العيون الحدودية و قلعة الطاحونة بالقالة وزاوية الدندان ببلدية البسباس" المعلم الوحيد الذي ما زال مشيدًا وقائمًا نظرا إلى حفاظ السكان على هذه المنطقة الأثرية على عاتقهم وتحمل مسؤولية الحفاظ والعناية به ، في المقابل تعرف العديد من المواقع الأثرية الأخرى والتي تم اكتشافها من طرف ديوان الأكرافا التابع لوزارة الثقافة وبالتنسيق مع نشاط بعض الجمعيات الفاعلة في الحقل الثقافي فإنه تم العثور على معاصر الزيتون والتوابيت في بلدية الزيتونة، والدلمان في حي سبعة رقود في بلدية الطارف ، شواهد القبور في بلدية البسباس وبقايا الأبنية التي تتواجد أغلبها في محيط غابي وعر على الشريط الحدودي، حالة متقدمة من التلف جعلتها في طريق الزوال بسبب الظروف الطبيعية ويد الإنسان، لدرجة فإن بعض السكان يستعينون بحجارة الأبنية الأثرية القديمة في بناء مساكنهم الخاصة  ما جعل مهمة استعادتها مستحيلة ، في حين تنهب  المواقع التي تزخر بالآثار  وتهرب تحفها عبر الحدود للضفة المقابلة ما جعل مصالح الأمن في حالة ترقب وتأهب لإفشال عمليات التهريب إذ تمكنت مصالح الدرك الوطني عديد المرات من استعادة التحف وتوقيف المهربين ، ونظرا إلى صعوبة الوصول للمواقع الأثرية بسبب وعرة المسالك ووقوعها في محيط غابي، الأمر الذي صعب من مهمة حراستها وزيارتها من قبل الباحثين والزائرين الذين يجدون صعوبة في الوصول إليها بالسيارة العادية.
قصر لالة فاطمة يصنع التميز ويجذب له السواح للتمتع بالسياحة الحموية والأثرية أعطت السلطات الولائية بالطارف كل اهتمامها بالسياحة الشاطئية إلى إهمال جوانب أخرى من السياحة التي تزخر بها الولاية كالسياحة الحموية والأثرية هذه الأخيرة التي تعرف حالة جد متقدمة من الإهمال رغم إحصاء أكثر من 400 موقع اثري مفتوح على الطبيعة، إلا أن غالبها غير معروف محليًا لعدم تصنيفها من جهة ولانعدام الطرق والممرات التي توصل اليها كون غالبها في مناطق جبلية تضاريسها قاسية ، ومن المعالم المصنفة أثريًا نجد قصر لالة فاطمة الشاهد على تاريخ مهمش للحضارة الرومانية، وكان قصر لالا فاطمة وهو موقع أثري يعود إلى الفترة الرومانية المدفون في غابة الفلين على مقربة من المنطقة السكنية الحدودية في وادي جنان التابعة لبلدية العيون بولاية الطارف،هذا الموقع يثير في كل مرة إعجاب الزوار والسواح الأجانب الزوار، ويعتبر قصر لالا فاطمة صرحًا رومانيًا يتكون من طابقين ما زال ظاهرًا على الرغم من تعاقب عديد القرون حيث لا يزال جدار بعلو 8 أمتار قائمًا وكذا مبنى وأيضًا مجموعة من المزارع ومعاصر الزيتون.
وتتوزع في هذا الموقع كذلك قطع أثرية من بينها معاصر للزيتون وللحبوب وعجلات وصخور مصقولة وكذلك جسر لنقل المياه بطول 900 متر ما يزال في حالة جيدة حيث يوجد به صهريج ومجموعة من الأحجار المصقولة.ويضم هذا الموقع كذلك بقايا وأجزاء للسيراميك والقرميد وحمامات بها نظام للتدفئة تقليدي وكذا مؤشرات أخرى تفيد بالانتقال من الحقبة القديمة إلى العصر الوسيط. وتروي الأسطورة التي انتقلت من جيل إلى جيل عن هذه المرأة التي يقال عنها إنها حسناء وغنية حيث اشترطت على الذي طلب يدها بأن يبني قصرًا ومجرى مائيًا وبعد 40 سنة تمكن ذلك الذي طلب يدها من تلبية رغبتها ليُتوفى إثرها مباشرة. ولدخول هذا الموقع الموجود بقلب غابة كثيفة يتطلب الأمر جولة على الأقدام وذلك بالنظر إلى صعوبة المسلك على مسافة حوالي كيلومترين.
