باريس - مارينا منصف
تفتتح الاثنين قمة المناخ التي تنظمها الأمم المتحدة في لوبورجيه قرب باريس، بحضور حوالي 150 رئيس دولة حكومة، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وعلى الرغم من أن القمة مخصصة للتوصل إلى اتفاق عالمي يخلف بروتوكول "كيوتو" بهدف الحد من الانبعاثات الحرارية، إلا أن الأنظار ستتجه على الأرجح إلى اللقاءات المتوقعة بين قادة العالم للبحث في عدد من الأزمات الدولية، خصوصًا جهود فرنسا لتشكيل تحالف "أمني - عسكري" واسع للتصدي لتنظيم "داعش"، ومساعي التوصل إلى حل للأزمة السورية، إضافة إلى خفض التوتر بين موسكو وأنقرة، بعد إسقاط الأتراك طائرة "سوخوي" على الحدود مع سورية.
وتلقت فرنسا عشية القمة دعمًا واضحًا، تمثل بعدم اعتذار أحد من قادة العالم عن الحضور، على خلفية المخاوف من هجمات متطرفة، على غرار التفجيرات الدموية التي شهدتها باريس في 13 تشرين الثاني / نوفمبر الجاري وأوقعت 130 قتيلًا ومئات الجرحى.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف، السبت أن بلاده وضعت ناشطين في مجال البيئة قيد الإقامة الجبرية قبل انطلاق قمة المناخ، واستخدمت في ذلك قوانين الطوارئ التي طُبّقت بعد هجمات باريس.
وتتسلم فرنسا مطلع الأسبوع رئاسة قمة المناخ من "البيرو"، وفتحت أبواب لوبورجيه أمام خبراء المناخ وسط تعزيزات أمنية استثنائية، وسيبدأ قادة العالم في الوصول إلى باريس الاثنين، في ظل حال طوارئ تطبق بصرامة في العاصمة، حيث منع استخدام السيارات بدءا من الاثنين حتى مساء الثلاثاء، لأسباب أمنية.
ويتوقع حضور الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، فيما يحضر من القادة العرب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والعاهل المغربي الملك محمد السادس وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان، ورئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام.
ويهدف مؤتمر المناخ إلى التوصل لاتفاق عالمي ملزم لخفض الانبعاثات الحرارية إلى مستوى أقل من درجتين، ومن أصل 195 دولة عضوًا في معاهدة الأمم المتحدة المناخية، سلَّمت 155 دولة مساهمتها المحددة نهاية الشهر الماضي.
ولدى انتهاء مؤتمر المناخ في 11 كانون الأول / ديسمبر، يُفترض أن يكون وُضع إطار للاتفاق الدولي الجديد للتغير المناخي، والذي يخلف عام 2020 بروتوكول "كيوتو" الذي فشل في الحد من الانبعاثات، فحرارة الكرة الأرضية هذا العام ما زالت فوق المستوى الصناعي بدرجة واحدة، وعلى الدول المشاركة في قمة باريس أن تتفق على طموحاتها في الحد من الانبعاثات، لكن المؤشرات الحالية تظهر أن الالتزامات التي قدمت ما زالت غير كافية، إذ تبقى حرارة الأرض أكثر سخونة مما يجب بثلاث درجات مئوية قبل نهاية القرن.
وفي سياق التدابير الأمنية أوضح وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف في ستراسبورغ الأحد أنه منذ إعادة بلاده نظام مراقبة الحدود في 13 تشرين الثاني / نوفمبر مُنِع حوالي ألف شخص من دخول الأراضي الفرنسية بسبب الخطر الذي قد يطرحونه على الأمن العام في البلاد.
وأضاف: "حوالي 15 ألفًا من عناصر الشرطة والدرك والجمارك نشروا على كل حدودنا، خصوصًا الحدود الشمالية، هدف مراقبة الحدود هو السماح لنا بضمان الأمن في إطار تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ، وأيضًا ضبط مستوى التهديد المتطرف المرتفع جدًا وضمان أمن الفرنسيين والقيام بالاعتقالات اللازمة".
وأشار كازنوف إلى أن بلاده وضعت ناشطين في مجال البيئة قيد الإقامة الجبرية بناء على قوانين الطوارئ، بعدما اشتبهت في أنهم خططوا لاحتجاجات عنيفة قبل قمة المناخ.
وتابع: "هؤلاء، وعددهم 24، وضعوا قيد الإقامة الجبرية لأن سلوكهم شابه العنف أثناء تظاهرات في وقت سابق، ولأنهم قالوا إنهم لن يحترموا حال الطوارئ التي فرضت بعد هجمات باريس، والتي حظرت بموجبها التظاهرات ومنحت الشرطة سلطات واسعة للتفتيش والمراقبة.
واستدرك كازنوف: "هؤلاء الأشخاص لا صلة لهم على الإطلاق بالتطرف، لكن قواتنا تحتاج إلى التركيز بشكل كامل على حماية الشعب الفرنسي"، وحذر من أن أي اضطرابات عامة خطيرة من شأنها تشتيت الشرطة في معركتها ضد التطرف.
ولم يوضح إلى متى سيظل الناشطون قيد الإقامة الجبرية، لكن وسائل إعلام فرنسية ذكرت أنهم سيلزمون منازلهم طيلة فترة انعقاد القمة.
وذكر مدير فرع منظمة السلام الأخضر "غرينبيس" في فرنسا جان فرنسوا غوليارد، أن هؤلاء الناشطين مسالمون لم يسبق لهم ارتكاب أي عمل عنيف.
وأفادت وكالة "فرانس برس" بأن مقر قمة المناخ يمتد على مساحة 18 هكتارًا في حديقة المعارض في لوبورجيه شمال باريس.