رئيس الوزراء التركي مع قادة الاتحاد الأوروبي خلال القمة الأوروبية التركية في بروكسل

تسعى أنقرة إلى استغلال أزمة تدفق اللاجئين السوريين للضغط بقوة على الاتحاد الأوروبي وإجباره على إعادة المحادثات المتعثرة منذ فترة طويلة بشأن انضمامها إلى الاتحاد، واقترحت إعادة توطين لاجئ سوري واحد في أوروبـا مقابل كل مواطن سوري عائد إلى تركيـا من الجزر اليونانية، كما طالبت بمساعدات إضافية بقيمة 3 مليارات يورو من أجل دعم إدارة أزمة الهجرة في أوروبا بالتصدي لظاهرة تهريب البشر.

وعقدت في بروكسل قمة أوروبية– تركية طارئة؛ لمناقشة مقترح خاص بتبادل اللاجئين السوريين، إذ عرض رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، مقترحات لإعادة توطين لاجئ سوري في أوروبـا عن كل سوري عائد إلى تركيـا من الجزر اليونانية، وأبدى الاتحاد الأوروبي استعداده لمضاعفة المساعدات لصالح اللاجئين السوريين في تركيـا، بعد مفاوضات مع أنقرة لبذل المزيد من الجهد في سبيل إيقاف زحف المهاجرين نحو الشواطئ اليونانية.


