بغداد ـ نهال قباني
بات تنظيم "داعش" المتطرف يكسب الملايين من الدولارات شهريا من خلال بيع السيارات المستعملة وتشغيل مزارع السمك في العراق من أجل تعويض خسائر تراجع عائدات النفط. وكان يُعتقد في السابق أن الدخل السنوي للتنظيم المتطرف بلغ 2.9 مليار دولار في ذروة قوته، وأتت الكثير من هذه الاموال من حقول النفط الغنية ومعامل الغاز في العراق وسورية.
واستطاعت الضربات الجوية للتحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية الى جانب هزيمة التنظيم في الرمادي وسنجار وبيجي، في المساهمة في تراجع مصادر التمويل التي اعتمد عليها "داعش"، فأصبح غير قادر على بيع النفط بكميات هائلة، مما اضطره لفرض تدابير تقنين صارمة من الكهرباء على السكان والمقاتلين، ويقال أنه اضطر أيضا لاتخاذ اجراءات تخفيضات كبيرة في أجور مقاتليه.
وجاء في تقرير صادر عن المحكمة المركزية في العراق للتحقيق نقلا عن القاضي عبد الجبار عبد الله هشامي " أن مصادر التمويل للإرهابيين تغيرت عما كانت عليه منذ أن أعلنوا عما يسمى بخلافتهم منذ ما يقرب من عامين، فبعد أن استطاعت القوات المسلحة السيطرة على عدة حقول للنفط كان "داعش" يستخدمه لتمويل عملياته، واضطروا للجوء الى طرق غير تقليدية للدفع لمقاتليهن وتمويل أنشطتهم."
وتابع التقرير أن احدى الطرق الجديدة كان صيد الأسماك من مئات من البحيرات شمال بغداد مما يجلب لهم ملايين من الدولارات شهريا، الى جانب الاستفادة من مزارع السمك التي تخلى عنها أصحابها أو وافقوا على التعاون مع "داعش" بعد السيطرة على أراضيهم لتجنب التعرض للتنكيل.
وأضاف القاضي: " يعتبر تنظيم داعش المحافظة شمال بغداد بمثابة مركز مالي، وهو المصدر الرئيسي للتمويل، ويشن داعش عددا متكررا من الهجمات في بغداد ضد قوات الامن والسكان الشيعة."
ويفرض التنظيم أيضا ضريبة على الأراضي الزراعية، وضريبة قيمتها 10% على الدواجن، ورسوم أخرى على مجموعة من الواردات في الأراضي التي يسيطر عليها. وتابع التقرير " في الأونة الاخيرة لم يكن هناك اعتماد على الأراضي الزراعية في مناطق خارج سيطرة قوات الامن العراقية والتي تأتي من الضرائب المفروضة على المزارعين."
ويبدو أن ايرادات جديدة تدخل على داعش من خلال وكلاء السيارات والمصانع التي تديرها الحكومة العراقية في المناطق التي استولى عليها التنظيم، وقد ساعد ذلك في تعويض الخسائر الناجمة عن انخفاض عائدات النفط، بالرغم من أن ذلك لم يكن كافيا.
وأوضحت شركة "أي اتش أس" الأميركية للتحليل الأسبوع الماضي أن ايرادات داعش انخفضت لنحو الثلث منذ الصيف الماضي أي ما يقارب من 56 مليون دولار في الشهر، وأصبحت العوائد المالية لداعش في الفترة الاخيرة تعتمد على المصانع الحكومية التي تسيطر عليها مثل تلك الموجودة في الموصل، وأضاف هشامي أن تهريب النفط من مصافي التكرير السورية لا تزال المصدر الرئيسي لتمويل الجماعة الدولي.
ويستند التقرير العراقي الى مجموعة من اعترافات المشتبه بهم من المنضمين لداعش والذين قبض عليهم في أوقات سابقة ووصفوا كيفيه استخدام الاموال وصرفها أو ضخها الى بيت المال ووزارة في مدينة الموصل شمال العراق، ومن ثم توزيعها على محافظات البلاد، وقال هشامي " توزع الجماعة الاموال الى مناطق خارج سيطرتها من خلال مكاتب الحوالة في أربيل ومنها الى المحافظات العراقية الاخرى."