بغداد – نجلاء الطائي
استبعد عددٌ من السياسيين والمهتمين بالشأن العراقي، تقسيم العراق وإعلان اتفاقية "سايكس بيكو 2" مجددًا في الشرق الأوسط، مؤكدين اتجاه العراق إلى الفيدرالية بطعم "التقسيم " والانعزال عن المركز .
وذكر عضو التحالف الوطني محمد العكيلي، أن الأحداث التي مرت في العراق ليست بـ"السهلة " وعصفت بالعملية السياسية برمتها، مبينًا أن "الهدف من تلك الأحداث هو إضعاف العراق وتقسيمه إلى دويلات من قبل قوى داخلية وخارجية" .
وأضاف العكيلي، في تصريح لـ"صوت الامارات " :أن نظرية "بايدن " المزعومة لا توجد في أرض الواقع، وإنما هي مجرد إعلام من قبل بعض مراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية المتخصصة في الشأن السياسي للشرق الأوسط، وهذا لا يعني بالمقابل موافقة الإدارة الأميركية على ذلك التقسيم، وخصوصًا بعد الاتفاق النووي الإيراني الذي يتطلب "عراقًا موحدًا"، وعلى الرغم من أن البعض يشير الى أن العراق لم يعد قائمًا، و"ربما يحتاج إلى معجزة لكي يبقى "، يؤكد النائب عن دولة القانون هناك مصالح على الصعيد الإقليمي والدولي ترفض التقسيم، مشيرًا إلى ضرورة إيجاد توافق سياسي يأخذ بعين الاعتبار مشاركة وحقوق الجميع، لكي يتحقق هدف "إبقاء العراق موحدًا".
فيما يرى المختص بالشؤون السياسية والجماعات المتشددة في العراق هاشم الهاشمي، أن الإدارة الأميركية طرحت موضوع تقسيم العراق منذ اجتياحها له عام 2003، مبينًا أنه مخطط إقليمي يراد به إضعاف منطقة الشرق الأوسط.
وذكر الهاشمي لـ" صوت الامارات "، أن تقسيم العراق وجهة نظر لمخطط إقليمي يراد تطبيقه على أرض الواقع، مبينًا أن هناك إجماع سياسي في العراق على "عدم التقسيم" واللجوء إلى الفدرالية أو المركزية للحد الأقصى، وأضاف الهاشمي عدم وجود جهد حقيقي من قبل أطراف دولية والحكومة العراقية من اجتياح التنظيمات المتطرفة في العراق برغم مرور أكثر من عام على سيطرة ذلك التنظيم على الموصل، ووصف الهاشمي المعارك الدائرة في العراق الآن، بـ "حرب استنزاف وتُذَّكِر بالحروب الأهلية حيث يكون كل طرف في منطقته".
ويشكك الهاشمي من وجود حل لهذه الأزمة، إلا في حالة وجود نتائج عملية سياسية تتضمن إعلان الحكم المركزي في العراق أو إعلان الفدرالية وهو الحل الأوفر في المرحلة المقبلة، وبالنسبة للقوى السياسية السنية يرى الهاشمي اتجاهًا نحو الفدرالية والأقاليم ، وفيما لا يرى مشكلة بالنظام الفيدرالي كنظام سياسي، إلا يعتبر أنه "عندما يكون هذا النظام مبنيًا على أسس مذهبية، يكون فعليًا في مرحلة انتقالية للتقسيم، تمامًا كما يحصل في كردستان، التي لا ينقصها إلا إعلان رسمي".
وتابع "هذا السيناريو قائم في محافظات غربية سنية، وهناك خشية واقعية على وحدة العراق، كما أن بعض الأطراف بدأت تتعامل مع الأمر كأنه واقعي وموجود على الأرض"، ويتصور الهاشمي أن العراق بحاجة إلى معجزة لكي يبقى قائمًا كما عرفناه سابقًا، وبخصوص موقف إيران من التقسيم يقول الهاشمي :ليس من مصلحة إيران والمكون الشيعي التقسيم برأيه "فقدان إيران لجزء من نفوذها في حالة العراق الكامل الموحد"، وتراجع نفوذها في المنطقة، فبعدما كان يمتد نفوذها من العراق وصولًا إلى لبنان، "فقد أصبحت مناطق فقط "في العراق تابعة لنفوذ إيران"، و"أجزاء من سورية فقط، مع سيطرة "داعش" على بقية المناطق".
