الأقصر ـ محمد العديسي
تزخر قرى ونجوع محافظة الأقصر بعادات وتقاليد وموروث شعبي مرتبط بموسم الحج الذي يحظى بقدسية خاصة في الأقصر بصفة عامة، وفى صعيد مصر بصفة خاصة، وتمتد هذه الموروثات لمئات الأعوام ومازلت بعض القبائل والعائلات تحافظ عليها حتى الآن.وتحتفل القبائل والعائلات في القرى بالحاج عند عودته بشكل مختلف تمامًا عن أي مكان أخر، ويستقبل الحاج المئات من أقاربه وأصدقائه في مطار الأقصر
أو في ميناء البحر الأحمر مرتدين الملابس البيضاء، وقبل وصوله لمسقط رأسه ببضعة كيلوا مترات ينزل الجميع من السيارات ويسيرون مشيًا على الأقدام حتى منزل الحج الذي يكون في مقدمة الصفوف من أجل مصافحة المهنئين من الأهالي وأصحاب المحلات والمزارعين في النجوع التي يمر عليها.وفى إثناء رحلة السير لمسقط رأس الحاج، يحمل الأطفال والشباب "جريد" النخيل ويرتدى الجميع الملابس البيضاء ويردّدون المدائح والأناشيد الدينية الخاصة بالحج خلف المدّاحون الذين يتقدمون الصفوف مع حملة الأعلام وقارعوا الطبول البدائية التي ما زلت موجودة حتى الآن.ويظل الحاج أسبوعًا كاملاً يقيم إقامة دائمة في الديوان الخاص بعائلته أو قبيلته لاستقبال المهنئين من القرى والنجوع المجاورة، ولا يدخل بيته مطلقًا، وخلال هذه الأيام يخرج أبناء بلدته الولائم بشكل منظم احتفاءً واحتفالاً بعودة الحاج.
وفى نهاية الأسبوع يقيم الحاج حفلاً دينيًا يدعوا له أبناء القرية والقرى المجاورة، وتنحر فيه الذبائح، ويحيى هذه الليلة قراء القرآن والمنشدون وعازفو "الربابة".
وعند عودة الحاج إلى منزله يجده في أبهى صورة، حيث يزين الفنانين من الهواة المنزل من الخارج برسم الرسومات الخاصة بالحج، وكتابة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، بالإضافة لرسم طائرة إذ كان الحاج عائدًا بالطائرة وباخرة إن عاد من رحلة الحج بباخرة.