المحكمة الاتحادية العليا

نظرت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا، صباح أمس الثلاثاء ، برئاسة القاضي المستشار فلاح شايع الهاجري رئيس الدائرة، في قضيتين منفصلتين على التوالي: الأولى قضية انضمام إلى التنظيم السري غير المشروع، والثانية قضية تخابر مع دولة أجنبية هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية .

قبل تلاوة أمر الإحالة في القضية الأولى، سجل المستشار الهاجري حضور المتهم م .ع .أ .ع .ش، 36 سنة، إماراتي الجنسية، موقوف، كما سجل حضور محاميين حضرا للدفاع عنه هما ياسر النقبي وحمدان الزيودي، كما سجل طلبات المحاميين وتلخصت في طلب إعلان شاهد الإثبات ع .س .خ الضابط في جهاز أمن الدولة، وتسليم ملف القضية المودع أساساً في المؤسسة العقابية "السجن" للمتهم .

بعد ذلك، سأل القاضي النيابة العامة عن استعدادها لتوجيه الاتهام .

وتلا المستشار أحمد راشد الضنحاني محامي عام نيابة أمن الدولة أمر الإحالة، وقال إن نيابة أمن الدولة تتهم م .ع .أ .غ .ش بأنه في تاريخ سابق على الأول من أيار/ مايو 2014 بدائرة الإمارات العربية المتحدة انضم للتنظيم السري غير المشروع بدولة الإمارات والمقضي بحله بموجب الحكم الصادر في القضية رقم 79/ 2012 جنايات أمن الدولة، والذي يدعو لمناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة بهدف الاستيلاء عليه مع علمه بأغراضه وذلك بأن شارك في الأعمال المسندة إليه من قبل إدارة التنظيم، فاختص بعضوية لجنة العمل الخيري للتنظيم بمكتب دبي، ومراجعة تقارير المشاريع الخاصة باللجنة، ونقل الأموال بين أعضاء التنظيم، وجمع التبرعات والصدقات والزكوات دعما لأعمال التنظيم واستمراره، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

بناء عليه، أضافت نيابة أمن الدولة في أمر الإحالة، يكون المتهم قد ارتكب الجناية المؤثمة بالمادتين 180 فقرة 2 و182 من قانون العقوبات الاتحادي وتعديلاته .

وطلبت النيابة توقيع أقصى العقوبة على المتهم .

المحكمة واجهت المتهم بالتهم المسندة إليه فأجاب بأنه ينكر جميع التهم الواردة في لائحة الاتهام .
وأعاد المحاميان طلباتهما السابقة بالإضافة إلى الإذن بمقابلة موكلهما، وطلبا أصليا الإفراج عن المتهم واحتياطيا تكفيله .

وقررت المحكمة استدعاء شاهد الإثبات ع .ش .خ الضابط في جهاز أمن الدولة، والسماح للدفاع بمقابلة الموكل، وتمكينه عبر مخاطبة المؤسسات العقابية (السجن) لتسليم نسخة ملف القضية إن كانت لشخص المتهم، كما قررت تحديد جلسة الاثنين المقبل الموافق 22 كانون الأول / ديسمبر الجاري لإعلان شاهد الإثبات واستئناف نظر القضية، وقررت استمرار حبس المتهم .
وتذهب المادة 180 في قانون العقوبات الاتحادي وتعديلاته إلى أنه يعاقب بالسجن المؤقت كل من أنشأ أو نظم أو أدار جمعية أو هيئة أو منظمة أو تنظيماً أو جماعة أو عصابة أو فرعا لإحداها أياً كانت تسميتها أو شكلها تهدف أو تدعو إلى قلب نظام الحكم في الدولة أو الاستيلاء عليه أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين، أو مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة . أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور أو القانون أو السلم الاجتماعي .

وتنص المادة القانونية المذكورة على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات من انضم إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو التنظيمات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة أو تعاون معها أو شارك فيها بأية صورة أو أمدها بمعونات مالية أو مادية مع علمه بأغراضها 

وتنص المادة 182 من قانون العقوبات على أن المحكمة تحكم في جميع الأحوال بمصادرة النقود والأمتعة والأوراق والأدوات وغيرها مما يكون قد استعمل في ارتكاب الجريمة أو يكون موجوداً في الأمكنة المخصصة لاجتماع هذه الجمعيات أو الهيئات أو التنظيمات أو الفروع، كما تحكم بمصادرة كل مال يكون في الظاهر داخلاً ضمن أملاك المحكوم عليه إذا كانت هناك قرائن أو دلائل كافية على أن هذا المال هو في الواقع مورد مخصص للصرف منه على الجمعيات أو الهيئات أو التنظيمات أو الفروع المذكورة .

بعد ذلك، ومن دون أن يرفع الجلسة، استدعى القاضي المستشار فلاح الهاجري المتهم الآخر، فدخل قاعة المحكمة المدعو "ع .ر .ع .أ .ب" (43 سنة) إماراتي الجنسية، موقوف .

وسجل القاضي حضوره، وسجل حضور المحامي عارف الشامسي للدفاع عنه .

