المحكمة العليا

استمعت محكمة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا صباح أمس الاثنين برئاسة المستشار القاضي فلاح الهاجري إلى مرافعة النيابة العامة ومرافعة الدفاع في قضية الانضمام إلى التنظيم السري الاماراتي غير المشروع والمتهم فيها محمد. أ. ش، حيث طالبت النيابة العامة بتوقيع أقصى العقوبة على المتهم.وفقا لنص المادة 2/180 من قانون العقوبات بأن يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 10 سنوات من انضم إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو التنظيمات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة أو تعاون أو شارك فيها بأية صورة أو أمدها بمعونات مالية أو مادية مع علمه بأغراضها.
كما استمعت إلى مرافعتي الدفاع كل على حدة، وإلى مرافعة شفهية قدمها المتهم وخلصت إلى تأجيل الجلسة إلى 9 شباط/ فبراير المقبل للنطق بالحكم.
وفي جلسة محاكمة المتهم عبد السلام. ر والمتهم بالتخابر مع دولة أجنبية، وافقت المحكمة على طلب محاميي الدفاع بالتصريح لهما بإعلان شهود النفي في جلسة 26 من كانون الثاني/ يناير الجاري.
وقد تلا ممثل النيابة العامة مرافعة النيابة في قضية الانضمام إلى التنظيم السري الاماراتي التي تحمل رقم 70 لسنة 2014 وطالبت بتوقيع أقصى العقوبة على المتهم وفقا لنص المادة 2/180 من قانون العقوبات بأن يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 10 سنوات من انضم إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو التنظيمات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة أو تعاون أو شارك فيها بأية صورة أو أمدها بمعونات مالية أو مادية مع علمه بأغراضها.
وتفصيلا أكدت النيابة العامة في مرافعتها أن الجماعة التي تلونت عبر الزمن بإنشاء تنظيمات وهيئات محظورة ارتدت عباءة الدين بهدف التوغل في أجهزة السلطة وصولا لسدة الحكم.
وأشارت النيابة إلى أن أعضاء التنظيم قد اتبعوا خطة ممنهجة تستهدف الفرد بتغييبه عن فكره وثوابته ويتلاشى معه ولاؤه وانتماؤه للدولة ليتحول للجماعة التي تمثل الأهل والعشيرة والوطن.
وأوضحت النيابة أن أعضاء الجماعة سعوا في الأرض ينشرون فكرهم ومنهجهم وتواصلوا مع المنظمات والتنظيمات المماثلة لهم خارج الدولة لدعمهم ومساندتهم، مشيرة إلى أنه وعقب خروج الجماعات المناظرة لهم في بعض الدول العربية الشقيقة على حكامها فيما على حد قولهم بالربيع العربي، خرجت تلك الجماعة من السرية إلى العلنية وانكشف أمرها ومسعاها.
وبعد التحقيق مع افرادها وكفاية ثبوت الادلة قبلهم بأنهم أنشأوا وأسسوا وأداروا تنظيما يهدف إلى مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة والاستيلاء عليه، تم تقديم المتهمين إلى القضاء العادل في القضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة فاستحقوا العقاب وحل التنظيم غير المشروع.
وأوضحت النيابة أن المتهم الماثل أمام المحكمة هو من ضمن الأفراد الذين استقطبهم التنظيم السري فانضم إليهم واعتنق فكرهم ومنهجهم وسعى معهم في تحقيق أهدافهم فاختصوه بعضوية لجنة العمل الخيري للتنظيم في مكتب دبي ومراجعة التقارير والمشاريع الخاصة باستثمارات تلك اللجنة ونقل الأموال بين أعضاء التنظيم وجمع التبرعات والصدقات والزكوات دعما لاعمال التنظيم لدوام بقائه واستمراره.
ثم قدم المحامي حمدان رشود الزيوي مذكرة دفاع عن المتهم جاء فيها أن الاتهام قد خالف احكام القانون والثابت من صحيح الوقائع، لانعدام بينات الثبوت الشرعية والقانونية، ولانعدام أركان الاتهام.
