أبو ظبي ـ صوت الإمارات
نظمت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، مساء أمس الأول الثلاثاء ، في منارة السعديات أولى جلسات سلسلة "ملتقى متحف زايد الوطني" الحوارية تحت عنوان "متحف وطني، هوية وطنية"، والتي تعقد تمهيداً لافتتاح متحف زايد الوطني، ترأس الجلسة الأولى الدكتور زكي نسيبة، المستشار الثقافي في وزارة شؤون الرئاسة، ومدير المتحف البريطاني نيل ماكغريغور، ، وأدارتها سلامة الشامسي، مديرة مشروع متحف زايد الوطني في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة .
تحدث الدكتور زكي نسيبة في ورقته عن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وسيرته ومسيرته والظروف التي تكوّن فيها وما اكتنفها من مخاطر وأزمات محلية وإقليمية وتحديات كبرى واوضح "الشيخ زايد رحمه الله هو ابن الصحراء والبادية تشرب منها المناقب والمآثر العريقة، حكيم بفطرته شديد الفخر بتراث قومه شديد الاعتزاز بحضارته وعميق الإيمان بتعاليم دينه السمحة" .
وأضاف "ولد الشيخ زايد رحمه الله وترعرع في بيئة صحراوية قاسية ومنعزلة لم تتوفر فيها أبسط وسائل التعليم والصحة، لكنه كان متقدماً على زمانه في حكمته وإنسانيته، وصفاته القيادية غير الاعتيادية على موعد مع القدر لبناء مستقبل أمته ولخير الإنسانية، كما كان واسع الأفق والإدراك يعي الماضي بكل عبره ويعيش الحاضر بكل مكتسباته ويرعى الانطلاق نحو مستقبل يواكب الحضارة الإنسانية مؤمناً بضرورة الانفتاح على العالم والتحديث والتقدم، بما يحقق الرخاء والأمن لشعبه"، وكان رحمه الله مدرسة ومؤسسة وثقافة وأسلوب حياة ونظام عمل وعقيدة ركيزتها التضحية والسهر على راحة الآخرين" .
وتوقف نسيبة عند عناصر القيادة في شخصية حكيم العرب الشيخ زايد مشيرا إلى أن شخصيته كانت تتسم بالمصداقية، النزاهة، الحكمة، الاعتدال، عدم التسرع في اتخاذ القرار، الحسم عند الحاجة، المروءة بما تشمله من شهامة، ونبل، وعطاء، كما كان عميق التدين والإيمان، مؤمنا بالتسامح والمحبة بين جميع البشر، له رؤية ثاقبة وعزيمة لا تعترف بالمستحيل، ومحبة للوطن والعمل على إسعاد ورفاهية وأمن المواطن، وكان عروبي العقيدة إسلامي التوجه، يؤمن أن الجنس البشري أسرة واحدة، منفتح على العالم المعاصر مع الحفاظ على التراث والجذور .
وتساءل نسيبة لماذا متحف زايد الوطني؟، مشيرا إلى أن ثمة العديد من العوامل الجوهرية التي تستدعي وجود هذا المتحف، أولها أن الإمارات العربية المتحدة في هذا العام (2015) تحتل مركزاً ريادياً على الساحتين الإقليمية والعالمية، وتحوي 9% من احتياطي البترول والغاز في العالم، وتضاعف الناتج القومي 190 مرة منذ 40 سنة، وتتضمن معالم حضارية شامخة، ومشاريع تنموية عملاقة، تكنولوجيا المستقبل .
وأكد نسيبة أن المتحف يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف من أهمها: أن يكون متحفا وطنيا لأبوظبي والإمارات العربية المتحدة، وأن يسرد قصة الإمارات على أنها "ملتقى حضارات العالم"، وأن يحتفل بمنجزات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأن يبرز دور الإمارات ومكانتها في الشرق الأوسط، وأن يستقبل بصدر رحب جميع الناس، مستشهدا بمقولة ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الفريق الأول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، "متحف زايد الوطني درة التاج بين المتاحف العالمية" .
وأشار إلى أنه تم اختيار أفضل شركات الاستشارات الهندسية العالمية لتصميم المتاحف كمعيار فني لجودة وتميز المتحف .
وتناول الاستراتيجية الثقافية التي تجسّد كون الثقافة والتعليم أساس التنمية المستدامة، والحفاظ على التراث والجذور مع الانفتاح على العالم، في دولة تعتبر موطناً حاضناً لمجتمع المعرفة، لافتاً إلى أن رؤية المتحف ترتكز على الإبداع في الثقافة والفنون، وصياغات سياسات وحفظ مشاريع من شأنها الحفاظ على تراث الدولة الثقافي والعمل على تنفيذها، وتنظيم ورعاية المعارض والمؤتمرات وورش العمل وغيرها من الفعاليات الثقافية والتراثية، وصون المواقع الأثرية والتاريخية وإدارتها والحفاظ عليها، وترويج الأنشطة التعليمية والتدريبية في مجال الثقافة والتراث والعمل على تطوير المهارات التخصصية المطلوبة للقيام بذلك .
وتحدث نسيبة عن المنطقة الثقافية في السعديات والتي ستوفر مجموعة متنوعة من التجارب الفريدة من نوعها على مستوى عالمي، وتعمل على تحقيق التوازن بين تراثنا العريق والغني بالقيم الإسلامية والعربية مع تطلعاتنا العالمية المنفتحة على الآخر والمتفاعلة مع حضارات البشرية، وتشكيل جسر يربط بين الثقافة المحلية والعالمية .
ولفت إلى أن رسالة الثقافة ترمي إلى المحافظة على الهوية الوطنية والثقافية الإماراتية في مواجهة التحديات التي تواجهها، وحماية التقاليد والعادات والمعتقدات الإماراتية، كما أن رسالة أبوظبي الثقافية تهدف إلى الإسهام في بناء مجتمع المعرفة في إطار بيئة تعليمية متميزة تمكّن الأجيال الصاعدة من المنافسة والإبداع في مواجهة تحديات القرن الجديد .
وتحدث نيل ماكغريغور عن أهمية المتاحف الوطنية، والتي من بينها متحف زايد، ودورها في حفظ تاريخ الدول وذاكرة الأمم والشعوب، والمحافظة على مقتنياتها .
واستعرض أقسام متحف زايد التي تحكي قصة الإمارات، أولها قسم الشيخ زايد، وإنجازاته ومقتنياته، وقسم عن الإمارات والبحر، وقسم عن الإسلام، ومن الفترة المعاصرة سيتم عرض سيارة ابتكرتها طالبة إماراتية وعرضت في معرض "100 قطعة تحكي التاريخ"، كما ستضم مقتنيات المتحف باقة نفيسة من الأعمال الفنية والأثرية التي تعود لمختلف الحضارات الإنسانية العريقة التي قامت على أرض الدولة ومنطقة الشرق الأوسط ككل .