ووفقًا لنسخة من مسودة نتائج القمة، وعد قادة دول الاتحاد الأوروبي بمنح تركيـا 6 مليارات يورو (أي ما يعادل 4,6 مليار جنيه إسترليني) على مدى ثلاثة أعوام، وهو ما يمثل ضعف المبلغ الذي كان قد تم عرضه بقيمة 3 مليارات يورو في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لاسيما بعدما استقبلت تركيا نحو ثلاثة ملايين لاجئ، وتقدم العام الماضي ما يقرب من 363,000 سوري بطلب لجوء إلى أوروبا، ويصل كل يوم إلى الشواطئ اليونانية ما يقرب من 2,000 لاجئ جاء الكثيرون منهم من سورية والعراق وأفغانستان.
ووعد داوود أوغلو بالتصدي لظاهرة تهريب البشر مع هذه المقترحات الجديدة التي تهدف إلى إنقاذ اللاجئين وردع هؤلاء الذين يستغلون أوضاعهم، مع إيجاد حقبة جديدة في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وأشار خلال حديثه إلى قادة دول الأوروبي إلى أن تركيـا تريد المزيد لصالح مواطنيها، داعيًا إلى تحرير التأشيرة لنحو 75 مليون مواطن تركي بحلول مطلع حزيران/ يونيو المقبل، فضلاً عن إعادة بدء المحادثات المتعثرة منذ فترة طويلة بشأن انضمام تركيـا إلى الاتحاد الأوروبي.
ويبحث المسؤولون الأوروبيون من الناحية القانونية واللوجيستية إمكانية تطبيق برنامج إعادة التوطين المقترح، كما ستطرح التساؤلات بشأن ما إذا كانت دول الأوروبي ستشارك في ذلك البرنامج لإعادة التوطين أم لا، في ظل رفض بعض الدول مثل المجر المشاركة في الخطة، وقبيل انعقاد القمة، ذكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده أنفقت 10 مليارات يورو (أي ما يعادل 7 مليارات جنيه إسترليني) لمساعدة هؤلاء الذين يعيشون في تركيا والفارين من جحيم الحرب في سورية.
ووعد الاتحاد الأوروبي العام الماضي بمنح مساعدات بقيمة 3 مليارات يورو؛ من أجل توفير الغذاء والمسكن للاجئين في تركيا، مقابل قيام أنقرة ببذل المزيد في سبيل مواجهة تهريب البشر والحد من تدفق الأشخاص الذين يصلون إلى الشواطئ الأوروبية، إلا أن أردوغان الذي لم يكن حاضرًا للقمة، أعرب عن خيبة أمله بفشل الاتحاد الأوروبي في تقديم الأموال التي وعد بها في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عاقدًا الأمل على عودة رئيس الوزراء المشارك في القمة بهذه الأموال.
وتأتي هذه القمة في لحظة حرجة للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، بعدما سيطرت الحكومة التركية على صحيفة زمان، وهي أكبر صحيفة يومية في البلاد والتي كانت تنتقد أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، وحثت منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، أنقرة على ضرورة احترام أعلى المعايير من الديمقراطية وسيادة القانون وحرية التعبير، كما دعت السلطات التركية إلى الانخراط مع الجماعات الكردية السلمية لاستئناف محادثات السلام المتوقفة، بينما ذكرت مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، أنه سيعرقل أي اتفاق مع أنقرة لا يتضمن الإشارة إلى حرية الصحافة.
وركزت تركيـا في هذه القمة على إعادة الحياة للمحادثات بشأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث أكد داوود أوغلو استعداد تركيا لتكون عضوًا في الاتحاد الأوروبي، ومع وجود اقتراح من جانب تركيا باستقبال هؤلاء الأشخاص الذين لا يحق للحصول على اللجوء في أوروبا، إلا أن جماعات حقوق الانسان ذكرت أن هذه الترتيبات يمكن أن تتعارض مع اتفاقية جنيف.
وانتقد نائب رئيس البرلمان الأوروبي، ميلتياديس كيركوس، فشل أوروبا منذ العام الماضي في تقديم المساعدات بقيمة 3 مليارات يورو التي كانت قد وعدت بها، حتى مع توقيع قادة الأوروبي الشهر الماضي على تسليم المساعدات المالية، وأعلنت المفوضية الأوروبية، الجمعة الماضية، أنها ستنفق 95 مليون يورو على توفير المأكل والتعليم للاجئين السوريين في تركيا من وعاء آخر من المال.
وخلف الستار في المحادثات مع تركيا، فقد كان قادة الاتحاد الأوروبي على خلاف بشأن إدارة اللاجئين في أوروبا، حيث اعترضت ألمانيا على إحدى مسودات الدستور من البيان الختامي للقمة، والتي أعلنت إغلاق طريق البلقان الغربي والذي يستخدمه اللاجئون والمهاجرون في السفر من اليونان إلى شمال أوروبا، ووفقاً لوسائل الإعلام الألمانية، فإن المستشارة أنجيلا ميركل تعتقد أنه من الخطأ الإعلان عن غلق الطريق الذي يحق للسوريين والعراقيين اللجوء إليه بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.
والغالبية العظمي من اللاجئين والمهاجرين في اليونان ممنوعون بالفعل من استخدام الطريق، مع وجود 35,000 منهم على الأقل عالقين في اليونان، وهو ما أدى إلى تفاقم الأوضاع عند مخيم أيدوميني بالقرب من الحدود اليونانية المقدونية، حيث يوجد نحو 13,000 من هؤلاء اللاجئين والمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل وفي حاجة ماسة بشكل متزايد إلى إمدادات من الغذاء والماء.
ولدى وصوله إلى القمة الأوروبية التركية في بروكسل، ذكر ديفيد كاميرون أنه لا يوجد احتمال بانضمام بريطانيا إلى سياسة أوروبية موحدة بشأن اللجوء، حيث أن بلاده ليست في منطقة شينغن التي يتم فيها العبور من دون تأشيرة على الرغم من توقيعهاعلى إجراءات دبلن للاتحاد الأوروبي، والتي تلزم الدول الأعضاء بتحمل المسؤولية عن اللاجئين الذين يصلون إلى بلادهم أولاً.
ويواجه نظام دبلن مشكلة الانهيار بعد وصول أكثر من مليون لاجئ ومهاجر إلى أوروبا خلال العام 2015، فضلاً عن مواصلة ما يقرب من 2,000 آخرين في التوافد على اليونان كل يوم، ومن المنتظر أن توضح المفوضية الأوروبية الأيام المقبلة خطط لإصلاح سياسة اللجوء في الاتحاد الأوروبي، من خلال تطبيق نقاط التفتيش الحدودية، في الوقت الذي سيمكن فيه لبريطانيا اختيار ما إذا كانت ستنضم إلى النظام الجديد أم لا.