غزة - محمد حبيب
اندلعت مواجهات عنيفة صباح الثلاثاء في بلدة جبل المكبر في مدينة القدس المحتلة مسقط رأس منفذي عملية القدس البطولية التي أوقعت ستة قتلى من المستوطنين الإسرائيليين داخل كنيس في حي "هار نوف" واشتدت المواجهات بعد أن هاجمت قوات الاحتلال منزل أحد منفذي العملية، فيما جرى إطلاق المفرقعات ضد جنود الاحتلال في جبل المكبر.
وهاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منزل منفذي عملية القدس الكائن في جبل المكبر مستخدمين قنابل الغاز والرصاص المطاطي، واقتحمت الوحدات الخاصة منزل الشهيدين، واعتدت على الموجودين فيه بالضرب وإلقاء القنابل والأعيرة المطاطية، كما اعتقلت اثنين من أفراد العائلة.
واستشهد شابان مقدسيان من جبل المكبر في مدينة القدس، بعد تنفيذهما عملية طعن في كنيس يهودي أدى إلى مقتل أربعة مستوطنين.
وعلم "العرب اليوم" أنَّ الشابين هما غسان محمد أبو الجمل 25 عامًا، وعُدي عبد أبو الجمل 21 عامًا، اقتحما في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، كنيسًا يهوديًا مسلحين بالسكاكين والمسدسات، وهاجما المستوطنين الموجودين، مما أدى إلى قتل 5 وإصابة ثمانية آخرين، بجروح متفاوتة.
والشهيدان هما أبناء عم و أسيران محرران من سجون الاحتلال، وأقارب أحد محرري صفقة "وفاء الأحرار" التي تمت بين حماس والاحتلال الإسرائيلي منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2010 والتي تم بموجبها تحرير أكثر من ألف أسير وأسيرة من سجون الاحتلال.
وأفاد شهود عيان بأنَّ قوات الاحتلال تعمَّدت الاعتداء على عائلة الشهيدين، وأصيب خلال ذلك عدد من الموجودين، من بينهم والدة الشهيد عدي أبو الجمل.
كما اعتدت قوات الاحتلال على الصحفيين وألقت باتجاههم القنابل والأعيرة المطاطية، وأغلقت مدخل جبل المكبر بالسيارات الشرطية وعُلقت الدراسة في قرية جبل المكبر وأغلقت المدارس أبوابها.
وفي مدينة نابلس، ارتكبت مجموعة من المستوطنين منذ ساعات الصباح أعمال عربدة على الشارع الواقع بين قريتي بورين ومادما جنوب نابلس ويمنعون السيارات من المرور.
وأفاد شهود من مادما، بأنَّ أعدادًا من المستوطنين بدؤوا بالتجمع على الشارع بين قريتي مادما وبورين، بحراسة من جنود الاحتلال، ويمنعون السيارات التي تحمل لوحات فلسطينية من المرور، ويعربدون على السائقين.
وأفادت مصادر في بورين أن عدداً من المستوطنين يتجمعون أمام إحدى المدارس، ويخشى أهل القرية من اعتداءاتهم على الطلبة، في السياق ذاته أغلقت قوات الاحتلال حاجز حوارة جنوب نابلس، ومنعت السيارات من الدخول والخروج إلى مدينة نابلس.
وعقب الهجوم دعا رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إلى اجتماع عاجل لبحث تداعيات العملية وتدهور الوضع الأمني في القدس، فيما أكد مسؤول شرطة الاحتلال في القدس، أنه لا يوجد حل سحري للعمليات في المدينة التي تصاعدت أخيرًا ردًا على جرائم الاحتلال المتواصلة بحق المواطنين والمسجد الأقصى.
وقتل 5 مستوطنين على الأقل بينهم مسؤول كبير في حزب "شاس" المتطرف، وأصيب 13 آخرين في الهجوم، الذي جاء بعد أقل من 24 ساعة على إعدام الشاب المقدسي يوسف رموني (32 عامًا) فجر الاثنين على يد مستوطنين.
وأوضحت المصادر العبرية أنَّ الهجوم على الكنيس كان مزدوجًا تخلله إطلاق نار وطعن، وأنَّ عدد من الإصابات في حال خطيرة، فيما أعلن عن استشهاد اثنين من المنفذين وتجري ملاحقة بمساعدة "مروحية" لثالث فرَّ من المكان.
وفي السياق أطلق مسلحون النار على جيب عسكري للاحتلال قرب مستوطنة "يتسهار" المقامة على أراضي المواطنين في نابلس دون إصابات، فيما أغلق الجيش منطقة حوارة وتجري عمليات لملاحقة المهاجمين، حسب الإذاعة العبرية.
وألغى وزير الحرب في حكومة الاحتلال موشيه يعلون، زيارة له كانت مقررة إلى القدس في أعقاب العملية، وذكرت القناة العبرية الأولى أنَّ التقديرات الأولية لجيش الاحتلال والأمن الإسرائيلي تشير إلى أنَّ منفذي عملية القدس هما من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".
وفي ردود الفعل الفلسطينية، بارك عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الشعبية" كايد الغول، عملية القدس، قائلًا "ننتظر الجهات الرسمية فيما يتعلق بتبني الشعبية للعملية"، مؤكدًا أهمية استمرار المقاومة في مواجهة الاحتلال، معتبرًا أنَّ هذه العملية هي رد فعل على جرائم الاحتلال في القدس، مضيفًا "نحن بحاجة إلى توحيد صفوف الفلسطينيين وتحديد إستراتيجية موحدة لمواجهة قوات الاحتلال".