وأكد اتحاد القوى الوطني أن العراق عمليًا وواقعيًا منقسم تمامًا، فهناك منطقة كردية في الشمال، وسنية في الوسط، وشيعية في الجنوب، وقال النائب عن اتحاد القوى الوطني علي المتيوتي في تصريح لـ"صوت الامارات "، إن العراق عمليًا وواقعيًا منقسم تمامًا، فهناك "منطقة كردية في الشمال، وسنية في الوسط، وشيعية في الجنوب"، ولا يوجد أي سلطة للحكومة المركزية على مناطق سنية أو كردية، وإنما على منطقتها الشيعية فقط، مضيفًا أن الوقت مازال تحت السيطرة ويمكن معالجته من دون اللجوء إلى التقسيم، لافتًا إلى معارضة الأمم المتحدة والحكومة العراقية إلى التقسيم بشكل نهائي.
وحول ماذا سيترتب على هذا، يرى المتيوتي أنه ما يزال هناك طموحات من قبل الشيعة والبعض من المكون السني "بشكل شخصي"، بأن يبقى العراق موحدًا، وبخصوص إمكانية أن يحدث التقسيم قانونيًا، يقول المتيوتي : إن هذا الأمر صعب، فهناك حالات استثنائية في بعض الدول العربية جرى فيها تقسيم، مثل دولة جنوب السودان وتيمور الشرقية، والأمر يحتاج إلى موافقة منظومة الأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن وأعضاؤه الخمسة الدائمون على التقسيم، متوقعًا صعوبة الحصول على موافقة دولية عليه.
وأكد المتيوتي، عدم وجود ترحيب من قبل الصعيد الداخلي، وباستثناء الكرد، فإن الكثيرين من السنة يصرون على الوحدة، ولا يوجد إجماع حتى هذه اللحظة حول التقسيم.
أما الطرف الثالث من العملية السياسية في العراق وهو المكون الكردي يرى المشكلة تكمن في الحكومة المركزية في بغداد وعدم إعطائها الحقوق الكاملة للمكون السني والكردي على حد سواء وتحيزها إلى المكون التي تنتمي إليه، مؤكدًا على إيجاد حكومة تشارك فيها جميع الأطراف مع "لا مركزية تسمح لمكونات الشعب العراقي بالمشاركة وممارسة حقوقهم من دون التحيز إلى مكون بذاته .
وذكر عضو في التحالف الكردستاني عادل برواري، أن الوضع في العراق أصبح عمليًا خطوط تقسيم، برغم وجود إصرار من قبل الفرقاء السياسيين على بقاء العراق موحدًا، فإن "الاتجاه يسير نحو الفيدرالية"، ويرى برواري الأمور بأنها "تتجه نحو السلطة المركزية، علها تتنازل عن جزء من صلاحياتها وقوتها لصالح الأقاليم"، وفي هذا الصدد، "يجب إيجاد عملية سياسية شاملة تأخذ مطالب السنة والأكراد والشيعة وأن يكون لهذه الأقاليم صوت مسموع لدى الحكومة المركزية".
وفي الأحداث الأخيرة التي مر بها العراق، يعتقد برواري أنها "أثبتت أن العراق مقسم عمليًا، خصوصًا مع وجود حكم ذاتي في كردستان وست محافظات سنية لها استقلالية إلى حد ما، إضافة إلى إعلان دولة خلافة عمليًا"، إلا أنه على الصعيد الدولي" ما يزال الاعتراف بالعراق الموحد، وهناك إجماع على أن يبقى كذلك".