دمشق - نور خوام
ذكرت مصادر مواكبة لتنفيذ اتفاق هدنة الزبداني والفوعة وكفريا، الثلاثاء، أنّه بعدما تمّت المرحلة الثانية من تنفيذ هذا الاتفاق بنجاح، سيتمّ الانتقال الى تنفيذ المرحلة الثالثة والرابعة.
وتنصّ المرحلة الثالثة على إدخال المساعدات والمعدّات الإغاثية والطبّية والمواد الغذائية الى الزبداني والفوعة وكفريا عبر ممرّات إنسانية آمنة تضمن سلامة هذه الممرات وعدمَ إقفالها أو تعرّضِها لإطلاق نار القوى المسلحة المسيطرة على كلّ مِن هاتين المنطقتين.
أمّا المرحلة الرابعة، وهي الأهمّ، فتشمل خروجَ كامل المسلحين من الزبداني مقابل خروج المدنيين، وهم بحدود 10 آلاف من الفوعة وكفريا.
وأشارت المصادر إلى "أنّ المرحلة الثالثة والرابعة يجب أن تتمّا في فترة لا تتعدّى ثلاثة أشهر، وهي ضمن مرحلة الستة أشهر لوقفِ إطلاق النار".
وأوضحت المصادر: "بذلك، تكون الزبداني قد أصبحت آمنة بالكامل وتحت سيطرة الجيش السوري، ويكون أيضًا قد جرى تأمينُ الأوتوستراد الدولي بين دمشق والمصنع وإبقاؤه في منأى عن خروقات المسلحين. كما أنّ القرى اللبنانية المحاذية للحدود اللبنانية ـ السورية تصبح بدورها آمنة".
وخرج 486 من مسلحي المعارضة والمدنيين من الزبداني في ريف دمشق، ومن الفوعة وكفريا في محافظة إدلب، في إطار تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق هدنة الزبداني والفوعة وكفريا.
وتم الإجلاء برعاية الأمم المتحدة في وقت متزامن، حيث نُقل المعارضون برًّا إلى مطار بيروت ثم جوًا إلى تركيا، فيما كان مؤيدو الحكومة السورية يُنقلون برًا إلى تركيا ومنها جوًّا إلى بيروت. ويمكن أن تمثّل عملية الإجلاء نجاحًا لخطط حكومة دمشق في عقد هدن محلية. ويشير منتقدون إلى أنها يمكن أن تكرّس تغييرًا ديموغرافيًا في التركيبة السكانية للمناطق السورية وإلى أن النظام لم يكن طرفًا في التفاوض عليها، بل تمت بين إيران وجماعة "حركة أحرار الشام".
وجاءت عملية الإجلاء المتبادل في وقت شنّت القوات الحكومية هجومًا ضخمًا على بلدة الشيخ مسكين في ريف درعا الشمالي (جنوب سورية) وتمكنت من السيطرة على مواقع عسكرية مهمة في ضواحي البلدة وعلى حيّها الشمالي، ما استدعى إعلان "الجبهة الجنوبية" التي تمثّل فصائل "الجيش الحر"، النفير العام في حوران، في إعلان مشابه لما صدر قبل أيام من "جيش الفتح" في أعقاب التقدّم الكبير للنظام وحلفائه في ريف حلب الجنوبي. وبعدما أشار بيان "الجبهة الجنوبية" إلى ما سمّاها "الهجمة الشرسة" للنظام على الشيخ مسكين تحت غطاء جوّي كثيف (ما لا يقل عن 57 غارة الأثنين)، أضاف: "إننا نعلن النغير العام، حيث بدأ أبطال مجاهدي حوران بالتوجه لصد هذا الاقتحام وندعو جميع الفصائل لتقف صفاً واحداً لمواجهة هؤلاء الطغاة وردهم".
وبرزت تداعيات جديدة للهجوم في شمال سورية، الذي تشنه "قوات سورية الديموقراطية" ضد تنظيم "داعش" في ريف حلب، إذ سجّل ناشطون فرارا جماعيا لأسر التنظيم في اتجاه محافظة الرقة المجاورة ما يشير إلى خوف "داعش" من وقوعه في حصار مطبق في هذه المنطقة المهمة على الحدود مع تركيا.
