دمشق ـ نور خوام
استعاد تنظيم "حزب الله" اللبناني بعض المناطق في القلمون، التي سيطر عليها مقاتلو "داعش" في الأيام الأخيرة، ونشر في خطوة فريدة من نوعها صورًا في جولة صحافية عبر الحدود السورية اللبنانية.
واستعرض قائد ميداني في "حزب الله"، ضمن الجولة، خطة تفصيلية شارحة، استند فيها إلى خارطة أشار فيها إلى مجموعة من الدوائر الحمراء والمناطق الخطيرة، التي تظهر بقايا معاقل المتطرفين في منطقة القلمون.
وتحمل الجولة الصحفية للتنظيم اللبناني ملامح جولات القوات الأميركية في العراق، سواء الضباط الذين يرفضون مناقشة الشؤون السياسية، وموظفو الشؤون العامة الجدد، والتحذيرات الصارمة بعدم التقاط أية صور قد تضر بالأمن القومي، غير أنَّ الأمر المختلف هو استعانة الحزب في العرض التفصيلي بشرائح برنامج "PowerPoint" وهو الأمر الذي غاب عن القوات الأميركية.
وشارك في الجولة الصحافية عشرات الصحافيين، أرشدهم مسؤولو العلاقات العامة عبر الحدود مع منطقة القلمون، وأظهر استضافة التنظيم اللبناني الصحافيين، انفتاحًا نادرًا وغير معتاد.
وأثار أقوى حزب سياسي في لبنان، عاصفة من الجدل الإعلامي الأسبوع الماضي، على خلفية تكبد الحكومة السورية الحليفة له، خسائر كبيرة أمام عناصر "داعش"، ولذلك يسعى "حزب الله" لمواجهة الانتقادات الموجهة إليه بأن حربه المستعرة في سورية تتدهور وتزداد سوءًا.
وتبث القنوات الإخبارية التابعة لـ"حزب الله" نشرات عاجلة، حول المعارك الجديدة الشرسة التي يشنها في القلمون، المنطقة الحدودية الجبلية، لاستعادة الأراضي اللبنانية والسورية من قبضة المسلحين، وتوفير نسبة عالية من الأمان هناك.
وسلطت الجولة الميدانية الضوء على الأميال القليلة الأولى لمنطقة جبال القلمون الخطيرة بين سورية ووادي البقاع في لبنان، والتي تعكس جبهة الحرب السورية، و نادرا ما يشاهدها الصحافيون.
وتعتبر جبال القلمون معقلًا للمتمردين السوريين والمسلحين السنة الأجانب، بما في ذلك "جبهة النصرة" التابعة لـ"القاعدة"، بل ويستعين بها "حزب الله" في الحصول على الأسلحة من إيران عبر سورية.
كما استعرض الحزب أيضًا قدرات الجماعة التنظيمية، والانضباط بين صفوفه رغم الضغوط المتصاعدة، وسيطرتها الوحيدة الواضحة على أجزاء من الأراضي السورية، ودائمًا ما يؤكد أنه يعمل في سورية بإذن من الحكومة اللبنانية.
وتمكن المسؤولون الإعلاميون للتنظيم من حشد صحافيين، معظمهم من اللبنانيين والسوريين، فضلًا عن صحافيين آخرين من صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية ووكالة "رويترز" للأنباء، حيث اصطحبوهم بالسيارات من مدينة بعلبك وبلدة وادي البقاع إلى المنطقة الحدودية السورية.
وجمع ضباط "حزب الله" عند نقطة التفتيش، الهواتف المحمولة للصحافيين لدواعٍ أمنية، ورحب أحد مقاتلين الحزب بالضيوف قائلًا: "سنقدم لكم برنامجًا ممتازًا اليوم"، مع الالتزام ببعض القواعد الصارمة التي تتضمن عدم التقاط صور للطريق أو لوجوه المقاتلين.
وعادة ما يبدي "حزب الله" حذره تجاه وسائل الإعلام الغربية، بيد أن الجماعة فتحت ذراعيها للصحافيين شأنها شأن راعيتها إيران، التي تسعى إلى إتمام اتفاق نووي مع الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى.
وخلقت التغييرات الفوضوية الجديدة في المنطقة، مساحة ضيقة من المصالح المشتركة بين "حزب الله" والولايات المتحدة، والتي تعتبره منظمة "إرهابية"؛ ولكن كلاهما ينددان أعمال تنظيم "داعش" الذي سيطر على مساحات واسعة من الأراضي في سورية والعراق وقتل الآلاف من المدنيين، ويمثل تهديدًا وجوديًا ويشوه صورة الإسلام.