رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية

عقد الاجتماع المنتظر بين المتنافسيْن على رئاسة الجمهورية اللبنانية من الفريق الواحد، زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية عصر الأربعاء، إلا أن الدخان الأبيض لم يخرج من مقر عون الذي غادره فرنجية من دون الإدلاء بأي تصريح، ما عكس استمرار الخلاف على مبادرة زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري لإنهاء الفراغ الرئاسي بدعم من رئيس «المردة».
 
واكتفت مصادر «التيار الحر» بالرد على سؤال لـ «الحياة» عما إذا كان الرجلان سيبقيان مرشحين للرئاسة، إن «فرنجية ما زال داعمًا للعماد عون للرئاسة». وذكرت المصادر أن عون «لم يطرح على فرنجية خلال اجتماعهما، أي سلة مطالب»، حيث يفترض أن تقترن مع انتخاب الرئيس الجديد، ومنها قانون الانتخاب، ما يعني عدم وجود بحث في ترشح غيره.
 
وسبق اللقاء الذي دام ساعة وحضره رئيس «التيار الحر» وزير "الخارجية" جبران باسيل، مواقف لافتة، محلية وخارجية، إذ أبلغ رئيس المجلس النيابي نبيه بري النواب الذين التقاهم، أن «أفضل سيناريو في شأن المخرج من الشغور الرئاسي هو تفاهم العماد عون والنائب فرنجية، والمطلوب من اللبنانيين أن يعملوا جادين للاستفادة من الظروف التي تجعل لبنان أكثر البلدان المهيأة لمعالجة مشاكله وإنجاز استحقاقاته». وقال: «استمرار الوضع على ما هو يفيد التطرف الذي يتربص بنا، وحل أزماتنا يوفّر لنا القوة لمواجهته».
 
كما سبق لقاء عون وفرنجية تأكيد أكثر من شخصية سياسية زارت الأول في اليومين الماضيين، أن عون حرص على التأكيد لزواره في بداية أي لقاء معهم أنه ما زال مرشحا للرئاسة، قبل أن يفاتحوه بالموقف من ترشيح فرنجية.
 
وقال بعض زوار عون لـ «الحياة»، إن الأخير يشدد على أنه لم يقرر الترشح كي ينسحب «لأني الأقدر والأكثر تمثيلًا مسيحيًا والأكثر انتشارًا، وهناك رأي عام لن يقبل انسحابي وسيعتبر أني أعطّل مجيء الرئيس المطلوب إذا انسحبت».
 
وشملت الاتصالات، الأربعاء، تحركًا لعدد من السفراء، لا سيما زيارة القائم بالأعمال الأميركي ريتشارد جونز للبطريرك الماروني بشارة الراعي.
 
وأوضح جونز «نعتقد أن موعد الانتخابات الرئاسية هو الآن، وهو مهم لاستقرار البلد، والتعطيل والفراغ لا يناسبان أحدًا». ورأى أنه «يجري العمل على تسوية منطقية، فإذا لم يتم القبول بها نأمل من جميع الأطراف أن يعملوا على تسوية تأتي برئيس في أقرب وقت».
 
وجاء تصريح جونز في وقت يحذّر العديد من السفراء والمنظمات الدولية، لا سيما البنك الدولي، من أن الوضع الاقتصادي في حالة دقيقة جدا تتطلب إنهاء الفراغ لإطلاق عمل المؤسسات وعجلة الاقتصاد خشية الانهيار، حيث أبلغ أحد السفراء المعنيين بجهود إنهاء الشغور الرئاسي «الحياة»، أنه إذا لم يقبل القادة المسيحيون بمبادرة الحريري، فأمامهم التوافق على مرشح تسوية من خارج الأقطاب الأربعة. وينتظر الوسط السياسي تفاعلات اجتماع عون وفرنجية، لا سيما موقف «حزب الله» الذي كان وعد فرنجية بدعمه إذا سانده الحريري.
 
