القاهرة - صوت الامارات
حالة فنية تمزج بين الماضي والحاضر، والأصالة والمعاصرة، وحداثة الفن التشكيلي بقيمة التراث، يحتضنها شارع المعز لدين الله الفاطمي التاريخي، الأكثر حيوية في قلب القاهرة، حيث تغيرت سمة الشارع هذه الأيام مع تحول الآثار الإسلامية التي تقف على جانبيه بعمارتها الفريدة لمتحف مفتوح وقاعات عرض غير تقليدية تحتضن خطوط الفن التشكيلي المعاصر.
فزوار الشارع من المصريين والسائحين، الذين يقدرون بالآلاف يوميا، يمكنهم التمتع بجولة بين 4 أماكن أثرية هي مقعد ماماي السيفي، ومجموعة السلطان قلاوون، وبيت السحيمي، وقاعة محب الدين، لمشاهدة أعمال معرض «سرديات معاد تخيلها»، التي تتسم بأنها أعمال فنية معاصرة تتنوع بين الأعمال المركّبة وتصميمات في الفراغ ومؤثرات صوتية ومرئية.
فعلى مدار أسبوعين، يمكن التعرف على ما يقدمه 28 فناناً مصرياً من رؤى فنية، بعد أن عملوا على مدار عام كامل للبحث في تاريخ الأماكن الأثرية التي سيعرضون بها أعمالهم، من أجل خلق أعمال فنية مركبة تتماشى مع طبيعة هذه الأماكن، حيث تقوم فكرة المعرض على إيجاد علاقة بين الأعمال المعاصرة المقدمة والأماكن الأثرية التي ستعرض بها.
ولأجل إيصال هذا الهدف، يصحب الزائر عدد كبير من المنظمين والمتطوعين من دارسي الآثار، حيث يقوم دورهم على استعراض تاريخ الآثار الأربعة، والتعريف بالفنانين وأفكارهم وأعمالهم.
وتقول منسقة المعرض، نادين عبد الغفار، رئيس مؤسسة «آرت دي إيجيبت»، المُنظمة للمعرض، بالتعاون مع وزارة الآثار المصرية ومنظمة اليونيسكو، إن «معرض (سرديات معاد تخيلها)، يأتي مع الذكري 40 لاختيار اليونيسكو شارع المعز كأحد أهم مواقع التراث في العالم، وذكرى مرور 1050 عاما على إنشاء القاهرة»، مضيفة: «إطلاق هذا المعرض الفني هو الثالث على التوالي للمؤسسة، وهدفنا أن ننقل التراث والإبداع المصري من خلال أعمال فنية معاصرة داخل أماكن أثرية لها طابع مميز بهدف إبراز قيمة التراث المصري، والتأكيد على أن الفن المصري ممتد منذ العصور القديمة حتى الآن، بما يعمل على تسويق مناطق مصر التراثية وفنونها البصرية من زاوية جديدة».
مع التجول بين الأماكن الأثرية الأربعة، يمكن التعرف على الفنانين المشاركين في المعرض، والذين كانوا شبه مقيمين فيها خلال الأشهر الماضية، لفهم طبيعة المكان حتى يستطيعوا التعبير عنه من خلال المزج بين الفنون المعاصرة والتراث القديم.
ففي بيت السحيمي، الذي يمثل درّة عمارة القاهرة في العصر العثماني، يأتي عمل الفنان أمير يوسف، المسمى «مساحات عائمة»، وهو عبارة عن تمثال متحرك ثلاثي الأبعاد، يستلهم فكرة راقص التنورة الذي يعتمد على سرعة الدوران، لخلق مناخ شعري وحركي يتلاءم مع المساحات المحيطة، ومع انعكاس الضوء عليه يبدو العمل كأنه راقص يُحلّق في الفضاء، بما يكشف عن آثار المكان ومساحاته.
في «السحيمي» أيضاً؛ يمكن مشاهدة عمل الفنان محمد بنوي بعنوان «موسم حصاد جديد»، من مكونات البوليستر والطين، الذي يمثل موسم حصاد القمح لدى الفراعنة بعد فيضان النيل، وكيف تنمو السنابل تحت ضوء الشمس بطول نهر النيل.
أما عمل الفنان إبراهيم أحمد فيحمل عنوان «محدش حتى يعرف هما فين»، والذي حول فيه بعض الأشياء والأدوات غير المستعملة والمهملة على أسطح المنازل «الكراكيب» إلى عمل تشكيلي مركب، حيث أعاد تشكيل هذه الأدوات وتحويلها إلى هيئة وحدة إضاءة «نجفة»، التي تضيء دائما المكان الذي توجد فيه، هادفا من ورائها إلى بعث رسالة حول المهمشين في التاريخ.
بالانتقال لمجموعة السلطان قلاوون، تلك المجموعة المعمارية الأثرية التي تضم مسجد ومدرسة وقبة وبيمارستان بُنيت على الطراز الإسلامي المملوكي، فنحن أمام تجهيز في الفراغ للفنان قوامه البامبو والقماش للفنان مدحت شفيق بعنوان «حانة الحكيم». والذي يُعرفه بقوله: «منحتني الدعوة للمشاركة في المعرض إحساساً كبيراً بالبهجة والفخر لوجودي في مكان يتسم بالسحر والتاريخ والقداسة؛ لذا جاء عملي ليتفاعل مع هذا الفضاء الفاتن ليكون بمثابة واحة ظليلة من هجر المدينة المزدحمة والصاخبة، ومقاومة العولمة التي تعمل على محو الجذور التاريخية»
قد يهمك أيضًا :
دافنشي "شخصية العام" في باريس و“اللوفر” يحتفي بمرور 500 عام على رحيله