مؤتمر الخليج العربي والتحدّيات الإقليمية

أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور بن محمد قرقاش أنَّ دولة الإمارات العربية المتحدة جزء من التوافق الدولي ضد التطرف، شأنها شأن جميع دول الخليج ومعظم الدول العربية والعالم.
وأضاف قرقاش في عدد من التغريدات على صفحته الرسمية في "تويتر" عقب مشاركته في مؤتمر الخليج العربي والتحدّيات الإقليمية الذي بدأ أعماله في الرياض أمس الثلاثاء، أنَّ الالتزام السياسي العربي بدعم الجهود الدولية ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والتطرف تكرّس عبر مجموعة من المؤتمرات في القاهرة وجدة وباريس، قائلًا "التطرف خطر يهددنا جميعًا".

 وأوضح: إنَّه مع الدعم السياسي نرى الإسناد اللوجستي الذي بدأ في العديد من الحالات ومن دول عربية عديدة، الكل يدرك ضرورة العمل الجماعي لدرء خطر مشترك، مضيفًا: إنَّ التطرف بالنسبة إلينا عنوانه ليس فقط "داعش".

وبيّن قرقاش أنَّ التحدي الأساسي الذي يجب أن "ننجح فيه مكوناته ثلاثة، الأول: ألا تكون الحملة ضد داعش حملة ضد السنة، فالتمييز والضمانات ضرورية للحشد والمساهمة, والثاني: ألا يكون المستفيد من ضرب داعش قوى إقليمية تمتد بنفوذها عربيًا على حساب المكون السني أو نظام فقد شرعيته وهادن داعش لحسابات انتهازية، والثالث: أن ندرك بوضوح أنَّ التطرف هو التطرف، ولا يوجد تطرف (خطير) وآخر (متوسط)، فهو يهددنا من اليمن والصومال إلى ليبيا وشمال أفريقيا".

وأكّد في كلمته أمس خلال افتتاحه مؤتمر الخليج العربي والتحدّيات الإقليمية، أنّ تحصين مجلس التعاون من الاستقطاب والصراعات العربية أساسي للعمل والبناء نحو المستقبل، وفيما أبان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي د. عبداللطيف الزيّاني، أنّ منطقة الخليج تواجه تحدّيات إثر وقوعها في محيط جغرافي مضطرب أفرز تهديدات صنعتها صراعات سياسية وطائفية خطيرة، دعا نائب وزير الخارجية السعودي الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز إلى التصدّي للمخاطر والتحديات التي تحيط بدول الخليج وإتباع منحى متعدّد لمواجهتها، فضلًا عن إنجاز تعاون إقليمي ودولي لاحتواء الصراعات، والتصدّي لظاهرة التطرف.
ولفت قرقاش إلى أنّ منظومة دول مجلس التعاون أثبتت دورها المحوري في استتباب الاستقرار والأمن الإقليمي خلال الأعوام الماضية، بما أكّد استعدادها لمجابهة التحدّيات المحلية وقدرتها على الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ الأمنية من خلال آلية "درع الجزيرة" للدفاع المشترك.
وتابع: إنَّ الالتزام السياسي ضد التطرف والدعم اللوجستي كما أشرت قرار اتفق الخليج والعرب عليه، ولكنَّ الشراكة الحقيقية تتطلب هذه الضمانات، مضيفًا: إنَّ الدروس السابقة علمتنا أنَّ الفراغ تم استغلاله خارجيًا وطائفيًا، وعلينا اليوم في تصدينا لداعش أن نضمن موقع المكون السني في العراق وسوريا.
وأشار إلى أنَّ تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" لا يمثل السنة ولكن التطرف الممزوج بالانتهازية، "وفي القضاء على داعش علينا أن نضمن ألا تقوم قوى خارجية وطائفية 
باستغلال الظرف"، خاتمًا بقوله: التطرف الذي يهدد عالمنا العربي ممتد ليشمل العديد من الدول العربية. لا بد للعالم أن يفهم أنه لا يستطيع أن يمارس الانتقائية في التصدي للتطرف.
وكان د. أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشئون الخارجية شدّد على الثقة في لعب مجلس التعاون الخليجي دورًا محوريًا في إعادة بناء الوسطية والاعتدال عبر رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وبيّن أنّ أبرز التطوّرات الراهنة تأثيرًا على المنطقة والتي تشكّل تحدّيًا لكل من الأمن القومي وللرفاه الاجتماعي والاقتصادي هي ما يسمى بالإسلام السياسي المتطرّف الذي بات يشل مسيرة العديد من دول المنطقة نحو التقدّم وبناء المؤسسات الشرعية، ما يبرز أهمية تمكين الفصائل المعتدلة على حساب المتطرّفة، لافتًا إلى قيام دولة الإمارات باستضافة مركز "هداية" الذي يساعد المجتمع الدولي على بناء القدرات وتبادل أفضل الممارسات لمواجهة التطرّف.

