احد الاثار في مدينة العين

يتميز خلفان بن ملهم الظاهري عن أغلب الرواة بأنه اتخذ رواية التراث مهمة وعملا اقتنع به منذ ما قبل قيام دولة الاتحاد، وظل يصرف له وقته إلى آخر عمره، وقد وعى بفطنة تلك المهمة فعمل على توثيق ما يمكن توثيقه من التراث، وساعده على ذلك أنه عمل في مجال التراث، فقد عمل مرشدا لخبراء الآثار والبعثات التنقيبية التي كانت تعمل في منطقة العين، وذلك قبل أن يلتحق بإدارة الآثار والسياحة في العين سنة 1972 .

ولد خلفان الظاهري عام 1935 في العين التي تمتاز منطقتها بكثرة القلاع والحصون، وقد خبر المنطقة منذ صغر سنه من خلال جولاته مع أبيه الذي كان يعلمه القنص وتربية الصقور والإبل، ويذهب به في جولاته التجارية في المنطقة، ما أكسب الابن خلفان خبرة جيدة بالمنطقة، وتضاريسها ومسالكها، كما أن عمله في قوة كشافة ساحل عمان عام 1955 زاد من معرفته بالمنطقة، فأهّله ذلك لأن يعمل كدليل لفرق البحث الأثرية، ويقول الباحث عبد العزيز المسلم في دراسة له عنه "أما مدينة العين ومحيطها الكبير فقد كانت الملعب الرئيسي لإبداعات ابن ملهم الظاهري، فتلك المدينة التي تزخر بالمواقع الأثرية والقلاع والحصون والأطلال الشاخصة، كانت خريطة مواقعها الأثرية والتراثية في مخيلته دائماً، وقد كان خير مرشد لبعثات التنقيب الأثرية والعربية والأجنبية التي كانت تجوب المنطقة للتنقيب عن الآثار حتى قبل أن يلتحق رسمياً كموظف بإدارة الآثار والسياحة" .

استطاعت مرويات خلفان الظاهري وإرشاداته القيمة أن تساعد الباحثين في معرفة الكثير عن تاريخ القلاع والحصون والمواقع الأثرية في منطقة العين، فقد خبرها بدقة، وكان يتحدث بتفاصيل تاريخها، ومن أشهر تلك المواقع حصن المريقب الذي بناه الشيخ شخبوط بن زايد في عام 1820م، وهو أحد الحصون التي كانت تستعمل للأغراض الدفاعية عن مدينة العين، وحصن الجاهلي، ويعد من روائع الآثار الإماراتية، والحصن الشرقي ويعد تحفة الأبنية المحصنة في المدينة، وقد بناه الشيخ سلطان بن زايد عام 1328 هجرية، وهناك مواقع منطقة هيلي الأثرية التي توجد فيها شواهد لحياة مدنية تعود إلى عهود تاريخية سحيقة، وجبل حفيت الذي يعد معلماً تراثياً وسياحياً بارزاً في العين .

يستدل خلفان الظاهري بالآثار والقلاع وأشكال الفنون المعمارية التقليدية على ما وصل إليه الإماراتيون قديما من احتراف في مجال العمران، وعلى كون تفكيرهم قادهم إلى الاستفادة القصوى من معطيات البيئة وموادها، فكان أساس البناء من الحجارة والطين، وجذوع النخل وسعفه والطين وهي مواد متوفرة في المنطقة، كما يشير إلى أن القلاع والحصون بشكل خاص كانت معدة بحيث تستطيع أن تكون منصّات دفاع تلقائي عن ساكنيها وتصد الرصاص والاقتحامات المفاجئة، كما كانت تشيد فيها أبراج ذات نوافذ صغيرة تسمح للحراس بتصويب مدافعهم في كل الاتجاهات لصد هجمات العدو، ما يعني أنهم اكتسبوا خبرات متقدمة في مجال الخطط الدفاعية في ذلك الزمن، واستطاعوا أن يحافظوا بها على أرضهم ومجتمعهم من صولات الأعداء وقطاع الطرق والطامعين في أرضهم .

حظيت خبرات خلفان الظاهري في مجال الآثار بتقدير من طرف دوائر حكومية عدة، وكرمته إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة أكثر من مرة ووضعت اسمه في السجل الذهبي للكنوز البشرية الوطنية، لما أفاد به مدونة التراث في الإمارات من معلومات ومرويات استطاعت أن تعرف بجوانب كثيرة منه وأن تحافظ عليه من الاندثار .