الفن التشكيلي السوري

بدأت علائم فيروس كورونا المستجد بالظهور على جسد الفن التشكيلي السوري من خلال ألوانه ومواضيعه.الحالة الجديدة، ظهرت جليا في أروقة المعارض العالمية كما السورية، ومن ضمنها جناح خاص لهذا الطراز من اللوحات التي تضمنها معرض التشكيلية الشابة نور الكوا، والذي حمل عنوان  "مجموعة 2020".تأثير كورونا لم يتوقف عند المواضيع، وإنما امتد إلى الانتاج، إذ أكد فنانون تشكيليون سوريون لـ "سبوتنيك" أن الحركة التشكيلية المحلية كانت أكثر إنتاجا خلال سنوات الحرب العشر الماضية، وأن أزمة كورونا أعطتهم وقتاً إضافياً للعمل أكثر داخل المنزل.

وخلال تواجدهم في معرض التشكيلية الكوا، أشار عدد من كبار الفنانين التشكيليين السوريين إلى أن أكثر الأوقات غزارة في الأعمال والمعارض وملتقيات النحت هي سنوات الحرب وحتى خلال أزمة كورونا التي يعيشها العالم اليوم لافتين إلى ما يميز هذه الفنانة الشابة ومعرضها التشكيلي الرابع خلال هذا العام انتشار الوباء ورغم ظروف الحرب.حظي المعرض باهتمام وزيرة الثقافة السورية الدكتورة لبانة مشوّح التي زارته، مؤكدة سعي الوزارة لدعم الحركة التشكيلية السورية ولاسيما الفنانين الشباب وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة بمعارض تعبر عنهم.التشكيلية نور الكوا، عبرت عن سعادتها بزيارة فنانين تشكيليين كباراً لمعرضها الذي تقيمه هذا العام في مرسمها الخاص بمنطقة الجسر الأبيض وسط العاصمة السورية دمشق رغم أزمة كورونا التي حدت الكثير من الأنشطة، لكنها لم توقفها بالكامل، وقالت:

"أمضينا وقتاً طويلاً في المنزل وطبيعي للفنان أن يصور أحاسيسه بأسلوب يتعايش فيه مع كل الظروف فالحياة مستمرة وسنستمر لتحقيق كل شي جميل ما دمنا على قيد الحياة، وطيلة السنوات العشر الماضية لم أجسد الحرب في لوحاتي بطريقة مؤلمة، ففي مجموعة "لاند سكيب" رسمت فيها الشجرة بتكنيك جديد نشعر فيه بأننا بحاجة ماسة لأن نكون داخل الطبيعة فجميعنا يتمنى أن يرى الأشجار في كل الطرقات لأننا لم نر في حياتنا أن شجرة تقتل أخرى أو تعتدي عليها أو تقومبإيذائها فوجود الطبيعة في حياتنا مهم جداً، ومنذ عام 2011 وحتى يومنا هذا أنجزت 500 لوحة منها مجموعة من اللوحات خلال أزمة كورونا".

وتابعت الكوا: "يضم هذا المعرض نحو ثلاثين عملاً مقسمة إلى لوحات "لاند سكيب" تصور الأشجار والطبيعة ولوحات "الآدميات" التي بدأت فيها معارضي الأولى وكذلك لوحات بطريقة جديدة تصور الثور بأسلوب خاص لم أركز فيه على قتل الثور بل على الحلم بأن يعيش الإنسان حياة مسالمة طبيعية باسترخاء يلعب الشطرنج ويستمع إلى الموسيقا، وأعتقد أنه مؤلم جداً أن يكون الإنسان بهذه الوحشية كي يعذب كائناً حياً وبإقبال وجمهور كبيرين على هذه اللعبة".

وأشار الفنان التشكيلي ممدوح قشلان إلى أن الفنانة نور الكوا تميزت منذ أن كانت طالبة في كلية الفنون الجميلة بجرأتها وعمق أعمالها ونشاطها التصاعدي وقال: أصرت نور على إقامة هذا المعرض في هذا الوقت الصعب كنوع من التواصل والتقارب بالفن في وقت يتجه فيه إلى التباعد الاجتماعي بسبب أزمة كورونا".بدوره أكد الفنان التشكيلي أحمد أبو زينة أن هذا المعرض يعبر عن حالة فريدة وهي أن يقيم الفنان معرضاً في المكان الذي يعمل فيه وقال: "في هذا المكان شاهدت أعمالاً خرجت فيها الفنانة عن أسلوبها التقليدي فأضافت مجموعة من الألوان الحارة والدافئة التي أعطت اللوحة قيمة فيها كثير من الحب واستطاعت أن تظهر بقوة في الفن التشكيلي السوري وأن توجد لنفسها مكاناً جدياً، وهناك عدد كبير من الفنانين التشكيليين الكبار يتابعون نشاطها وقفزاتها في الفن التشكيلي".

