المحكمة الاتحادية العليا

نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكمًا قضى بإعدام شخصين قصاصًا لقتلهما آخر طعنًا بالسكين، وذلك على سند عدم صدور الحكم بإجماع آراء القضاة، وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها مرة أخرى.

وكانت النيابة العامة أحالت شخصين إلى المحاكمة الجزائية، بتهمة القتل العمد، موضحة أن المتهمين طعنا المجني عليه بسكين في كتفه وبطنه ثم لحقا به واجتمعا عليه وعمدا إلى ضربه وموالاة طعنه بالسكين في أنحاء متفرقة من جسده، بنية إزهاق روحه فأحدثا به إصابات أودت بحياته، ووجهت لهما تهمًا أخرى متعلقة بالسرقة وقيادة مركبة دون رخصة، وتحسين المعصية، مطالبة بمعاقبتهما.

وقضت محكمة أول درجة حضوريًا وبإجماع الآراء بقتل المتهمين قصاصًا بالمجني عليه بالوسيلة المتاحة، وبمصادرة الآلات المضبوطة والمستعملة في القتل، بعد عرض الأمر على صاحب السمو رئيس الدولة للتصديق على الحكم، وأيدتها محكمة الاستئناف، من دون أن ينص الحكم على الإجماع، ولم يرتضِ المتهمان هذا الحكم، فطعنا عليه بالنقض، كما طعنت النيابة العامة، مطالبة بنقض حكم الاستئناف والإحالة للبطلان لعدم صدوره بالإجماع، كما نصت عليه المادة 218 من قانون الإجراءات الجزائية.

وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن النيابة موضحة أن علة الإجماع عند تطبيق عقوبة الإعدام والخروج على القاعدة العامة من أن الأحكام تصدر بأغلبية الآراء هو الجزاء في عقوبة الإعدام وحرص المشرع على إحاطتها بضمان إجرائي يكفل أن ينحصر الحكم بها في الحالات التي يرجح فيها إلى ما يقرب من اليقين أن تكون مطابقة للقانون، واشتراط الإجماع قاعدة إجرائية بحتة تتعلق بالمبادئ العامة للتجريم والعقاب، وأهم ما تتميز به هذه المبادئ أنها الإطار الذي تدور في داخله الإجراءات، ومن ثم فهي من القواعد التي تطبق في جميع الحالات دون استثناء.

وأكدت المحكمة أنه "من المقرر شرعًا أن الشريعة الإسلامية أحاطت جرائم الحدود والقصاص بسوار من الضمانات، وأوجبت على القضاة عند إعمال تلك العقوبات أن يتحروا الدقة واليقين في أحكامهم، وألا يؤاخذ الجاني بالشبهات، بل الأحرى بهم التثبت والتريث".

وأشارت إلى أن "حكم الاستئناف صدر بتأييد الحكم الأول، الذي قضى بقتل المتهمين قصاصًا، من دون أن ينص على الإجماع، وهي عقوبة تتساوى من حيث النتيجة مع عقوبة الإعدام التعزيرية، بل إن الحرص والثبت في توقيعها أولى بأن تصدر بإجماع آراء القضاة، فضلًا عن أن اشتراط إجماع آراء القضاة على توقيع عقوبة القتل قصاصًا هو في صالح المتهمين، ومن ثم فإن الدفع ببطلان حكم الاستئناف لتخلف إجماع الآراء في محله، ما يتعين معه نقض الحكم والإحالة من دون حاجة لبحث ما جاء بالطعون الأخرى من أسباب".