وطلب المحامي أن يتكلم أولاً في "توضيح بسيط"، فأذن له القاضي، وقال المحامي ان مثل هذه القضايا أي قضايا أمن الدولة عرضت عليه في السابق ست مرات لكنه، لدواع وطنية، كان يرفضها، وقد قبلها هذه المرة ملمحاً إلى عدم وجود وقائع ودلائل متسقة، ولا يوجد إلا ما أسماه "ملاحظات من النيابة العامة" .

وتلا المستشار أحمد الضنحاني محامي عام نيابة أمن الدولة أمر الإحالة في القضية 2014/،260 وقال إن نيابة أمن الدولة تتهم "ع .ر .ع .أ .ب" بأنه في تاريخ سابق على يوم 17 آذار/ مارس  ،2014 وهو موظف عام -عريف أول بشرطة دبي- تخابر مع دولة أجنبية (الجمهورية الإسلامية الإيرانية) بأن أمد "ح .ه .ر" و"ح .م .س" ضابطي الاستخبارات الإيرانيين العاملين لمصلحتها بالقنصلية الإيرانية في دبي بمعلومات خاصة بشرطة دبي وأفرادها، والتي من شأنها الإضرار بمصالح دولة الإمارات الوطنية وذلك على النحو المبين بالأوراق .
بناء عليه، أضافت النيابة، يكون المتهم قد ارتكب الجناية المؤثمة بالمادتين 5 و1/155 من قانون العقوبات الاتحادي وتعديلاته .

واختتمت النيابة بالأمر بإحالة القضية إلى دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا لمعاقبة المتهم عن التهم المسندة إليه طبقاً لمواد الاتهام وقائمة أدلة الثبوت المرفقة مع استمرار توقيفه .
وطلبت النيابة توقيع أقصى العقوبة على المتهم .

ولما واجه القاضي الهاجري المتهم بما أسند إليه، قال في لغة عربية فُهم منها التالي: "انكر التهمة جملة وتفصيلاً، الاعترافات تحت الضغط النفسي والروحي، وحول ما دون على لساني فلم أوقع على المحاضر مرة وثانية وثالثة ورابعة" .

وفي مرافعة سريعة مبكرة، على غير ما جرت العادة، قال محاميه إن هذه القضايا لها إضرار بمصالح الدولة، وكرر أنه يرفضها عادة .

وأشار إلى ما سماه خلو التحقيقات من الدفاع، وقال إن المتهم مواطن وقد شرف الدولة في العديد من المحافل، ولا يوجد في الملف إلا شهادة المحقق وملاحظات النيابة، ويوجد إحساس بالإدانة من النيابة ولا يوجد أي دليل .

وطلب المحامي استدعاء شاهد إثبات الملازم م .أ .ج وطلب المتهم تمكينه من مقابلة المحامي .
ورد المستشار أحمد الضنحاني محامي عام نيابة أمن الدولة على كلام الدفاع، قائلاً إن ما سماه ملاحظات دليل على حيادية النيابة العامة، وإنما هي تعرض ما لديها وفق تقسيمات معروفة، تندرج تحتها أبواب الأدلة والاعترافات والتقارير الفنية وغيرها . النيابة تقدم ما لديها ولا تحكم، فالحكم لعدالة المحكمة .

في نهاية الجلسة قررت المحكمة استدعاء شاهد الإثبات الملازم ح . أ .ج لجلسة الاثنين المقبل الموافق 22 كانون الأول / ديسمبر الجاري، حيث حددت هذا التاريخ لاستئناف نظر القضية، كما قررت إعادة المتهم إلى محبسه مع استمرار حبسه .

يذكر أن المادة الخامسة من قانون العقوبات التي يحاكم بموجبها المتهم تعرف الموظف العام في حكم هذا القانون والذي يستحق عقوبة مشددة، بسبب من طبيعة وظيفته، فتذهب إلى أنه يعتبر موظفاً عاماً القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الوزارات والدوائر الحكومية وأفراد القوات المسلحة، ورؤساء المجالس التشريعية والاستشارية والبلدية وأعضاؤها، وكل من فوضته إحدى السلطات العامة القيام بعمل معين، وذلك في حدود العمل المفوض فيه، ورؤساء مجالس الإدارات وأعضاؤها والمديرون وسائر العاملين في الهيئات والمؤسسات العامة ورؤساء مجالس الإدارة وأعضاؤها والمديرون وسائر العاملين في الجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام، ويعد مكلفا بخدمة عامة في حكم هذا القانون كل من لا يدخل في الفئات المنصوص عليها في البنود السابقة ويقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه من موظف عام يمتلك هذا التكليف بمقتضى القوانين أو النظم المقررة وذلك بالنسبة إلى العمل المكلف به .

وتنص المادة 155 من قانون العقوبات الاتحادي وتعديلاته على معاقبة أفعال مذكورة بما لا يزيد على عشر سنوات في حال السلم، وبما لا يقل عن عشر سنوات في حال الحرب، ومنها السعي لدى دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها أو التخابر مع أي منهما وكان من شأن ذلك الإضرار بمركز الدولة العسكري أو السياسي أو الاقتصادي .

ويذهب قانون العقوبات إلى أن العقوبة تشدد في حال كون الجاني موظفا عاما .

حضر الجلسة التي عقدت في قاعة الاتحاد بالمحكمة الاتحادية العليا عدد من ممثلي وسائل الإعلام الوطنية وممثل لجمعية الإمارات لحقوق الإنسان وآخر لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات ولم يحضر أحد من أهالي المتهمين .