الاجتماع الوزاري في الدوحة

جدد وزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية ونظيرهم الأميركي جون كيري التأكيد على الموقف المعلن في قمة كامب ديفيد بـ"أن اتفاقا شاملا وقابلا للتحقق يعالج بصفة كاملة الهواجس الإقليمية والدولية بشأن برنامج إيران النووي هو من مصلحة أمن دول المجلس والولايات المتحدة والمجتمع الدولي". وذلك في البيان الختامي الصادر عن اجتماع الوزراء في الدوحة، أمس الأحد. وأضاف البيان، أنّ "الولايات المتحدة أعادت تأكيد التزامها بالعمل مع دول مجلس التعاون بشكل عاجل لمنع وردع أيَّة تهديدات أو عدوان خارجي، باستخدام جميع الوسائل المتوفرة بما في ذلك إمكانية استخدام القوة العسكرية للدفاع عن شركائها".

وترأس وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وفد الدولة المشارك في الاجتماع بحضور الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف بن راشد الزياني. وتم استعراض العلاقات الخليجية الأميركية وسبل تطويرها وتعزيزها بالإضافة إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتبادل وجهات النظر حول العديد من التطورات والمستجدات السياسية في الشرق الأوسط. كما تم بحث التقدم المحرز ورسم الخطوات القادمة بشأن الشراكة الإستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة ومجالات التعاون بين الجانبين التي أعلن عنها في كامب ديفيد في 14 أيار/ مايو 2015.

واستعرض الوزراء خطة العمل المشترك الشاملة بين مجموعة دول "5+1" وإيران والصراع في اليمن والحاجة للوصول إلى حل سياسي فيها يستند إلى المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني. كما تم بحث التحديات الإقليمية، وجدول أعمال الاجتماع الوزاري الخامس لمنتدى التعاون الاستراتيجي بين الجانبين المقرر عقده في نيويورك أواخر سبتمبر المقبل. وناقش الوزراء خطة العمل المشترك الشاملة بمزيد من التفصيل بما في ذلك ما ورد فيها من القيود والشفافية والإجراءات الوقائية وحرية الوصول إلى أي منشأة نووية معلنة أو غير معلنة كما ناقشوا آليات تنفيذها وآثارها الإقليمية.

وأكد الوزراء، مجددا، الموقف الذي تم التعبير عنه في قمة كامب ديفيد بـ"أن اتفاقا شاملا وقابلا للتحقق منه ويعالج بصفة كاملة الهواجس الإقليمية والدولية بشأن برنامج إيران النووي هو من مصلحة أمن دول مجلس التعاون وكذلك الولايات المتحدة والمجتمع الدولي". واتفقوا على أن خطة العمل المشترك الشاملة عندما يتم تنفيذها بصفة كاملة سوف تسهم في أمن المنطقة على المدى البعيد بما فيها منع إيران من تطوير أو الحصول على قدرات نووية عسكرية. ودعا الوزراء إيران إلى أن تفي بالتزاماتها على نحو تام بموجب هذه الخطة وكذلك مسؤولياتها بموجب معاهدة منع الانتشار النووي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعاد الوزراء تأكيد الالتزامات التي تم التوافق عليها في قمة كامب ديفيد بأن الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون تشترك في مصالح تاريخية وعميقة في أمن المنطقة بما في ذلك الاستقلال السياسي وسلامة أراضي دول مجلس التعاون من أي عدوان خارجي. وقد أعادت الولايات المتحدة تأكيد التزامها بالعمل مع دول مجلس التعاون لمنع وردع أي تهديدات أو عدوان خارجي، وفي حالة مثل هذا العدوان أو التهديد بمثل هذا العدوان فإن الولايات المتحدة على استعداد للعمل مع شركائها دول مجلس التعاون لتحديد العمل المناسب بشكل عاجل وباستخدام جميع الوسائل المتوفرة لدى الجانبين بما في ذلك إمكانية استخدام القوة العسكرية للدفاع عن شركائها دول مجلس التعاون.

وعبَّر الوزراء عن قلقهم من التصريحات الصادرة أخيرا من بعض المسؤولين الإيرانيين وأعادوا التأكيد على رفضهم دعم إيران للتطرف وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة والتزامهم بالعمل معا للتصدي لتدخلاتها، لاسيما محاولاتها لتقويض الأمن والتدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون كما حدث أخيرا في البحرين. وأكدوا على حاجة جميع دول المنطقة للتعامل وفق مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل واحترام سلامة الأراضي.

ورحب الوزراء بعودة وزراء وممثلي الحكومة الشرعية في اليمن إلى عدن ودعوا إلى الوقف الفوري للعنف من قبل الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح واستئناف الحوار السياسي السلمي الشامل بقيادة يمنية والمستند إلى قرارات مجلس الأمن الدولي بما فيها القرار 2216 في إطار المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني. وأكدوا أن كافة مكونات المجتمع اليمني لديها أدوار مهمة للقيام بها في الحكومة السلمية لليمن. ودعا الوزراء إلى سرعة إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية على كافة أنحاء اليمن دون تدخل أو معوقات أو تأخير وذلك لتلبية الاحتياجات الماسة للشعب اليمني.