وأشار الدفاع إلى أن الاتهام المسند للمتهم وكذا ما قرر به الشاهد قد خالف صحيح الوقائع وأحكام القانون حيث جاء في أقوال الشاهد أن آخر تواصل للموكل مع ما يسمى بلجنة العمل الخيري ان صح قد كان في أواخر 2011 وحيث إن الأفعال المسندة إلى الموكل بفرض وقوعها تدور وجودا وعدما مع الحكم الصادر في 2/7/2013 في القضية 17/2013 ومن ثم فإن كافة الأفعال التي تمت قبل هذا التاريخ ينحسر عنها التجريم حسب ما استقر في قضاء المحكمة الاتحادية العليا.
كما خالف الاتهام وأقوال الشاهد حقيقة الواقعة فالموكل لم يكن يوما عضوا أو متطوعا أو أنه غادر الدولة تحت مسمى مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية ولاثبات ذلك نتلمس مخاطبة المؤسسة للافادة عن عضوية الموكل أو تطوعه خلال أي فترة من الفترات، وإن صح التعاون معها فهي مؤسسات قانونية، كما ثبت أن كافة ما قيل وما ورد من أنشطة قام بها المتهم لا تخرج عن رحلات سياحية ورحلات العمرة.
وسرد الدفاع سيرة المتهم الذاتية والمهنية والشهادات العلمية التي حصل عليها في مجال صيانة الطيران والفضاء وشهادات التقدير والتكريم التي نالها والتي تدل على سلوكه القويم وبمقتضى كل ذلك التمس تكفيل المتهم بالكفالة التي تراها المحكمة لحين الفصل في القضية والقضاء ببراءته واحتياطيا القضاء بالعفو القضائي واعمال الاعذار القانونية والظروف التقديرية المخففة.
ثم قدم المحامي جاسم النقبي مذكرة دفاع عن المتهم بدأها بسرد آيات قرآنية وأحاديث نبوية وسرد قصصا لصور مساعدة الفقراء والمحتاجين وعرج على ما تقدمه الدولة من دعم للأشقاء والملهوفين واوضح في دفاعه أن الثابت من كافة أوراق الدعوى أن القائم بالتحريات اقتصر في تحرياته فقط على المعلومة التي وصلت إليه والتي يحتمل فيها الصدق والكذب ولم يجر ثمة تحريات جدية أو ثمة جهدا في موضوع تلك المعلومة للتأكد من وقوع الجريمة وتحقق إسنادها الى المتهم.
حيث أورد محرر الضبط في طلب إذن القبض وإذن التفتيش بأنه دلت تحرياتنا على أن المذكور أحد العناصر المنضمة إلى تنظيم غير مشروع على ساحة الدولة يهدف إلى الإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي ويحتفظ بنسخة من أرشيف العمل الخيري العائد للتنظيم.
ولما كان من الثابت بأوراق الدعوى أن محرر الضبط لم يقم بأية تحريات للتأكد من صحة المعلومة الواردة إليه.
فالثابت من محضر التحريات أنه تناول تلك التحريات بعبارات عامة معماة مجهلة، لا تتجاوز بضع كلمات.
هذه المعلومات السطحية لم تلق من جهاز أمن الدولة أي قدر من البحث الدقيق أو التحري الجدي، بل تمّ رصدها، واستصدر بناءً عليها الأمر بالقبض والتفتيش، بدون أن يبينوا كيفية الوصول إلى هذه المعلومات. ولم يثبت من خلال أدلة الاتهام قيام رجال الضبط القضائي بإجـــراء أي تحر جدي سابق على طلب استصدار الإذن بالقبض والتفتيش بدليل عدم إفصاح رجال الضبط عن ماهية ونوع وطريقة ووسيلة التحري والبحث المتخذة وكيفيتها وزمانها إذ إن التحريات بالمعنى المقصود قانوناً وقضاءً ما هي إلا عملية تجميع للقرائن والأدلة التي تثبت وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها.