وأضاف  د. قرقاش أنّ «مجلس التعاون الخليجي يعمل مع الشركاء الدوليين لتعزيز قدرة المنطقة على الاستجابة للتحدّيات الأمنية بشكل جماعي»، مشيراً إلى أنّ «المجلس عمد إلى إنشاء أكاديمية أمنية لترسيخ ثقافة الأمن في المنطقة، فيما يعمل ككيان واحد مع الشركاء الدوليين في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية»، لافتاً إلى أنّ «دول المجلس تسعى إلى تعزيز قدرة تلك المنظمات للعمل بفعالية وبشرعية على قضايا الأمن الدولي».

وأكّد دعوة دول المجلس إلى تعزيز معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وتخلي إسرائيل عن قدراتها النووية والانضمام إلى مجموعة الدول المنزوعة السلاح، وإخضاع كل المرافق النووية لضوابط الوكالة الدولية للطاقة النووية، مشدّدًا على أهمية لعب المجتمع الدولي دوره لإحلال الاستقرار في اليمن، ولعب دول الخليج دورًا ديناميكيًا فاعلًا لحماية اليمن واستقراره.

من جهته، أكّد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي د. عبداللطيف الزيّاني، أنّ منطقة الخليج تواجه تحدّيات كبيرة ومتعدّدة لاسيّما مع وقوعها في محيط جغرافي مضطرب أفرز تهديدات تتعلّق بصراعات سياسية وطائفية خطيرة مثل مخاطر إرهابية وأعمال قرصنة وجرائم عابرة للحدود وهجرات غير شرعية، فضلًا عن مشكلات إنسانية حادة، بما ترك تأثيرات واضحة على أمن واستقرار المنطقة.

وأبان الزيّاني خلال كلمته في مؤتمر «الخليج العربي والتحدّيات الإقليمية» الذي استضافته العاصمة السعودية الرياض، أنّ دول الخليج تتمتّع بمقوّمات كفلت لها الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي الكبير بما جعلها إحدى أسرع المناطق نموًا في العالم.

لافتاً إلى أنّ الانتعاش الاقتصادي في منطقة الخليج انعكس على دولها من خلال مشاريع اقتصادية وتنموية كبرى تصب في صالح مواطني دول التعاون ورفاهيتهم، لاسيّما في مجالات تطوير البنية الأساسية والتعليم والرعاية الصحية والسكن، فضلا عما اتخذته حكوماتها من قرارات لرفع مستوى معيشة مواطنيها.

وأشار د. الزيّاني إلى النتائج المروّعة لما يسمى "الربيع العربي" في تحطيم البنية الاقتصادية لدوله بما امتد بتأثيرات على الجوار أيضاً، مضيفاً أنّ «كل دول الربيع العربي تعاني من ضعف نمو الاقتصاد وزيادة كبيرة في مستويات التضخم والبطالة في آن واحد»، موضحاً أنّ حالة عدم الاستقرار الراهنة لن تؤثّر على المنطقة فقط بل العالم بأسره، إنه أمرٌ ينعكس في البروز الكبير لخطر التهديدات المتطرفة الأخيرة واحتمالات امتدادها مستقبلًا.

ودعا الزيّاني إلى الإسراع في تفعيل "مركز الأمم المتحدة لمكافحة التطرف" باعتباره خطوة مهمّة على طريق التعاون الدولي الشامل لمواجهة التهديد المشترك، مشيرًا إلى أنّ دول الخليج استطاعت عبر تعاونها الفعّال وتنسيقها المستمر التصدّي لمنظمات وشبكات وخطط إرهابية شكّلت تهديدًا للأمن العالمي.

كما دعا نائب وزير الخارجية السعودي الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز إلى التصدّي للمخاطر والتحديات التي تحيط بدول الخليج واتباع منحى متعدّد الجوانب لمواجهتها، وإنجاز تعاون إقليمي ودولي لاحتواء الصراعات، والتصدّي لظاهرة التطرف التي أصبحت تشكل خطرًا كبيرًا على استقرار وأمن المجتمع الدولي، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود الدولية في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، وتحصين الجبهة الداخلية.

ونوّه إلى مضامين كلمة خادم الحرمين الشريفين لدى تسلمه أوراق اعتماد عدد من السفراء وتحذيره من خطر التطرف وضرورة محاربته، ودعوته المجتمع الدولي إلى التعاون لمكافحته والتحذير من أنَّ خطره قد يمتد إلى العالم أجمع إذا لم يتم القضاء عليه ، مشيرًا إلى مقترح المملكة في تأسيس المركز الدولي لمكافحة الإرهاب وتقديم 110 ملايين دولار لقيامه ودعم أنشطته.