القاهرة - سعيد فرماوي
شنت القوات الجوية المصرية غارة على مدينة درنة الليبية، ضد معاقل تنظيم "داعش"، أمس الاثنين، انتقامًا لذبح 21 مسيحي مصري على يد التنظيم المتطرَّف.
وأكّد الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنَّه عقد جلسة مستمرة مع مجلس الدفاع الوطني لرصد الأحداث في ليبيا ووضع التدابير الإضافية والإجراءات الممكنة، لكن الضربة نفسها، في بلدة درنة الليبية كانت منعطفًا جديدًا في انهيار النظام الإقليمي في أعقاب ثورات الربيع العربي وظهور "داعش".
تجدر الإشارة إلى أنَّه بعد ثلاث سنوات ونصف تقريبًا من الإطاحة بالعقيد الليبي معمر القذافي، يتنافس فصيلين للسيطرة على السلطة وموارد ليبيا الوّاسعة، والتي تقرب نحو 100 مليار دولار من الاحتياطات المالية والودائع النفطية غير المستغلة، وساحل البحر الأبيض الموسط الطويل المواجه لأوروبا، وفي غياب الحكومة تحاول المليشيات المتطرَّفة توّسيع عمليتها على نطاق وّاسع.
في نفس السياق، شاهد السيسي الائتلاف المتزايد بين المتطرفين والمليشيات الإقليمية التي سيطرت على العاصمة الليبية طرابلس في العام الماضي، وجنبًا إلى جنب مع دولة الإمارات العربية المتحدة، دعم الرئيس المصري الجنرال الليبي خليفة حفتر سرًا لطرد المليشيات.
ففي الصيف الماضي، شنت القاهرة وأبو ظبي ضربات جوية على طرابلس ضد الجماعات المتشدّدة، وهو ما أكده مسؤولون غربيون على الرغم من عدم اعتراف البلدين أو الإعلان عن دورهما.
وهددت الضربات المصرية بجر الصراع الليبي نحو فوضى أعمّق، في الوقت الذي تحاول فيه القاهرة إحياء اقتصادها المتنامي، ومحاربة التطرَّف المتمركز في شبه جزيرة سيناء، والذي يقاتل أيضًا تحت راية تنظيم "داعش".
في هذا المسرح الجديد، مصر معرضة بشدة لهجمات محتملة من جانب القوة الإسلامية، بسبب حدودها الصحراوية الطويلة التي يمكن اختراقها مع ليبيا، واستمرار وجود أعداد كبيرة من المصريين داخل الأراضي الليبية.
ومن جانبها، تعتبر "داعش" أنّ دخول مصر في المعركة الليبية يعد نجاح استراتيجي، إذ أوضح المحللون أنَّ "المتطرَّفين يسعون إلى الاستفادة من الفوضى للانتشار".
بدوره، قال باحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أرون زيلين: "إنَّهم يريدون تَمدّيد الجيش المصري، كما أنَّه يحارب في سيناء أيضًا، ومن شأن المتطرَّفين حشد الدعم المحلي ضد التدخل العسكري في مصر، لاسيما عندما وصلت الغارات الجوية للمدنيين، ولكن "داعش" أيضًا تبني ايدولوجيتها على زراعة هذه الاعداء".
وتابع:" داعش ترى أن الله يقف بجانبها، رغم احتشاد كل هذه القوة ضدها، يعتقدون هم المتبقين".