بغداد – نجلاء الطائي
بغداد – نجلاء الطائي
كشفت وزارة الثقافة العراقية عن إتمام الاستعدادت لإقامة "ملتقى بغداد للفن التشكيلي العالمي"، والذي سيتوج فعاليات "بغداد عاصمة الثقافة العربية" لعام 2013، وإقامة مهرجان للخط العربي وآخر لـ"التراث الشعبي".
وقال مدير عام دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة الدكتور جمال حسن العتابي، في لقاء خاص مع "مصر اليوم"، أن "دائرة الفنون التشكيلية أكملت تحضيراتها لإقامة
مهرجان (ملتقى بغداد للفن التشكيلي العالمي)، الذي سيعقد في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل"، مشيرًا إلى أن "الدعوة ستوجه إلى الفنانين العراقيين المغتربين، وفنانين عرب وأجانب، وإلى جانب هذا الملتقى ستكون هناك دراسات وبحوث تتعلق بإعادة تأهيل المتحف الوطني للفن الحديث، وتداعيات فقدان العديد من الأعمال الفنية، التي سرقت في عام 2003"، مبينًا أن " الملتقى سيتضمن أيضًا فعاليات مهرجان الخط العربي والزخرفة، ومهرجان للتراث الشعبي"، لافتًا إلى أن "الملتقى سيكون خاتمة لفعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013".
وعن الجهود التي بذلتها دائرة الفنون التشكيلية خلال الاستعدادت للتحضير لفاعليات "بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013"
قال الدكتور جمال العتابي "بدأت دائرة الفنون التشكيلية العمل والاستعداد لهذا المهرجان منذ أواسط العام 2012، وتمثلت مشاركة الدائرة في إقامة العديد من المعارض، لعدد كبير من الفنانين التشكيلين"، موضحًا أن "هذه المعارض كانت بدعم وتخصيصات فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية، والتي أدرك الفنانين للمرة الأولى حجم التخصيصات والدعم، الذي وفرته وزارة الثقافة للمعارض، فضلاً عن منهاج وخطة دائرة الفنون التشكيلية لهذه الفعالية".
وعن الإسهامات الأخرى لدائرة الفنون التشكيلية، أضاف الدكتور جمال العتابي أن "مساهمة الدائرة كانت تتضمن العديد من الإسهامات، منها ما يتعلق بالبنى التحتية لدائرة الفنون، ومنها ما يتعلق بالفعاليات والندوات والنشاطات والمعارض"، لافتًا إلى أن "هناك ثلاثة مشاريع منها في المراحل الأخيرة للإنجاز، وهي تأهيل دائرة التراث ومعهد الحرف للفنون التشكيلية، والأخرين هما تأهيل المتحف الوطني للفن الحديث المعروف بمتحف (كولبنكيان)، ودائرة المصاهر في مشروع إدخال التقنيات الحديثة في هذا المعمل"، موضحًا أن "من أهم الأعمال التي نعتز بها، والتي نعتبرها ونعدها إنجازًا مهمًا في عمل دائرة الفنون التشكيلية هو تأهيل هذه البنى التحتية".
وفي شأن نشاطات الدائرة الأخرى قال "يتمثل نشاطها في إعادة السلسلة المعروفة بالسلسة الفنية، عبر الاحتفاء بالفنانين والمبدعين العراقيين، وصدر عن هذه المجموعة حوالي عشرة كتب، وهي عودة للتقليد السابق، حينما كان يصدر العديد من الكتب لنقاد ولفنانين كبار". مبينًا أن "دائرة الفنون تصدر مجلة فصلية مهمة في الدراسات والنقد التشكيلي، فضلاً عن إقامة العديد من الندوات والاستذكارات، والاحتفاء بالفنانين، في الأشهر الماضية، وإقامة الدائرة ورش عمل، منها للأطفال، ومنها لفناني المحافظات، وهو مايعرف بـ(المرسم الحر)، شارك فيه عدد كبير من الفنانين من الموصل إلى البصرة في كردستان".
وعن معوقات العمل في دائرة الفنون التشكيلية قال العتابي "أمامنا مهام كثيرة، وهذه المهام ضمن اختصاصات دائرتنا، لكننا نأمل أن ننجزها بعد توفر التخصيصات المالية، مازلنا نواجه إشكالات في ترميم اللوحات وصيانتها، ونعد ذلك من المهمات الأولى، التي تنهض دائرة الفنون التشكيلية، لأننا نعتبرها ثروة وطنية كبرى"، مؤكدًا على "تشكيل لجنة، سميت بـ(لجنة المقتنيات)، حيث تقوم الدائرة بشراء اللوحات الفنية من الفنانين، عقب تقيمها من قبل اللجنة".
وتمنى مدير عام دائرة الفنون التشكيلية أن "يكون هذا تقليدًا ثابتًا، بعد أن يرصد له التخصيصات المالية في الموازنة العامة"، وأضاف "أمامنا مشروع ننتظر إكمال الإجراءات الخاصة به، والذي يتعلق بالتماثيل الشخصية لرموز العراق الوطنية والثقافية، هناك أكثر من 50 شخصية تم اختيارها لكي تتحول إلى تماثيل ونصب، توزع في ساحات بغداد، وأماكن محددة في بغداد، وكذلك حصلت الموافقة على إنشاء نصب عديدة، كنصب (كلكامش) في المحمودية، ونصب (العراق) في ساحة الفردوس، ونصب آخر (للكرد الفيلين)، في ضوء القرار الذي اعتبر الجريمة التي ارتكبت في حقهم ضمن جرائم الإبادة الجماعية".