يشار إلى أن الحصيلة الجدية البعيدة من مجاملات "الاحلاف السياسية" لخلوة الرابية، أمس بين رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون والحليف الند رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجيه لا تبدو عامل دفع حقيقي، نحو تسوية لمأزق التسوية التي رشّحت فرنجيه لرئاسة الجمهورية. ذلك ان لقاء الرابية الذي بالكاد شكل تذويبا لجليد العلاقة المتوترة بين الجانبين وإن يكن ساده كلام على استمرار التحالف ضمن خط سياسي واحد، شكل في المقابل واقعا من شأنه ان يفاقم تعقيدات المأزق الناشئ عن ترشيح فرنجيه من جانب أحادي يتمثل في تكريس ازدواجية المرشحين داخل تحالف 8 آذار مع ما يعنيه ذلك من إضعاف لفرص كليهما.
 
وتفيد المعلومات المتوافرة لدى "النهار" عن اللقاء، على رغم ستار الكتمان الذي أحيط به وخصوصًا من جانب فرنجيه وأوساطه، ان أجواء الانفتاح على الحوار والتهدئة بين القطبين الحليفين لم تنعكس تبديلا في أي من موقفيهما من التسوية الرئاسية وآفاقها، فلا العماد عون أعطى أي انطباع أو أبدى أي استعداد للتراجع عن ترشّحه عقب استماعه الى عرض فرنجيه لظروف التسوية التي عقدها مع الرئيس سعد الحريري، ولا رئيس "تيار المردة" أوحى الى عون بأنه في وارد التسليم باحتراق مبكر لفرصته بل انه أدرج زيارته للرابية في اطار الانفتاح الذي يسعى من خلاله الى تبديد الهواجس ومعالجتها وخصوصا لدى الحلفاء، ولكن من دون التسليم لمنطق رفضها لمجرد طرحه مرشحا يحظى بفرصة متقدمة لم تتوافر لسواه.
 
 وتوضح المعطيات ان الخلوة قد تكون كرست طرح مرشحين اساسيين لدى قوى 8 آذار ما دام الموقف الحاسم والمفصلي لـ "حزب الله" طي الغموض والصمت حيال الخيار بينهما. وإذا كان مجمل المعلومات التي تنسب الى الحزب أنه لا يزال متمسكًا بترشيح عون، فان الرئيس الحريري وفريقه لا يزالا ينتظرا بلورة موقف الحزب الواضح قبل الاقدام على أي خطوة جديدة، علمًا أن لملمة تداعيات التسوية تشمل، الى موضوع موقف "حزب الله"، معالجة مواقف القوى المسيحية أيضًا وهو الأمر الذي وضع تحت العناية المركزة منذ أيام.
 

وحرصت الاوساط القريبة من الرابية على القول لـ "النهار" أن أجواء اللقاء كانت ايجابية وتخللها تأكيد الحلف بين القطبين وان الدعم قائم ودائم للعماد عون ما دام مرشحا. وأشارت الى ان عون أبدى حرصه على فرنجيه ضمن التحالف كما تصارحا بمسار الامور والحؤول دون افتعال شرخ بينهما وذلك في الوقت الذي لزم فيه فرنجيه الصمت بعد لقائه عون الذي استمر زهاء ساعة، كما لزمت أوساطه الكتمان.

وصرح رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل الذي شارك في اللقاء لـ "النهار" بأن "سليمان فرنجيه صديق وحليف ولن يستطيع أحد بكل محاولاته أن يخرّب العلاقة بيننا عبر كلام مغلوط، لا بل بالعكس الكلام بيننا فيه دائما صدق والتزام، وما حصل هو ربح لفريقنا ويعزّز الخط الاستراتيجي، ولن ندع أي خسارة تطاله بل ربح صافٍ نزيد عليه تباعًا".
 
