غزة – محمد حبيب
يراقب المستوى السياسي والأمني في إسرائيل عن كثب الحدث الاستراتيجيّ الأهّم في المنطقة وهي مبادرة المصالحة التي أطلقتها السعودية لإعادة المياه إلى مجاريها بين مصر وقطر، ومن منظور إسرائيل التي تهتم أولاً وأخيرًا بحدودها، وأكدت مصادر سياسيّة رفيعة في تل أبيب لموقع "المصادر" أنّ تأثير المصالحة على حماس يتصدر هواجس الدولة العبريّة.
وبالمقابل يرى محللون إسرائيليون أنّ حماس رغم تصريحاتها عن أهمية التهدئة تلجأ إلى صراع جديد مع إسرائيل. وتُركّز التقديرات الإسرائيلية الأمنية على أمرين فيما يتعلق بالمصالحة المصرية – القطرية وحماس، الأول هو أنْ تُساهم المصالحة في تهدئة حماس، ففتحت مصر معبر رفح لوقت قصير منعشة سكان غزة، ومن المحتمل أنْ تفتح مصر المعبر على نحوٍ دائمٍ بعد تثبيت المصالحة مع قطر نهائيًا.
أما الأمر الثاني، بحسب المصادر عينها، الذي يشغل المسؤولون الأمنيون في إسرائيل، فهو الفراغ الذي تخلفه قطر في أعقاب المصالحة مع مصر، وتبعًا لذلك عودة إيران إلى قطاع غزة لسد هذا الفراغ.
وفي هذا السياق، تحدث مسؤول عسكريّ إسرائيليّ مع موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ أنّ المصالحة هي حدث استراتيجيّ كبير ومهم في المنطقة، ومن شأنه أنْ يخلط أوراق الخارطة الاستراتيجية، لكن، أضاف المسؤول، ما زال مبكرًا معرفة تبعات لذلك، مُشدّدًا على أنّ المستوى الأمني في إسرائيل يراقب التطورات عن كثب.
أما المحللون في إسرائيل فيتفقون على أنّ "حماس" تتصرف تحت ضغط كبير، فمن جهة هي تريد تهدئة الأوضاع في القطاع، لكن كلما تأخرت مشاريع الإعمار، زاد الضغط على" حماس" في أن تقوم بخطوات استفزازية تجاه إسرائيل لتضغط بدورها على الدول المجاورة والمانحة للإسراع في إعمار غزة وإنعاش الاقتصاد هناك.
ويري محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة هآرتس الإسرائيليّة، عاموس هرئيل، أنّ "حماس" بعد مرور أربعة أشهر على الحرب مع إسرائيل ما زالت عاجزة على تقديم الإنجازات لسكان القطاع في سيبل تبرير العناء الذي حلّ بهم جرّاء الحرب. وكلمّا واصلت مصر، حسب هرئيل، في تضييق الحصار على القطاع، زاد عزم "حماس" على جر إسرائيل إلى جولات قتالية بهدف دفع مصر بصورة غير مباشرة إلى تقديم التسهيلات والإسراع في إعمار غزة.
ويوافق محلل صحيفة (يديعوت أحرونوت) على الإنترنت، رون بن يشاي، على أنّ "حماس"، مشدّدًا على الجناح العسكري للحركة، يُراهن على تجديد القتال مع إسرائيل من أجل خلط الأوراق والخروج من المأزق الماليّ الذي يُعاني منه سكان القطاع. وأوضح بن يشاي في مقالٍ تحليليّ نشره على الموقع، أنّ القيادة السياسية لحماس في القطاع تبث رسائل مفادها أنّها معنية بتثبيت التهدئة، وأنّ حماس تُواصل تهديد إسرائيل من أجل الضغط على مصر والسلطة من أجل التعاون في قضية إعمار غزة، على حدّ تعبيره.
هذا وكان القائد العام للجيش الإسرائيليّ، الجنرال بيني غانتس، تحدّث في مؤتمر نظمته الصحيفة الاقتصاديّة الإسرائيليّة (كاكاليست)، التابعة لصحيفة (يديعوت أحرونوت) مبينًا أنّ الجيش الإسرائيليّ يقيم بصفة مستمرة الوضع ويُصيغ استراتيجيات جديدة من أجل مواجهة العديد من التهديدات، التي يتعرض لها أمن إسرائيل.
وتابع الجنرال غانتس" أنّ عدم الاستقرار في المنطقة يميز حياة جنود الجيش الإسرائيلي بانتظام، لافتًا إلى أنّه ليس لدينا النية للسماح لهذه التحديات بالمرور دون رد، استجبنا وإذا لزم الأمر سنرد بقوة أكبر من أي وقت مضى".
من ناحيته، ردد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت لاحق تصريحات غانتس، وتعهد للرد بحزم على أي تهديد للمدنيين الإسرائيليين.
وأردف نتنياهو أنّ سياستنا واضحة، استجابة قوية وحازمة ضد أي محاولة لخرق الهدوء في الجنوب، مُشدّدًا في بيانٍ رسمي أصدره ديوانه على أنّ إسرائيل سترد بقوة كلما كانت هناك محاولة لخرق الهدوء الذي تم التوصل إليه في الجنوب بعد عملية الجرف الصامد، الصيف الماضي، على حدّ تعبيره.
في سياق متصل، أكد نائب رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، على الالتزام بما تم الاتفاق عليه في القاهرة ما التزم الاحتلال به.
وأضاف هنية في تصريحات له الجمعة، أن اتصالات تجرى مع مصر وأطراف أخرى، من أجل إلزام الاحتلال بما تم الاتفاق عليه في القاهرة.
ودعا مصر إلى إعادة فتح معبر رفح بشكل دائم، مشيرًا إلى أن أمن واستقرار مصر أولوية لنا.
وتأتي تصريحات هنية بعد خرق الاحتلال للتهدئة وإطلاق النار على مواطنين شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع، واستشهاد مواطن بنيران الاحتلال.