وحيث إنه من الثابت في أوراق الدعوى بأن جهاز أمن الدولة لم يكن لديه سوى معلومة واحدة فقط والمتمثلة باحتفاظ المتهم بأرشيف العمل الخيري الخاص بالتنظيم والتي على أساسها قام باستصدار الإذن بالقبض عليه وتفتيشه بدون أن يبين مصدرها أو يتأكد من صحتها، وقد ثبت من خلال التقارير الفنية عدم صحة تلك المعلومة.
ولما سبق بيانه كيف يمكن لنا أن نتحدث عن تحريات جدية قام بها جهاز أمن الدولة مع المعلومات التي قدمها الرائد علي سعيد الخيلي في أقواله أمام المحكمة بتاريخ 22/12/2014 بأن المتهم ولجنة العمل الخيري كانوا يجمعون مبالغ مالية تقدر بين 5-8 ملايين درهم سنوياً بدون أن يضع هذه المعلومات أمام الجهات التي أصدرت لهم إذن القبض والتفتيش، وبدون أن يبين وبشكل دقيق الكيفية التي توصل بها إلى تلك المبالغ.
وحيث كان ما تقدم فقد استبان لعدالتكم وبجلاء بطلان تلك التحريات رأساً على عقب وهو ما لا يمكن معه التعويل عليه في إدانة المتهم، مما يجب علينا أن نطلب من عدالة هيئة المحكمة الموقرة القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه.
ودأبت أحكام محكمة التمييز أنه يجب لصحة القبض والتفتيش توافر تحريات تؤكد وجود دلائل كافية وقوية على ارتكاب المتهم للجريمة محل القبض والتفتيش، وإلا كان إجراء القبض والتفتيش على المتهم قد شابه البطلان لمخالفة القانون.
وأشار الدفاع إلى أن الاعتراف قد انتزع من موكله وحصل عليه بالقوة والإكراه وكان مخالفاً لطبائع الأمور ولم يصدر عن إرادة حرة يعتد بها، إذ إن الثابت من تحقيقات جهاز أمن الدولة أنه بتاريخ 1/5/2014 تمَ الحصول على الإذن بالقبض على المتهم وبنفس اليوم الساعة 1:01 مساءً وبمقر نيابة أمن الدولة بأبوظبي تمّ الحصول على إذن التفتيش وبتاريخ 2/5/2014 الساعة 7,30 صباحاً تمَ استجوابه من قبل جهاز أمن الدولة فبدأ بسرد مفصل دقيق لتاريخ حياته مع التنظيم غير المشروع والذي امتد من عام 1992 وحتى عام 2012 شارحاً ومبيناً فيه أدق التفاصيل بذكر عدد كبير من الأسماء التي تعامل معها وبتواريخ محددة والتي لا يمكن لشخص عادي أن يستطيع تذكرها بعد أقل من عشر ساعات من عمليات القبض والتفتيش التي خضع إليها والتي لا تخفى صعوبتها على أحد وما تتركه من آثار سيئة على نفسيته، ولا يمكن أن تصدر إلا من شخص قد تمّ إملاء الأقوال عليه ليكررها والتي سوف يجد أشد الصعوبة في تكرارها ولن يجد أسهل من الإقرار بها بدون أن يعرف فحواها تخلصاً من الضغوط الجسدية والنفسية التي تعرض لها.. وبعد بقاء المتهم أكثر من 50 يوماً أمام جهاز أمن الدولة بدون أية إجراءات اتخذت بحقه تمّ تقديمه إلى نيابة أمن الدولة ليفاجئنا بتكرار نفس المعلومات وبنفس الدقة والتفاصيل بدون أن يزيد عليها أو ينقص منها شيئاً..
