دبي – صوت الإمارات
استضافت ندوة الثقافة والعلوم في دبي مساء الأربعاء الماضي، الكاتبة الإماراتية عائشة سلطان في ندوة لمناقشة كتابها الصادر حديثًا "هوامش في المدن والسفر والرحيل"، تحدثت خلالها حول مشروع الكتاب، والمواقف التي جمعتها خلال أسفارها، واللغة والتقنيات السردية التي كتبت فيها.
جاءت الندوة التي أدارتها الشاعرة شيخة المطيري، افتتاحًا لفعاليات نادي الكتاب الذي تنظمه اللجنة الثقافية في الندوة، ويستضيف في برنامجه سلسلة من الكتاب لطرح تجاربهم في حلقة نقاشية نقدية، تكشف كواليس الكتابة وتبين تفاصيلها.
واستعرضت سلطان خلال حديثها عن الكتاب تجربتها في الوقوف عند هوامش المدن التي زارتها، وسبب اختيارها لعنوان الكتاب، مشيرة إلى أن تنوع تجاربها الكتابية الموزعة على المقال، والنص النثري، والقصة القصيرة جعل مادة الكتابة تتشكل ضمن كل هذه الأجناس الإبداعية.
وأكدت عائشة سلطان: "إن في السفر حكايات لا يجب أن نمر عليها مرور الكرام، فلكل مسافر انطباعه عن المدن التي يزورها، وعينه في التقاط المشاهدات، فقد نزور مدينة واحدة، لكن كلا منا يخرج بانطباع خاص، ويذهب إلى الأماكن التي يفضلها، وحتى أنه يشتري التذكار الذي يعجبه، وكأن كلا منا زار مدينة مختلفة رغم أننا مكثنا في مدينة واحدة".
وبينت عائشة سلطان أنها في كل مرة كانت تسافر فيها لم تكن تذهب إلى معالم المدن السياحية المعروفة وإنما تذهب إلى عمق المدينة وأحيائها الشعبية وأسواقها القديمة، لتعرف جوهر المدن وحركتها الحقيقية، فتقول: "حين زرت بانكوك لم أذهب إلى الفنادق والساحات السياحية والمقاهي الفارهة، ذهبت إلى الأسواق الشعبية التي تتبدل في ساعات قليلة وقد تقام على سكة حديد أو رصيف، وتتحول بعد ساعتين إلى مقهى، أو محل لخياطة الملابس، حيث تلمست شخصية الفرد في بلاد شرق آسيا الذي يعيش رغم كل شيء ويتحدى كل الظروف ولا يأبه بالمعضلات وإنما يتجاوزها بفرح وحب".
وأشارت عائشة سلطان إلى المدن التي سافرت إليها انطلاقًا من دبي وتقول: "أول مدينة كتبت عنها هي دبي، فهي التي علمتني الأبجدية والحب، إذ لا يمكن لمدينة أخرى غير وطنك أن تعلمك الأبجدية، فنحن نزور المدن لفترات قليلة وتحدث فينا تغيراً كثيراً، وفي كل مرة تضيف إلينا جديداً، لكن نبقى مشدودين إلى الأرض التي ولدنا فيها وتربينا فيها".
وتضيف عائشة سلطان: "إن مجتمع دبي ابن البحر الذي لا يتوقف عن السفر، فأبناء البحر مفطورون على السفر، إذ لا زلت أذكر المرات الأولى التي سافرت فيها وأنا طفلة، كنا نخرج فيها من دبي بحثاً عن الماء وبرودة الطقس في الصيف، فكنا نخرج إلى عُمان، وكنت اسأل أمي في كل مرة نسافر فيها: لماذا نسافر، وكانت تقول: للحصول على الماء".
وتعتبر عائشة سلطان أن السفر ضروري يجب أن نعيشه ونجربه ولا نؤجله، فالكثير من الأشخاص يدخر الوقت والمال للسفر، إلى أن يتقدم به العمر، ويجد أنه ادخر كل ذلك، ولم يستطع ادخار الشغف، والصحة، والدهشة، فلم يعد للسفر في حياته المتعة التي يمكن أن يحصلها وهو في عز طاقته.
وأثارت مداخلات الحاضرين عددًا من القضايا حول الكتاب، فذهبت بعض المداخلات إلى أن الكتاب كان يلزمه تعميقاً أكثر من حديث بعض المعالجات والجمل التأملية التي طرحتها سلطان، في ما ذهب البعض إلى أن الكتاب كان موفقاً في التكثيف والرشاقة على صعيد اللغة والمعالجة والمشاهدات.
واعتبرت عائشة سلطان بعض المداخلات أن أسلوب المقال ظل مسيطرًا على سلطان في كتابتها فحد من مرونة النص وانسيابيته، على الرغم من أنه كان يمكن أن يكون سرداً متواصلاً أكثر جمالاً وتفصيلاً، في ما اعتبرت سلطان أن الكتاب يتناسب مع روح القراءة السريعة السائدة اليوم، التي تدفع الشباب إلى القراءة ولا تدخلهم في تعقيدات لا يتسع الكتاب لها.
واختتمت الندوة بتسليم رئيس مجلس إدارة الندوة سلطان صقر السويدي، شهادة تكريم للكاتبة عائشة سلطان، على مشروعها الإبداعي، ومجمل نشاطها وحضورها في الحراك الثقافي الإماراتي.
يشار إلى أن عائشة سلطان كاتبة عمود صحافي لها تاريخها الطويل في المقال، ومؤسسة دار ورق للنشر، ولها عدد من الإصدارات منها: (مقالات ) و(شتاء الحكايات) و(في مديح الذاكرة )، ويأتي كتاب "هوامش في المدن والسفر والرحيل"، في 213 صفحة من القطع المتوسط، ويضم 49 عنواناً منها: "تفاصيل مدينة شرقية"، و"حديث أمي ومدينتي"، و"ما هي البهجة"، و"جاري الوحيد في المدينة"، وغيرها من العناوين.