ودان الوزراء بشدة الهجمات العنيفة وزعزعة الاستقرار من قبل تنظيمي القاعدة في شبه الجزيرة العربية و"داعش" مشيرين إلى أن هذه المجموعات تستغل عدم الاستقرار في اليمن وتمثل تهديدا لليمنيين وللمنطقة. وعبروا عن التضامن مع الشعب العراقي في تصديه لـ"داعش" مؤكدين على تكثيف الدعم والتعاون مع الحكومة العراقية في سعيها لتلبية احتياجات كافة أطياف الشعب العراقي. كما عبر الوزراء عن الأهمية القصوى لوجود حكومة عراقية فاعلة وشاملة وشددوا على أهمية تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها الصيف الماضي وأكدوا على الحاجة إلى قوات أمن قادرة على محاربة "داعش" واتفقوا على اتخاذ الخطوات اللازمة للحفاظ على الأمن والاستقرار في العراق. كما شددوا على أهمية دعم البرامج الإنسانية لمساعدة المتضررين من الصراع.

وأكد الوزراء، مجددا، دعوتهم لعملية الانتقال السياسي للسلطة في سورية، وشددوا على أنَّ بشار الأسد فقد شرعيته بالكامل، وأكدوا على الحاجة لوجود حكومة سورية جديدة تلبي تطلعات الشعب وتعزز الوحدة الوطنية والتعددية وحقوق الإنسان لجميع السوريين. كما أكد الوزراء أن النظام لم يبد الرغبة ولا القدرة على التصدي للإرهاب الذي يجد له ملاذا آمنا في سورية. واستنكروا العنف المستمر الذي يمارسه النظام ضد شعبه بما في ذلك استخدام البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية. وأعادوا التأكيد على التزامهم الدائم بتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري الذي تضررت حياته بشدة جراء هذه الأزمة ودعوا النظام بالسماح بوصول هذه المساعدات إلى المحتاجين.

ودان الوزراء الجرائم البربرية التي يرتكبها "داعش" بما في ذلك الهجمات على دور العبادة واتفقوا على أن الحملة ضد "داعش" ليست بالدينية أو الطائفية بل هي حرب ضد التطرف والوحشية. كما اتفقوا على وضع خطوات واقعية لدحر "داعش" وإرساء الأمن والاستقرار بما في ذلك قطع مصادر تمويله ومنع سفر المقاتلين الأجانب وتبادل المعلومات.

وأكدت الوزراء بقوة على ضرورة حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس اتفاق سلام عادل ودائم وشامل يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة متماسكة تعيش جنبا إلى جنب بأمن وسلام مع إسرائيل. وأكدت كل من الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون على أهمية مبادرة السلام العربية للعام 2002 والحاجة العاجلة لأن يبدي الطرفان من خلال السياسات والأفعال تقدما حقيقيا لحل الدولتين، وقرروا مواصلة العمل المشترك عن قرب للمضي قدما في هذا الاتجاه. كما أكد الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون على مواصلة الوفاء بالتزاماتها لإعمار غزة بحيث تتضمن التعهدات التي التزمت بها في مؤتمر القاهرة 2014 .

ورحب الوزراء بالبدء في إعداد مسودة الاتفاقية السياسية الليبية بتاريخ 11 تموز/ يوليو في الصخيرات في المملكة المغربية، ووصفوا مسودة الاتفاقية بخارطة طريق حقيقية لتحقيق حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا. وحثوا كافة الأطراف على مواصلة العمل معا بشكل بناء للتوصل إلى تسوية من خلال المفاوضات برعاية الأمم المتحدة من خلال المبعوث الخاص للأمين العام برناردينو ليون. كما ناشد الوزراء كافة الليبيين للعمل نحو تحقيق حكومة موحدة قادرة على التصدي لتهديد المنظمات المتطرفة العابرة للحدود الوطنية وضمان الأمن والازدهار لكافة الليبيين.

وأشاد الوزراء بالأهمية التاريخية لقمة "كامب ديفيد" وتعهدوا بالاستمرار في العمل معا لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة. ورحبوا بالتقدم الذي تم في التنفيذ السريع لمجموعة كبيرة من المواضيع التي نص عليها ملحق البيان المشترك لقمة كامب ديفيد بما فيها الدفاع ضد الصواريخ الباليستية والأمن البحري وأمن الفضاء الإلكتروني ومبيعات الأسلحة والجاهزية العسكرية ومكافحة الإرهاب وحماية البنى التحتية الحساسة.

واتفق الوزراء على الاستمرار في البناء على القواعد المتينة من التعاون العسكري القائم عن طريق تعزيز التنسيق من خلال التمارين والتدريبات العسكرية. وعبروا عن ارتياحهم لنتائج اجتماع كبار المسؤولين الذي عقد في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون في 9-10 حزيران/ يونيو 2015 وأخذوا علما بالاجتماعات الوشيكة لمجموعات العمل والتمارين العسكرية لإحراز المزيد من التقدم نحو تحقيق الأهداف المشتركة. وأكدوا على الحاجة لآليات متكاملة تشمل جميع الجهات الحكومية لتحقيق أهداف كامب ديفيد. ودعا الوزراء إلى مواصلة العمل المتفق عليه لتعزيز الشراكات بين الجانبين في كافة مجالات التعاون، وأكدوا مجددا على الدور الحيوي الذي يلعبه منتدى التعاون الاستراتيجي في تعزيز القدرة الجماعية للجانبين على مواجهة التحديات التي تستهدف الأمن الإقليمي.