وأوضحت مصادر سياسية أخرى مواكبة للقاء "إن فرنجيه فوجئ بأن سمع جوابا عن طلبه تأييد ترشيحه بقول عون له إنه يريد منه الاستمرار في تأييده، داعيا إياه الى عدم إحداث شرخ في الخط الاستراتيجي وكذلك عدم الوقوع في فخ المناورة التي دبّرت، خصوصا أن حليفيه "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" غير مؤيّدين لترشيحه وعندئذ مع من سيحكم؟".
 
 وشرح عون لفرنجيه أنه لا ينوي الانسحاب من السباق الرئاسي وأن حظوظه باتت مكتملة. ورد فرنجيه بأن تأييد الفريق الآخر لترشيحه لم يكن مناورة وأن الامر جديّ، فرد عون بالقول بأنه، أي فرنجيه، لا يستطيع أن يحكم مع الحريري وحده.
 
وتحدثت المصادر عن تدخل جهة حزبية، والمقصود "حزب الله"، لتأمين انعقاد لقاء الرابية بعد مؤشرات لعدم حصوله، مما يعني أن الجهة الوسيطة هذه قادرة على أن تمون على عون وفرنجيه معا، لتخلص المصادر إلى أن الحريص على انعقاد اللقاء حريص أيضا على استمرار التسوية. ولم تستبعد لقاءًا قريبًا لفرنجيه والأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله.
 
ورجحت المصادر ألا يتأخر الرئيس الحريري في العودة إلى لبنان من أجل استكمال التسوية خلافاً لانطباعات مناقضة أشاعها بعض السياسيين. ويدعم مسعى الحريري المتجدد النائب وليد جنبلاط، في حين لوحظ تريث الرئيس نبيه بري لتفضيله انتظار وضوح الصورة في ضوء معطيات عن عدم استعداد "حزب الله" حتى اليوم للتراجع عن تأييد ترشيح عون.
 
وقال نائب رئيس حزب "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان لـ "النهار" إن "القوات تتابع الوضع بكل دقة مع جميع المعنيين وستتفاعل مع كل تطور في حينه".
 
وأضاف "نسعى على الدوام إلى تسوية حول مشروع ينقذ لبنان ويكون تحت الدستور والقانون ويؤمن الاستقرار بإبعاد بلادنا عن سياسة المحاور والتدخل في شؤون الآخرين".
 
وبدا القائم بأعمال السفارة الاميركية السفير ريتشارد جونز مثابرا في الدعوة الى اغتنام فرصة التسوية لانتخاب رئيس للجمهورية. واعتبر عقب لقائه أمس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنه "حان وقت إجراء الانتخابات الرئاسية ولا يجوز وضع عراقيل على طريق هذه العملية". واسترعى الانتباه ايضا قوله "نحن نعتقد أنه يجري العمل على تسوية منطقية، فاذا لم يتم القبول بها فإننا نأمل من الاطراف اللبنانيين ان يعملوا جميعا على تسوية تأتي برئيس للجمهورية في أقرب وقت".
 
وعادت الحماوة في شكل لافت الى محاور القتال على السلسلة الشرقية لجبال لبنان من جهة جرود عرسال حيث يقصف الجيش يوميًا تحركات المسلحين بالمدفعية وراجمات الصواريخ.
 
وسجل تطور بارز أمس تمثل في نصب مقاتلي "حزب الله " مكمنا في منطقة وادي الخيل بجرد عرسال استهدف موكبا لعناصر "جبهة النصرة" تعرض للقصف بصواريخ موجهة مما أدى الى مقتل مسؤول "النصرة" في جبهة القلمون ابو فراس الجبة وثلاثة من مرافقيه بحسب مصادر "حزب الله".
 
واستقدمت "النصرة " على الأثر عناصر اخرى حاولت سحب جثث القتلى لكن عناصر الحزب استهدفوا الموكب الثاني بالأسلحة الرشاشة والصاروخية، ودارت اشتباكات أدت الى سقوط مزيد من القتلى في صفوف "النصرة" بلغ مجموعهم ثمانية قتلى.