أضرحة بوقوس أسطورة صنعت أسطورة ما قبل التاريخ تعود أضرحة وكذا الأحجار الموجودة في بوقوس إلى عصر ما قبل التاريخ حيث يكون قد تركها الإنسان القديم ، الموجودة غير بعيد عن جبل "غورة" المرتفع بـ1200 متر عن سطح البحر هي من صنع معتقدات بعض الشعوب والحضارات من بين تلك التي تعاقبت على هذه المنطقة ، وهي الأسطورة التي لطالما تجادل ولا يزال يتجادل المواطنون حول حقيقة أضرحة بوقوس المسماة "العروسة" وهذه الأخيرة حسب ما هو متداول بين سكان المنطقة فهي تعكس غضب الله على شخصين كانا على وشك إقامة علاقة زوجية محرمة –أخ وأخته- ليتحولا إلى كتلين من الحجارة ، كما يروى أن باقي الأحجار المتناثرة هنا وهناك على الأرض تمثل الأصدقاء والشهود وكل المدعوين لذلك الزفاف الملعون. غير أن العلماء والباحثين يفسرون مثل هذه المعالم الأثرية التي تعود إلى ما قبل التاريخ بأنها مجرد مدافن جماعية أو أبنية تعكس وجود مجمعات سكنية في تلك الفترة....لتبقى أضرحة "العروسة" غير مؤهلة لاستقطاب السواح رغم طول عمرها وسحر جمالها إلا أنها تبقى مجرد أسطورة أعطت قيمة إضافية للإرث التاريخي.
الكنيسة والحصن الفرنسي ضمن اهتمامات مدنية دنكارك الفرنسية أكَّدَت ديوان الأوكرافا في وزارة الثقافة أن تاريخ بناء الكنيسة التي تقبع في قلب مدينة القالة في ولاية الطارف تعود إلى القرن 18، والتي توجد في حالة متدهورة للغاية، وعلى الرغم من تصنيفها كإرث تاريخي إلا أنها مُهمَّشة بعد إقصائها من أحقية الترميم والتهيئة الواسعة من طرف المسؤولين، ورُصِد لها غلافٌ مالي معتبر في وقت مضى قدر بـ 16 مليار سنتيم، حيث مستها عملية الترميم خلال التسعينات استغلت كمسرح بلدي بعد تهيئتها من قبل البلدية قبل أن يطالها الإهمال مرة ثانية في ظل غياب أية جهة للاعتناء بها، حيث تحولت إلى فضاء لإقامة المعارض الاقتصادية بين الموسم والآخر إلا أنها أخيرًا أصبحت وكرًا للمنحرفين ومركز عبور لبعض العائلات التي اتخذت من بعض أجنحتها مأوى لها، وعلى الرغم من موقعها المهم المتمركز في كورنيش المدينة وجمال شكلها الخارجي إلا أنها تبقى مجرد معلم أثري لم يضف حيوية على قطاع السياحة في الولاية.
أما في ما يتعلق بالحصن الفرنسي الذي يحتل موقعًا إستراتيجيًا في أعلى ربوة في المدينة، والمطل على الكورنيش الساحلي لعروس المرجان، والذي يبقى مغلقًا يوجد بدوره في حالة مزرية ومتدهورة بسبب تعرضه للإهمال أمام تصدعه وتآكل وانهيار أجزاء من جدرانه، وتحوله إلى مرتع لتعاطي الآفات والخمور هو ما أثار حفيظة بعض المهتمين بالسياحة من مدينة دنكارك الفرنسية لأنه يُعد كنزًا أثريا مهمًا ومكسبًا سياحيًا للجزائر، ومن شأنه رفع وتحسين الاستثمار الاقتصادي في السياحة الحموية.