وتابع أبو زينة: "على الصعيد الشخصي أنتجتُ في السنوات العشر الأخيرة أعمالاً ولوحات أكثر بكثير من الفترات السابقة للحرب وكان لي مشاركات خارجية كثيرة خلال الفترة الماضية في أمريكا وألمانيا ولبنان ودول أخرى، وحالياً في أزمة كورونا فقد حصلنا كفنانين تشكيليين على وقت أطول للعمل في المرسم أمضيناه داخل البيت وهذه حال معظم الفنانين التشكيليين السوريين حيث استطاعو أن يعملوا أكثر في مرحلة الحرب، فالفت التشكيلي السوري لم يتأثر خلال الحرب ولم يتوقف عن العطاء، كان هناك عمل مستمر من قبل عدد كبير من الفنانين التشكيليين السوريين".

الأستاذ جامعي في فن النحت الفنان فؤاد طوبال قال: الفنانة نور فنانة نشيطة تطورت بسرعة فحين تخرجت بدأت مباشرة بالعمل، هناك أعمال تتميز بالخط القوي، لقد تعبت على نفسها فلوحاتها تعتمد على الخطوط الكثيرة والتفاصيل التي تغني سطح اللوحة فهي إنتاجها غزير ولهذا تتطور تجربتها، وقد رأيت في المعرض شيئاً جديداً في لوحاتها فهي تستخدم اللمسة النافرة والأغضاء وتعمل بلمسات جديدة وتتطور باستمرار أسلوبها جميل ومجتهدة.

وأردف قائلاً: "المعارض مستمرة في المراكز الثقافية والصالات وأنا أواكب الحركة التشكيلية السورية منذ وقت طويل فقد شاركنا في ملتقيات النحت في أوج الحرب على سوريا وكان هذا نوع من التحدي من قبل الحركة الثقافية والتشكيلية السورية فالنشاط التشكيلي هو نبض ثقافي يدل على الحياة والحيوية، وهناك غزارة في الإنتاج، ورغم كل الظروف لم تتوقف الحركة التشكيلية واستمرت تجارب الفنانين التشكيليين بالتطور وصممنا على الاستمرار وقد تحدث محللون على القنوات التلفزيونية الخارجية عن تميز الفن التشكيلي السوري وأكدوا أن الصورة المشوهة عن سوريا هي صورة مشوشة ومغلوطة، ولم تعانِ الحركة التشكيلية خلال الحرب إلا بشكل بسيط فبعض الفنانين التشكيليين غادروا البلاد كما أثرت الظروف الخارجية على فرص إقامة المعارض الخارجية أو  اقتناء اللوحات لكن بشكل عام هناك تطور ونبض مستمر في الثقافة عموماً والفن التشكيلي السوري على وجه الخصوص".

بدوره قال الفنان التشكيلي السوري نشأت الزعبي: "الشيء الملفت للنظر في المعرض هو المكان الذي أقامت فيه المعرض مكان فيه خصوصية كما أن إنتاجها فيه خصوصية رغم تنوع التجارب، في أعمالها يشعر المرء أنه أمام فنانة فتحت هامش الاكتشاف فكل لوحة فيها عطاء وتجدد وتختلف عن اللوحة الأخرى، وطريقة العرض ملفتة للنظر جعلت الزائر يشعر بأن أعمالها تحيط به من كل جانب، وتتميز الفنانة نور الكوا بخصوصية الأعمال وكثرة التجارب والمخيلة الخلاقة".

طبيب الجراحة العصبية الدكتور عدنان حمود وفي تصريح خاص ضمن المعرض قال: "الفن هو وسيلة من وسائل الخروج من بوتقة الكآبة والهموم التي أوجدتها الحرب الكونية على سورية خلال عشر سنوات، وهذه المعارض تعبر عن روح الأمل والسير بثقة نحو المستقبل الأفضل".يذكر أن الفنانة التشكيلية نور الكوا من مواليد دمشق عام 1990 خريجة كلية الفنون الجميلة ولها العديد من المشاركات الجماعية منها معرض الربيع السنوي ومعرض حوارات شبابية وغيرها الكثير وتم اقتناء العديد من أعمالها في سورية وألمانيا ولبنان ودبي.

قد يهمك أيضًا:

المبيعات عبر الإنترنت تنقذ المعارض الفنية من الانهيار في عصر "كورونا"

انطلاق "ملتقى الفن التشكيلي الافتراضي" في سورية