ومن جهته، أكد عضو المكتب السياسي في حركة "حماس" الدكتور محمود الزهار، أنَّ الدعوات إلى التهدئة في القدس هي دعوات مشبوهة هدفها خنق الانتفاضة وقد أثبتت فشلها، مضيفًا "التهدئة كانت موجهة لطرف واحد، ولا أحد استجاب لها، لا الإسرائيليين ولا المقاومة".
وأفاد الزهار في تصريح تلفزيوني، بأنَّ عملية القدس هي منطقية وطبيعية مأخوذة من المخزون البشري لما يرتكبه الاحتلال من انتهاكات بحق القدس والمسجد الأقصى والمقدسيين، مضيفًا "يجب أن يكون سلاح المقاوم جاهز دائمًا، ولا يتوقف للدفاع عن النفس".
وتابع "قرار التهدئة بيد من يقاوم ويدافع عن النفس، وهذا التيار المقاوم الذي بذل جهودًا كبيرة لا يمكن أن يستجيب للقرار ويجلس في بيته"، مبيّنًا أنَّ تحميل نتنياهو لحركة "حماس" مسؤولية العملية، هي "محاولة للضغط على عباس ليقوم بدور الشرطي الإسرائيلي، وهذا لا تقبل به حماس التي تتشرف بأن تتحمل مسؤولية العملية".
باركت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عملية القدس، التي نفذها استشهاديان، صباح الثلاثاء، وأدت إلى مقتل 4 مستوطنين، وإصابة 13 على الأقل داخل معبد يهودي.
واعتبر الناطق باسم "حماس" حسام بدران، في تصريح صحافي العملية "تطورًا نوعيًا في مواجهة الاحتلال، وردًا عمليًا على جرائمه المتتالية، والتي كان آخرها إعدام الشاب المقدسي، الاثنين"، محمّلًا مسؤولية العملية لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مشيرًا إلى أنها "كانت بسبب سياساته الإجرامية الحمقاء، التي تشكل خطرًا على اليهود أنفسهم داخل فلسطين وخارجها".
ودعت "حماس" الشعب الفلسطيني في كل مكان، إلى "التعبير عن غضبه في وجه هذه العنصرية الإجرامية البشعة"، كما طالبت السلطة بـ"ضرورة وقف التنسيق الأمني فورًا ورفع اليد عن الشعب المنتفض في الضفة الغربية، والعودة إلى أحضان الشعب الفلسطيني وثوابته".
ومن جهتها، أشادت حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين بالعملية الفدائية في القدس المحتلة، مؤكدة، في بيان مقتضب، أنَّ "عملية القدس تأتي كرد طبيعي على جرائم الاحتلال ومستوطنيه".
ورأت حركة "المجاهدين الفلسطينية"، في بيان وصل "العرب اليوم"، صباح الثلاثاء، أنه "يجب تصعيد عمليات الضفة، لتشمل كل المناطق المحتلة على أرض فلسطين"، معتبرة العمليات "عملًا مقاومًا بطوليًا، جاء ردًّا على جرائم الاحتلال وانتهاكاته المتكررة في القدس والمسجد الأقصى المبارك"، فيما باركت "لجان المقاومة" العملية، مؤكدة أنها "الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي في القدس".
وفي سياق متصل، دعا وزير جيش الاحتلال موشيه يعلون لاجتماع عاجل لقيادة الجيش والأجهزة الأمنية لدى الاحتلال، لدراسة وتقدير الموقف بعد العملية التي سقط فيها 4 قتلى مستوطنين، في حين صدرت تصريحات تحمّل الرئيس الفلسطيني أبو مازن المسؤولية المباشرة عن العملية.
ووصفت المواقع العبرية العملية بـ"المجزرة"، في الوقت الذي حمّل وزير الاقتصاد زعيم حزب "البيت اليهودي" المتطرف نفتالي بينت أبو مازن المسؤولية، بالقول "إن أبو مازن أعلن الحرب على إسرائيل، وعلينا التعامل معه على هذا الأساس"، متّهمًا الرئيس الفلسطيني بأنه "يجلس على رأس الإرهاب الفلسطيني"، حسب تعبيره.
ودعا عضو الكنيست، زعيم حركة "شاس"، إيلي إيشاي إلى هدم منازل منفذي العملية، التي وصفها "بالمجزرة"، وطرد عائلاتهم من مدينة القدس، في حين وصل رئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات إلى موقع العملية، وطلب من الحكومة وقوات الأمن القيام بكل ما هو ممكن لوقف "الإرهاب"، مضيفًا أنَّ "إسرائيل لن تمر مرور الكرام على هذه العملية"، التي وصفها أيضًا "بالمجزرة"، وانضم لهذه التصريحات أعضاء كنيست مثل ميري رغيب المتطرفة، ولم تخرج في تصريحاتها عما سبقها بتحميل المسؤولية للرئيس أبو مازن.
وكانت مصادر عبرية أعلنت أنَّ "فلسطينيين مسلحين بمعاول وسكاكين ومسدسات اقتحما معهدًا دينيًا يهوديًا غرب القدس، قرب مكان استشهاد المقدسي الرموني، مما أسفر عن مقتل أربعة إسرائيليين، بينهم رجل أمن، وإصابة ثمانية آخرين، وصفت جراح أربعة منهم بالخطيرة، نقلوا إلى مستشفيات شعار تسديك، وهداسا عين كارم".
وأضافت أنَّه "جرى أثناء العملية إطلاق نار، أسفر عن استشهاد منفذي العملية برصاص شرطة الاحتلال"، موضحة أنَّ قوات الاحتلال بدأت عمليات بحث واسعة في محيط العملية، بحثًا عن منفذ ثالث وفقًا لشهود عيان، أكدوا أنهم شاهدوه في المكان.