أبوظبي ـ صوت الإمارات
نظَّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة، ضمن أنشطته وفعالياته العلميَّة والثقافيَّة المتنوعة، محاضرة بعنوان «حوار الحضارات والعلاقات الدولية» ألقاها وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق في جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية، الأستاذ الدكتور مصطفى شريف، بحضور نخبة من الدبلوماسيين والأكاديميين والمثقفين والإعلاميين وجمع غفير من الجمهور والمهتمِّين، وذلك مساء الأربعاء، في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بمقر المركز في أبوظبي.
واستهلَّ المحاضر كلامه بالشكر والتقدير لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة على الدعوة الكريمة التي لبَّاها من دون تردُّد «نظراً إلى العلاقات الممتازة التي تربط الجزائر بدولة الإمارات العربية المتحدة».
وجاءت المحاضرة متوائمةً مع إدراك مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن مسألة حوار الحضارات صارت تحتل مكان الصدارة في قائمة الاهتمامات لدى العلماء والنخب الفكرية والسياسية، ومراكز البحوث المختلفة والمؤسسات الدولية، حيث يشير الخبراء إلى أن هذا الموضوع أصبح مطروحاً بقوَّة على جدول أعمال الكثير من اللقاءات والفعاليات الدولية الثقافية والسياسية والاقتصادية، ولاسيَّما بعدما أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2001 عاماً للحوار بين الحضارات، وكرَّس منتدى دافوس الاقتصادي العالمي جلسة خاصة عام 2000 لتناول موضوع حوار الحضارات.
وأوضح الأستاذ الدكتور مصطفى شريف في محاضرته أن موضوع حوار الحضارات مهمٌّ وصعبٌ وشائك، وينطوي على ثلاثة محاور: محور تاريخي، وآخر جيو ــ سياسي، وثالث فكري. ونبَّه المحاضر على مقولة إن «الحضارات تنبتُ في أذهان الناس، ولذا فمن المهم تغيير ثقافتهم»، وذلك من خلال تأكيد أن التعارف والحوار بين الأمم والشعوب يستهدفان تعزيز التفاهم والتعاون.
ورأى المحاضر أن دولة الإمارات العربية المتحدة، التي استضافت على مدار عامين «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، تُعَدُّ نموذجاً عربياً ناجحاً في الجمع بين الأصالة والانفتاح على الآخر، والمشاركة في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة، عبر تحقيق معنى «الأمة الوسط»، التي ترتكز إلى مفاهيم الحكمة والعقلانية والقوة الأخلاقية واحتضان المنهج السلميّ.
ولفت المحاضر أنظار الحضور إلى أنه بقدر ما فشلت مشروعات التغريب والهيمنة على الشعوب العربية والإسلامية بقدر ما فشلت محاولات توظيف الدِّين لأغراض سياسية، وكذلك مشروعات التطرُّف والتشدُّد الديني، التي أضرت بحوار الحضارات، بل عزَّزت مقولات «المؤامرة» و«صدام الحضارات» و«عولمة الأمن»، وصعَّدت من «الإسلاموفوبيا» في المجتمعات الغربية، على وجهٍ خاص.
وأكَّد شريف الحق في القول إنه ليست هناك حداثة ذاتُ بعد واحد، وليس هناك نموذج واحد للحضارة والتقدُّم، ما يعني ضرورة الجمع بين التكامل الإنساني وتحقيق التنوع الثقافي والديني، مشيراً إلى أن الحوار يعني القابلية للتغيُّر، وإلا بات بلا معنى، مؤكداً في هذا الصدد أمرين اثنين: أولهما، أهمية ديمومة هذا الحوار، سواء أكنَّا أقوياء أم ضعفاء، وثانيهما، الحرص على عدم تذويب المحليِّ والخاص من أي حضارة إنسانية جديدة، لأن بناء نموذج حضاري إنساني جديد ينبغي أن يقوم على الحرص على التعددية والتنوَّع.
وفي ختام محاضرته أجاب المحاضر عن أسئلة الحضور، ودار نقاش ثريٌّ مع الجمهور الذي أبدى شكره وسعادته لاستضافة هذه الفعالية المهمَّة والمميزة.