ويشهد ريف حلب الشمالي والشرقي معارك عنيفة يخوضها "داعش" ضد ثلاثة أطراف مختلفة، الأولى "قوات سورية الديموقراطية" التي يهمين عليها الأكراد والمدعومة بغطاء جوي أميركي والتي تمكنت في اليومين الماضيين من طرد "داعش" من سد تشرين على الضفة الشرقية للفرات وعبور النهر إلى ضفته الغربية، ما يهدد بقطع الطريق الواصل بين مدينة منبج (ريف حلب الشمال الشرقي) والرقة. والثانية القوات الحكومية التي تتقدم في الريف الشرقي لحلب شمال مطار كويرس والتي تهدد أيضًا بقطع خطط إمداد "داعش" من الرقة في اتجاه جرابلس والباب وتادف (ريف حلب). والثالثة فصائل المعارضة التي تخوض معارك يومية ضد "داعش" في ريف حلب الشمالي على الحدود القريبة مع تركيا.
وسجّل "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أنه وصل إلى مدينة الرقة قرابة 300 شخص من جنسيات عربية وأجنبية "بينهم عشرات الأطفال والمواطنات من عائلات عناصر وقياديين" في "داعش"، وقال إن النازحين في هذا "الفرار الجماعي" جاؤوا من مدينة منبج وريفها في الريف الشمالي الشرقي لحلب. وأضاف أن التنظيم وزّعهم على مساكن في الرقة، مشيرًا إلى أنه يخشى محاصرته في ريف حلب.
وصرّح رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو بأن "قوات سورية الديموقراطية" التي عبرت إلى الضفة الغربية للفرات (بعد سيطرتها على سد تشرين) لا تضم قوات كردية، بل عناصرها من السوريين العرب، علمًا بأن أنقرة سبق وحذّرت من أنها لن تسمح أبدًا للأكراد بالعبور إلى الضفة الغربية للفرات في معاركهم ضد "داعش". و"قوات سورية الديموقراطية" التي يدعمها الأميركيون بالسلاح وبغطاء جوي وبمستشارين من القوات الخاصة، تهيمن عليها "وحدات الحماية الشعبية" الكردية، لكنها تضم أيضًا فصائل عربية صغيرة. وتعتبر تركيا "وحدات الحماية" تنظيمًا متطرفًا نتيجة ارتباطها بحزب العمال الكردستاني.
ونجح لبنان، الأحد، في إنجاز الشق المعني به من اتفاق إخلاء المسلحين من الزبداني وكفريا والفوعة والذي جرى بسلاسة وسط إجراءات أمنية محورها جهاز الأمن العام اللبناني.
ودخلت قافلة المقاتلين والجرحى والمرضى وأهاليهم من الزبداني بعد الظهر إلى نقطة المصنع الحدودية مع سورية بمواكبة من الأمن العام وكان ينتظرها على جانبي الطريق نازحون سوريون بعضهم من منطقة الزبداني لجأوا إلى لبنان في الأعوام الماضية، ورفعوا لافتات ترحب بـ "أشرف الناس" وشارات النصر ولوّح بعضهم بعلم الثورة السورية ورددوا التكبيرات، فيما كانت الحافلات ذات الزجاج الشفاف تعبر أمامهم. وامتزجت الدموع بصيحات التهليل ورد مقاتلون بدا عليهم الإعياء الشديد برفع إشارات مماثلة.
وتأخر وصول القافلة التي أقلت 126 شخصا وفق الصليب الأحمر اللبناني، لساعات نتيجة إجراءات لوجستية تتعلق بتزامن انطلاق الحافلات التي تقل الذين جرى إخلاؤهم من كفريا والفوعة باتجاه تركيا وبالعدد الدقيق للذين جرى سحبهم من الزبداني وفق اللوائح.
وشهد مطار بيروت هبوط طائرة تركية آتية من مطار هاتي التركي انتظرت الآتين من الزبداني والذين استغرق وصولهم إلى المطار نحو ساعتين، وجرى في المطار تقييم وضعهم الصحي للانتقال جوًا من بيروت إلى تركيا، ذلك أن بينهم ثماني حالات تستدعي الاستشفاء قبل نقلهم الى تركيا، لتتزامن عملية إقلاع الطائرة التركية من مطار بيروت إلى مطار هاتي التركي مع إقلاع طائرتين تركيتين تقلان 363 من مسلحي وأهالي كفريا والفوعة من المطار المذكور باتجاه بيروت لينتقلوا منها (وفق الاتفاق) إلى نقطة المصنع ومنه إلى الأراضي السورية حيث جرى تأمين إقامة لهم في منطقة السيدة زينب في ريف دمشق. والمعلوم أن الواصلين إلى تركيا سيدخلون إلى شمال سورية وفق نص الاتفاق.
وأثار تنفيذ الاتفاق اعتراضات وزارية "لأن الحكومة لم تبلغ به" كما قال وزير العمل سجعان قزي (الكتائب). مضيفًا "ان هكذا اتفاق يحتاج الى موافقة الحكومة التي لم تُبلغ بالأمر وكذلك قادة الأجهزة الامنية".