ملابس أطفال المصريين

معرض مصري استثنائي يحتفي بالطفولة ويساهم في رسم مستقبلها عبر تعزيز الانتماء للوطن ولحضاراته المختلفة داخل نفوس الصغار. ويضم المعرض الذي أطلقه «متحف النسيج المصري» بعنوان «أطفال المجد»، ويستمر حتى 21 يناير (كانون الثاني) المقبل، مجموعة من الملابس الأثرية لأطفال مصر على مر العصور التاريخية الماضية، بعضها يعرض للمرة الأولى.

ويهدف إلى إلقاء الضوء على جوانب أخرى من الحضارات المصرية، فإذا كانت النظرة السائدة تجاهها تلخصها في المعابد والأهرامات والمتاحف بمقتنياتها والمواقع الأثرية المتنوعة، فإن هناك أبعاداً أخرى لا تقل أهمية، وفي مقدمتها البعدان الاجتماعي والفني، وفق الدكتور أشرف أبو اليزيد، مدير عام متحف النسيج المصري.

وتكشف القطع التي يضمها المعرض، إلى أي مدى كان المصريون يولون اهتماماً كبيراً تجاه أطفالهم، ويوفرون لهم الرعاية الكافية، حيث تظهر الاهتمام بالتفاصيل واللمسات الفنية والخامات المناسبة لهم، في الملابس، إضافة إلى ما تكشف عنه هذه القطع الأثرية من الذوق الفني الرفيع في تصميم الأزياء، ولا سيما في الحضارة المصرية القديمة حيث البساطة والأناقة والاهتمام بالجانب العملي في آن واحد».

ويقول الدكتور أشرف أبو اليزيد لـ«الشرق الأوسط»: إن «هذا المعرض يساهم في إتاحة الفرصة أمام المقتنيات الموجودة في المخازن كي ترى النور، ويراها الجمهور لأول مرة؛ ما يحقق الهدف المنشود من تنظيم المعرض بجانب إظهار الوجه الحضاري لمصر»، مشيراً إلى أنه «يحمل دعوة للآباء للاهتمام بأبنائهم مثل الأجداد، إلى جانب أنه يلفت نظر الطفل إلى الاحتفاء بمظهره وتنسيقه والاعتزاز بوطنه؛ لذلك اخترنا له اسم (أطفال المجد)».

ووفق أبو اليزيد، فإن المعارض المؤقتة التي ينظمها المتحف بشكل متكرر، تعزز المفهوم العالمي الجديد للمتاحف الذي يعتمد على الخروج من دائرة اعتباره المتحف مجرد مكان لعرض القطع الفنية أو الأثرية إلى النظر إليه كمؤسسة ثقافية متكاملة، تعمل على التواصل مع الجمهور لجذب أعداد كبيرة إليها، إضافة إلى استقطاب شرائح جديدة من الزائرين».

ويضم المعرض نحو 15 قطعة، تتكون من الحرير والكتان والصوف، تثبت أن مصر كانت سابقة في تصميم الملابس، وتصميماتها القديمة ملهمة لأشهر بيوت الأزياء العالمية خلال الآونة الأخيرة، وكان من أكثر القطع لفتاً للأنظار البلوفرات الشتوية المطرزة بالكتابة الهيلوغريفية، وعن هذه القطعة يقول مدير المتحف: «وجهنا الدعوة إلى مصممي الأزياء المصريين لزيارة معرضنا لاستلهام خطوط جديدة بلمسات عصرية يتألقن بها في الأسواق العالمية».

وداخل أروقة المعرض، يروي أمناء المتحف للجمهور حكاية مصر مع صناعة النسيج وإنتاجه منذ عصر قدماء المصريين، وكيف أمدت العالم بالكثير من أنواع المنسوجات والثياب التي حملت أسماء كثير من المدن والمراكز المصرية الشهيرة بإنتاجها، ونصيب ملابس الأطفال من هذا الازدهار.

ويستطيع زائر المعرض التعرف على ملامح ملابس الأطفال في العصر الفرعوني، حيث إزار الأولاد الذي يغطي النصف الأسفل من جسمه، وتطور هذا الإزار إلى أشكال عدة، ويشاهد الزائر ملابس الفتيات في الحقبة نفسها، وكيف كانت تتكون من القميص أو ما يُعرف بـ«التونيك» وهو عبارة عن ثوب بسيط ترتديه الفتاة، وهو ذو أكمام قصيرة، ويغطي جسدها، وفيما بعد ظهرت أنواع جديدة من الملابس تمثلت في ظهور الكاب الذي كان يستخدم في الشتاء لحمايتهم من الطقس البارد، وكانت تنسدل على الكتفين وتربط برباط عند العنق، وهو التصميم المعروف الذي اشتهرت به «ذات الرداء الأحمر».

ويفاجئ الجمهور بأن اهتمام المصريين القدماء بالملابس قد امتد ليشمل الأطفال الرضع، حتى أنهم كانوا أول من ابتكر صناعة الحفاضات بشكلها القديم، التي ربما استوحت منها الحفاظات العصرية للأطفال، ومن ثم يتعرف الجمهور على ملابس الصغار في العصور الأخرى، فيشاهد ملابسهم في العصر اليوناني، ويرصد التحول التدريجي الذي يظهر على ملابسهم من الطراز الروماني ثم البيزنطي، حيث أصبحت تتسم بالفخامة وتعتمد على المنسوجات الحريرية والتطعيم بالأحجار الكريمة. وفي العصر القبطي كانت أزياء الأطفال متناسقة في الخطوط العامة مع الأزياء البيزنطية، ومنها إلى ملابس الأطفال في العصور الإسلامية، حيث كان الصبيان يرتدون الإزار، أما الفتيات فقد ارتدين السروال ومن فوقه الثوب.