باريس – محمد حسن
تنطلق بطولة أوروبا لكرة القدم 2016 في باريس بمشاركة عدد من الفرق أكبر من أي وقت مضى الجمعة في ظل أربعة أسابيع من الاحتفالات تبشر بتجاوز اللعبة لفضائح الفساد والمخاوف الأمنية التي ألقت بظلالها على الاستعدادات للبطولة، وستكون كل الأعين على فرنسا البلد المضيف عندما تفتتح المنافسات ضد رومانيا في استاد فرنسا بعد 210 أيام من إطلاق انتحاريين في الموقع نفسه إشارة بدء ليلة مرعبة في أرجاء العاصمة أسفرت عن مقتل 130 شخصًا، وكان من المفترض أن تكون لحظة فخر لميشيل بلاتيني الرئيس السابق للاتحاد الاوروبي لكرة القدم، وحقق لاعب فرنسا الكبير - الذي قاد بلاده لإحراز اللقب على أرضها في 1984 - رغبته بتوسيع البطولة ليشارك فيها 24 فريقا وهو رقم قياسي.
لكن الإيقاف لأربع سنوات بعد تورطه في فضيحة فساد الاتحاد الدولي (الفيفا) التي هزت اللعبة يعني أنه سيكون من أبرز الغائبين، وفي ظل هذه الخلفية لا يمكن إلا التمني بأن تنجح البطولة - وهي الأولى منذ الكشف عن فضيحة الفساد الصيف الماضي والأخيرة التي يستضيفها بلد واحد قبل أن تقام في عدة دول عبر أوروبا في 2020 - في صنع لحظات لا تنسى على أرض الملعب.
وبالتأكيد هناك إمكانية لذلك مع إقامة 51 مباراة في 31 يومًا في جميع أنحاء فرنسا من لانس مدينة مناجم الفحم إلى مارسيليا على ساحل البحر المتوسط، وستأمل فرق غير مألوفة أن تثبت أحقيتها في المشاركة والدفاع عن أفكار بلاتيني الذي تعرض لانتقادات من قبل البعض لتفضيله الكم على الجودة.
لكن الشكل الجديد من المفترض أن يثبت مجددا أن الكبار سيرتقون للقمة حتما وأن فوز اليونان المفاجيء عام 2004 كان بالتأكيد الاستثناء، واحتفظت إسبانيا باللقب قبل أربع سنوات في بولندا وأوكرانيا بمشاركة 16 فريقا فقط وستكون مرشحة للفوز للمرة الثالثة على التوالي رغم أن ألمانيا البطلة ثلاث مرات وإيطاليا وصيفة البطل في 2012 وفرنسا وإنجلترا العائدة للحياة سيكون لهم جميعا فرصة.
وتظهر منتخبات أيرلندا الشمالية وألبانيا وأيسلندا وسلوفاكيا وويلز للمرة الأولى في النهائيات التي تصنف بعد كأس العالم من حيث القيمة كما أنها ليست بعيدة للغاية في الجودة، وبالنسبة إلى حرس إسبانيا القديم قد تكون بطولة اوروبا 2016 الظهور الأخير لأندرياس إنييستا وسيرجيو بوسكيتس وجيرارد بيكيه وسيرجيو راموس بعد الأداء المخيب في كأس العالم في البرازيل.
وسيحمل منتخب فرنسا الفائز باللقب في 1984 و2000 آمال بلد كامل ما زال يحاول تجاوز آلام الهجمات المسلحة العام الماضي، ويملك المدرب ديدييه ديشامب جودة رائعة تحت قيادته متمثلة في بول بوجبا لاعب وسط يوفنتوس والمهاجمين كينجسلي كومان وأنطوان جريزمان.
وستتطلع ألمانيا بطلة العالم للقبها الأول في بطولة اوروبا في 20 عاما بينما تسعى إنجلترا لأول انتصار دولي منذ فوزها بكأس العالم 1966، وأنهى الفريق الشاب للمدرب روي هودجسون التصفيات بالفوز في جميع مبارياته ويمتلك تهديدا حقيقيا أمام المرمى في ظل مستوى جيمي فاردي - أحد أبرز لاعبي ليستر سيتي بطل الدوري - وهاري كين مهاجم توتنهام هوتسبير.
وبسبب النظام الجديد ستودع ثمانية فرق فقط البطولة من المجموعات الست مع تأهل أربعة من أصحاب المركز الثالث إلى دور الستة عشر، وعلى الورق تبدو مجموعة إسبانيا هي الأصعب مع وجود جمهورية التشيك وتركيا وكرواتيا بينما يجب أن تتصدر فرنسا بسهولة مجموعتها التي تضم ألبانيا ورومانيا وسويسرا.
ويجب أن تتوخى إيطاليا أيضا الحذر من تشكيلة تبدو خطيرة لبلجيكا وأيرلندا والسويد التي تمتلك واحدا من أبرز لاعبي البطولة وهو زلاتان إبراهيموفيتش، ويتنافس آخرون على سرقة الأضواء ومن بينهم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي قدم أداء مخيبا للآمال في كأس العالم ويصارع الزمن من أجل حصد لقبه الأول مع بلاده.
ومن بين المشاركين لأول مرة سيضيف ظهور أيسلندا بعدا جديدا إذ بعد التفوق على هولندا في التصفيات سيكون على منافسيها في المجموعة البرتغال والنمسا والمجر التعامل معها بجدية، ولن يكون منتخب ويلز منافسا بسيطا أيضا إذا قدم جاريث بيل - الذي قاده لأول نهائيات منذ كأس العالم 1958 - أداء قويا وكان في حالة بدنية جيدة.