خورفكان - جواد الريسي
يعرف المواطن محمد صالح النقبي من منطقة الزبارة في خورفكان من الرجال المحبين للتراث والمحافظين على عادات وتقاليد الآباء والأجداد، بعكس أبناء الحضر الذين أثرت فيهم بعض العادات والتقاليد الغريبة، كما لا يزال النقبي يمارس بعض المهن التقليدية المتنوعة وبعض الحرف القديمة التي تعلمها من الأجداد .
وللمحافظة على التراث الإماراتي من الضياع والاندثار وتقديم علامة بارزة على إنجازات المجتمع وإبداعاته وأسلوب تفاعله مع البيئة الطبيعية المحيطة وكيفية التعامل معها وتسخير مواردها لإشباع احتياجاته المتعددة قام النقبي بإنشاء متحف تراثي داخل مزرعته في منطقة الزبارة يضم العديد من المقتنيات الفخارية والأواني النحاسية والمعدنية والأدوات التي صنعها الإنسان الإماراتي واشتقها من البيئة الطبيعية المحيطة به ومن الحيوانات والنباتات لتلبية متطلباته واحتياجاته المتعددة، حيث يضم العديد من أدوات الزراعة والخياطة واللباس والزينة والأزياء والمبلوسات وأدوات المرأة والأثاث المنزلي وأدوات الشرب والطعام والقهوة وبيت الشعر والأدوات الخاصة بالحيوان ونحوها، والمقتنيات الخاصة ببعض المهن القديمة التي كان الآباء والأجداد يعملون بها خاصة مقتنيات أهل البحر والجبال .
ويعرض أحد أركان المتحف الملابس التراثية والتقليدية لكافة أفراد المجتمع الإماراتي قديما وبعض المشغولات والإكسسوارات القديمة التي كانوا يستخدمونها آنذاك، ويعرض من خلال المتحف أيضاً غرف نوم الصغار وبعض مقتنيات العلاج بالطرق القديمة، كما يضم في الخارج مطبخاً تقليديا يحوي العديد من الأدوات وأواني الطبخ القديمة وبعض أساليب إعداد وطهي الطعام بالطرق القديمة، إضافة إلى بئر ماء يسمى "الطوي" والعديد من المجسمات لمختلف العادات والتقاليد القديمة التي ترصد طقوس الأهالي قديماً في العديد من أنماط الحياة اليومية .
ويقول النقبي: منذ أكثر من 40 عاما وأقوم بجمع هذه المقتنيات والأدوات التراثية الخاصة بالآباء والأجداد والحفاظ عليها من الاندثار وأعمل بكل جهدي ليلاً ونهاراً لإحياء التراث الشعبي وغرسه في نفوس الأجيال الجديدة لتدعيم التمسك بالعادات والتقاليد الأصيلة ولتعريف الأجيال التي تزور منطقة الزبارة التاريخية والطبيعية بماضي الأجداد والآباء، وبقساوة الحياة التي عاشوها، قمت بإنشاء هذا المتحف التراثي الذي يبرز تراث منطقة الزبارة في خورفكان بشكل خاص وتراث الإمارات عموما .
ويؤكد النقبي أنه ما زال يمارس العديد من المهن التقليدية القديمة ومنها مهنة صناعة الأحذية الخشبية والتي تعرف بما يسمى "القرحاف" كما يقوم بصناعة السيوف والخناجر بالأساليب القديمة ويمارس طرق العلاج التقليدية ويمارس مهنة صناعة الأسمنت الأبيض الذي يتم بالطرق القديمة من خلال استخدام حفرة عميقة بالقرب من الساحل البحري للمنطقة تسمى "المهكة"، باستخدام جذوع أشجار النخيل ومحار اليشم الأبيض وحرقهم بالحفرة .
وعن الأسباب التي دفعت النقبي لإنشاء متحف في مزرعته يقول إن الهدف الأبرز هو التوعية بإرث الأجداد والانفتاح على العالم حيث يتوافد سنوياً العشرات من الزائرين الأجانب من مختلف البلدان في أوروبا وآسيا وأميركا لزيارة متحفه بمزرعته الواقعة على مدخل منطقة وادي الوريعة الطبيعية السياحية والتي أصبحت مزاراً للزوار من مختلف أنحاء العالم، وهذه فرصة كبيرة لنقل صورة التراث الإماراتي للسياح والزوار وإبراز مدى اهتمام أبناء هذه الأرض الطيبة بوطنهم واعتزازهم بهويتهم وتاريخهم المجيد ففي النهاية إذا لم نقم نحن بحفظ تراث الأجداد فمن سينقله إلى الأجيال اللاحقة .