أبوظبي ـ سعيد المهيري
أكدت ندوة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات حول قانون "مكافحة التمييز والكراهية" أن شعب الإمارات اعتاد على احترام الآخر والتعايش السلمي، منذ المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، وأن القوانين والتشريعات تعزيز لتلك الفطرة السوية، وحماية المجتمع من تداعيات جرت حولنا بالمنطقة، وخاصة مع بدء ظهور بعض النعرات وحالات التأجيج بين الطوائف، التي انتقلت من الجانب الآخر، وأن تحصين المجتمع ووقايته جل اهتمام القيادة الرشيدة.
وتناول المشاركون بالندوة التي حضرها حبيب الصايغ رئيس اتحاد الكتاب والأدباء، وقدمتها الدكتورة مريم الشماصي رئيس جمعية الناشرين الإماراتيين، عددًا من القضايا المهمة المرتبطة بالقانون، كما فتحت الباب لنقاشات متعلقة بالقضية، ودور التعليم والثقافة والإعلام في التعريف والتطبيق للقانون، ودور وزارة الداخلية وآليات التعامل مع القضايا التي سينسحب عليها القانون.
وأكد نائب مدير إدارة حقوق الإنسان في وزارة الداخلية العقيد محمد علي الشحي، أن المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات جبلوا على التسامح وحب الآخرين والعيش بسلام منذ نشأة الدولة، مشيرًا إلى الإمارات واستنادًا إلى الشريعة الإسلامية، رسخت مبدأ المساواة وعدم التمييز في تشريعاتها، وهذا القانون ليس أول قانون يصدر في هذا الخصوص، إذ إن الدولة ركزت في الجانبين التشريعي والإجرائي على هذا الموضوع في خطوات كثيرة منها: قانون مكافحة الإرهاب، وقانون جرائم تقنية المعلومات، والكثير من الإجراءات والتدابير والخطاب الديني لتعزيز مسألة المساواة في التشريعات والقوانين.
وأشار إلى أن وزارة الداخلية تركز على الهدف من هذا القانون، كونه يكبح جماح الأشخاص المتهورين والمتطرفين داخل الدولة وخارجها من الإساءة وإثارة النعرات والكراهية بين الشعوب والقبائل والديانات، لافتًا إلى أن هذا الهدف ينسجم مع هدف وزارة الداخلية في تحقيق الأمن والسلامة العامة وحماية الأرواح، موجهًا الشكر للمشرّع الإماراتي على هذا القانون.
وفيما يتعلق باختصاص وزارة الداخلية في تطبيق هذا القانون، أوضح أن للوزارة في هذا المجال اختصاصين، أولهما الضبط الإداري الوقائي قبل وقوع الجريمة، وثانيهما الضبط القضائي وهو إجراءات ما بعد وقوع الجريمة بالتنسيق مع النيابة العامة والقضاء، كما استعرض استراتيجية الوزارة في الفترة الممتدة من 2014 إلى 2016، مشيرًا إلى أن رؤية الوزارة «أن تصبح الدولة من أكثر الدول أمنًا وسلامًا، في العالم».
ونوه بأن الأهم بالنسبة لوزارة الداخلية هو ما يتعلق بالضبط الإداري الوقائي، لأهمية التوعية ونشر الثقافة بين الناس للوقاية من الجرائم التي ينص عليها القانون، إلى جانب الإجراءات الجزائية بعد وقوع الجريمة، من خلال تقبل الشكاوى فيما بتعلق بكل القوانين وبالأخص القانون الأخير بشأن مكافحة التمييز، مشيرًا إلى جهود وزارة الداخلية فيما يتعلق بمسألة القرار الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي رعاه الله، وهو المسمى بـ«وثيقة سلوكيات المواطن الإماراتي»، التي تصب في مصلحة قانون مكافحة التمييز، مؤكدًا على أهمية التوعية ودورها الجوهري في تطبيق هذا القانون.
وأوضح أن لكل جريمة أركان، منها الركن المادي والمعنوي، والعلاقة السببية، فإذا كان الهدف من الحوار الإساءة إلى إنسان لديانته أو عرقه يحال الموضوع إلى النيابة العامة التي تتأكد بدورها من توفر هذه الأركان من عدمه، مشيرًا إلى أن صدور القانون في هذا الوقت مرجعه إلى الأوضاع التي تعيشها المنطقة العربية، إضافة إلى عدة إفرازات أخرى مثل تعدد الطوائف وتأثر الدولة بالأحداث التي تحدث في دول أخرى، مثل الإساءة للرموز الدينية كما الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، وغيرها من الأحداث والأزمات التي تواجهها الدول الأخرى، ما دفع المشرّع الإماراتي إلى استباق الوقت لئلا تصل هذه الأزمات إلى الدولة، ليشمل القانون صورًا وحالات كثيرة قد لا تكون موجودة في المنطقة، بهدف إغلاق الباب بوجه كل ما يمكن أن يثار سواء على المستوى القبلي أو على مستوى الأديان.
وأكد الدكتور علي قاسم الشعيبي، الخبير والمفكر الإعلامي الإماراتي، أهمية تجديد الخطاب الإعلامي لتعريف العامة بالقانون وأهميته وعدم اقتصار ذلك على النخبة، فضلًا عن ضرورة التنبه إلى خطورة الخطاب الإعلامي الإقصائي الذي يظهر في مجموعة من الفضائيات العربية ذات التوجه الديني البحت، وهو خطاب ديني تعبوي يحاول تغليب فئة على أخرى، ويستهدف الشباب تحديدًا واستمالتهم.
وتطرق إلى 3 نقاط أساسية تتعلق بهذا الموضوع، أولها الخطاب الإعلامي الموجه للأطفال، مشيرًا إلى أن كل الرسوم المتحركة منذ التسعينيات إلى الآن فيها دعوات واضحة للعنف والقتل وأخذ الحق باستخدام العنف، مطالبًا بوجود مراكز أبحاث في وزارات الثقافة على مستوى الوطن العربي لدراسة محتوى ومضمون هذه الأفلام، ما يتسبب بالكثير من المآسي، موضحًا أن ثاني الأمور المرتبطة بالخطاب الإعلامي، يتجلى في صناعة الدراما العربية، وخاصة الخليجية، إذ حصلت هناك طفرة في الكم خلال السنوات الأربع الأخيرة وليس في الكيف، مؤكدًا احتواء بعض أعمال الدراما الخليجية على مضامين هدامة للقيم، وكوراث في الدراما، أما الثالث فيتعلق بصناعة البرامج التلفزيونية التي اعتمدت في السنوات العشر الأخيرة على عنصر الإمتاع فقط، وصناعة النجوم، مشددًا على ضرورة وجود برامج إذاعية تهتم مع جميع وسائل الإعلام بتعريف العامة بالقانون وأهميته.
وتساءل الشعيبي: «من سرق منا المسرح المدرسي وعدم وجود كتاب ومسرحيين، كون المسرح أبو الفنون، كما أن وجود كاتب للمسرح والدراما هو العمود الفقري الكفيل بإيجاد خطاب إعلامي قادر على مواجهة الكوارث والأزمات».