ولفت العتابي إلى "مهمة حفظ وصيانة الأعمال الفنية واقتنائها، وتوفير أساليب حديثة في تخزين ما هو موجود"، منوهًا إلى أن الوزارة تواجه نقصًا في أعداد الملاكات والدورات التدريبية، وفي المشاركات الخارجية، وأضاف أن "نظام التمويل الذاتي عائق رئيسي، يواجه عمل دائرة الفنون التشكيلية"، موضحًا أن "هذا العائق لا يمنح الدائرة الحرية في اختيار العناصر الفنية، أو التعاقد، ولا حتى يمكن الاستفادة منها وفق مبدأ الأجور"، مشددًا على أن "هذا النظام لا يعطي الحق للدائرة أن تعين أو أن تتعاقد، لاسيما ونحن لدينا معهد حرفي فيه حرفيون وعمال ماهرون، ومحاضرين، لكن ليس لدينا التخصيص المالي"، منوهًا أن "الموظف حين يستقيل أو يتقاعد أو ينتقل إلى رحمة الله، لا يوجد بديل لهذا الموظف، ولا يحق للدائرة أن تحتفظ بهذه الدرجة، ضمن هذا النظام (التمويل الذتي )، هذا القانون شرع في تسعينات القرن الماضي، كان في حينه اجتهاد البعض على أنه مناسب ومقبول في تلك الأوضاع، لكن الأن أوضاع العراق مختلفة تمامًا، سياسيًا والاقتصاديًا وغيرها، ولذلك نواجه مشكلة كبيرة في سد هذه النواقص، أو إيجاد البدائل، أو الملاكات، نحن نحتاج إلى كوادر فنية متخصصة، من خريجي كلية الفنون الجميلة، كرسامين وتشكيلين، ونحتاج إلى عمال ماهرين، وحرفيين، وإلى محاضرين في المعهد، ومتدربين، وناس مؤهلين في تنظيم الدورات، ما زلنا نواجه إشكالاً كبيرًا في ذلك".
وبصدد طموح دائرة الفنون التشكيلية، قال الدكتور جمال العتابي "نطمح أن نعيد هذا المبنى إلى مركز للفنون، كقاعات عرض، ومتحف للأعمال الفنية، هذه واحدة أيضًا من الإشكالات، من بين عشرات الدوائر، التي تشغل هذا المبنى، وهذا ظرف استثنائي، نأمل أن نعيد لهذا المبنى بهائه وزهوه"، وتابع "طموحنا أيضًا أن نبني متحفًا للفنانين المغتربين، للرواد، كما كان معمول به، لكن الفرص المتوفرة ضعيفة في تحقيق هذه الأماني والرغبات، في ضوء هذه الضروف المعقدة للأوضاع".
والدكتور جمال العتابي مدير عام دائرة الفنون التشكيلية هو ابن الوسط الإعلامي والصحافي والثقافي، وجد نفسه خطاطًا ومصممًا لسنوات طويلة، قبل أن يكون مسؤولاً في وزارة الثقافة، تأثر بوالده كما تأثر جميع أفراد أسرته بالفن، وساروا جميعًا على نهج والدهم، في حبهم للفن التشيكلي، والتصميم، والخط العربي.
صمم الدكتور جمال العتابي ترويسة "لوغو" للعديد من الصحف العراقية، ومنها صحيفة "الصباح" الحكومية، وصحيفة "بغداد"، التي تصدر عن حركة "الوفاق" العراقية بزعامة أياد علاوي، وله أعمال وأغلفة للعديد من الكتب والمجاميع الشعرية، وهو من أوائل من عمل في "مجلتي والمزمار"، التي كانت تصدر للأطفال سابقًا.
دراسته الأكاديمية تتعلق بالتراث العربي الإسلامي، ودرس المدينة العراقية في التاريخ والتراث، وعلاقتها بالماء، وصدر له كتاب "مدن وضفاف عراقية"، وكتاب "كلمات متقاربة المدى"، وهو استذكارات وعودة لبعض الشخصيات والأسماء والأماكن في السياسة والأدب والثقافة، لكل من هذه الأسماء حكايات وتوثيق للماضي، فيها لغة سردية، أو شعرية.
كتب في القصة والنقد الأدبي في الصحف، لكنه مقل لأن عمله في دائرة الفنون التشكيلية يأخذ منه وقتًا كبيرًا، وفي منهجه عشرات من الكتب تنتظر القراءة، وهو شديد الحزن حينما يتطلع إلى هذه الكتب بعينه فقط.
مارس التدريس لفترة طويلة، وعمل في صحف عديدة، وبعد 2003 أصبح مديرًا عامًا لدائرة الشؤون الثقافية، وانتقل بين غالب مديريات وزارة الثقافة، والجميل أنه لم يشعر بالغربة في جميع هذه الدوائر، لأنه ابن الوسط الفني.