وليؤكد بعدم وجود أية آثار لإصابات حديثة في جسده والتي لا بد وأنها ستزول بعد مرور تللك الفترة الطويلة على بقائه في جهاز أمن الدولة بدون أي مبرر يستدعي ذلك.
ولكن الخوف من التهديد الذي قد تعرض له المتهم من قبل جهاز أمن الدولة بإعادته إلى التحقيق معه من قبلهم في حال قيامه بتغيير إفادته التي تمّ تسطيرها على لسانه في محضرهم يفسر لنا أقواله أمام نيابة أمن الدولة. والتي أنكرها كلية أمام المحكمة الموقرة ولاسيما وأنه تمّت إعادته إلى جهاز أمن الدولة بالفعل قبل أن تتم إحالته إلى المحكمة.
وتابع الدفاع: هنا لا بد لنا من أن نتساءل وبصوت جلل عن السبب والقدرة التي جعلت المتهم يستطيع سرد تلك التفاصيل الدقيقة بعد مرور أكثر من 22 سنة عليها والتي بلغت أكثر من ثماني صفحات وعن السبب الذي جعل جهاز أمن الدولة يحتفظ بالمتهم أكثر من خمسين يوماً بدون أن يقوم بأي إجراء تجاهه ومن ثم يقدمه أمام نيابة أمن الدولة ليقر بنفس تلك الأقوال بدون أن ينسى منها أي شيء رغم ما تعرض له من ضغوط نفسية نتيجة لفترة التوقيف الطويلة التي تعرض لها.
وأشار الدفاع إلى أن إطالة مدة التحقيق مع المتهم تعد إكراها إذا تعمد المحقق تلك الإطالة بغية الحصول منه على اعتراف، وحيث ثبت لعدالتكم بيقين بطلان تلك الاعترافات لاتصالها بإجراءات قبض وتفتيش باطلة ولما أصابها من العيوب، مما يحدو بنا لأن نطلب من عدالة هيئة المحكمة الموقرة إهدار تلك الاعترافات وعدم الركون إليها والقضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه.
وأكد الدفاع لما كان أداء البيعة من الشروط الأساسية لاعتبار الشخص من أعضاء ذلك التنظيم وإن تخلف هذا الشرط يلغى عن الشخص صفة العضوية وبالتالي عدم توافر شروط الانضمام للتنظيم بالنسبة للمتهم الذي رد على سؤال النيابة أنه لم يؤد البيعة، مضيفا أن عجز النيابة العامة عن إثبات كل ذلك واكتفاءها بإحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية على مجرد الهدف من تأسيس هذه الجمعية فالهدف هو مجرد العزم لو كان الاتهام صحيحا بالرغم من عدم صحته، إلا أننا نحن أمام اتهام بالعزم على ارتكاب جريمة، والعزم على ارتكاب الجرائم حتى لو اعترف المتهم شفاهة أو كتابة اعترافاً لا يدع مجالاً للشك في وجوده لا يجوز محاكمة المتهم على هذا العزم لأنه لم يظهر للخارج بعمل ما ولم يتعد دائرة الضمير المحرمة على القانون الجزائي وبالتالي يتخلف الركن المادي للجريمة المؤثمة بموجب المادة 1/180 من قانون العقوبات.
وحيث إن نيابة أمن الدولة لم تستطع أن تثبت توافر العلم اليقيني لدى المتهم والذي بنته على افتراضات لا أساس لها في أوراق الدعوى وهو الذي يشكل الركن المعنوي للجريمة موضوع الدعوى.
وبناءً عليه يتضح من الحكم المشار إليه عدم توافر أركان النموذج القانوني للمادة 180 على الوقائع المنسوبة للمتهم وبالتالي لا يمكن أن ننسب إليه هذه الجريمة.
ومع عدم توافر الركنين المادي والمعنوي لجريمة الدعوى إلى قلب نظام الحكم أو مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة فإن الاتهام الموجه إلى المتهم قد أتى مختلفاً الأمر الذي يحدو بنا لأن نطلب من المحكمة الموقرة القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه.