تنظيم داعش

أنهت الحكومة السورية صفقاتها مع تنظيم "داعش" لمساعدة المتطرفين في الحصول على ما يزيد عن 40 مليون دولار عن كل شهر من مبيعات النفط، بحسب ما كشفت الوثائق التي تمت إستعادتها من المداهمة التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيـا لمركز قائد كبير في التنظيم الإرهابي, وكانت الآلاف من جداول البيانات والحسابات التي إحتفظ  بها تاجر النفط للجماعة أبو سياف، وتم إسترجاعها في أكبر المداهمات الإستخباراتية التي قامت بها قوات العمليات الخاصة الأميركية العام الماضي، قد كشفت عن كيفية تبادل الجانبين المنفعة على الرغم من حالة الصراع الدائرة بينهما.

وسيطر المقاتلون من تنظيم "داعش" على بعض أفضل حقول إنتاج النفط والواقعة شرقي سورية في عام 2013, وذكرت تقارير منسوبة إلى صحيفة "تليغراف" قبل عامين إدعاءات بقيام النظام السوري بشراء النفط  من الجهاديين، إلا أن الوثائق التي إطلعت عليها صحيفة "وول ستريت جورنال" أظهرت حجم التواطؤ, حيث حقق تنظيم "داعش" أرباح بقيمة 40,7 مليون دولار عن كل شهر خلال ذروة إنتاج النفط في الفترة من أواخر عام 2014 وحتى أوائل عام 2015 كان للحكومة الورية نصيب منها وفقاً لوزارة الخزانة الأميركية.وطلب بيان صادر من خزينة تنظيم داعش في 11 شباط / فبراير لعام 2015 مرسل إلى مكتب أبو سياف الحصول على التوجيهات بشأن إقامة علاقات إستثمارية مع رجال الأعمال الذين هم على صلة مع نظام الرئيس بشار الأسـد.

ونقلت الوثيقة الإتفاقيات القائمة التي تسمح للشاحنات وخطوط أنابيب بالعبور من حقول النفط التي تسيطر عليها الحكومة عبر المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش". وأصبح التونسي الذي يشار إليه فقط بالإسم الحركي أبو سياف، والمنتقل إلى العراق في أعقاب سقوط نظام صدام حسين على علاقة وطيدة بعدد من المتطرفين البارزين من أهل السنة خلال الغزو الأميركي، بما فيهم مؤسس تنظيم داعش أبو بكر البغدادي.

وعقب قيام البغدادي بتأسيس دولة " الخلافة " في حزيران / يونيو من عام 2014، تم تكليف أبو سياف بإدارة تجارة النفط للجماعة الإرهابية من المقر في حقل العمر al-Omar في دير الزور Deir Ezzour والذي يقع بالقرب من الحدود العراقية وكانت تقوم بتشغيله في السابق الأنغلو- الهولندية العملاقة رويال داتش شل Royal Dutch Shell

وكشفت الوثائق عن تقديم أبو سياف عرضاً بمنح هؤلاء العاملين في حقول النفط التي تمت السيطرة عليها رواتب وصلت إلى أربعة أضعاف الراتب الوطني الذي كانوا يحصلون عليه بدلاً من التخلص منهم. ووفقاً لحسابات الأشخاص الذين عملوا معه، فقد كان يخشاه الكثيرين بسبب تهديداته للموظفين البالغ عدهم 152 بالذبح أو النفي إلى العراق في حال لم يطيعوه.

ولكن يبدو بأن ما قام به أبو سياف قد حقق نتيجة، وأصبح له دور أساسي في مساعدة الجماعة الإرهابية لكي تصبح الأغنى في العالم. حيث وصلت الإيرادات في الفترة من تشرين الأول / اكتوبر حتي تشرين الثاني / نوفمبر من عام 2014 40,7 مليون دولار، بزيادة قدرها 60 بالمائة عن الشهر الذي سبقه. فيما أوضحت جداول البيانات التي تم الوصول إليها في المداهمة بأن الموارد الطبيعية لتنظيم داعش في الستة أشهر التي إنتهت في شباط / فبراير عام 2015 بلغت ما يقرب من 289,5 مليون دولار، جاء 70 بالمائة منها من حقول أبو سياف للنفط.

ومع إدراك التحالف بقيادة الولايات المتحدة لعمليات تحقيق الأرباح الضخمة التي كانت تجري، فقد بدأوا بشن غاراتٍ جوية على مصافيها المؤقتة. ومع ذلك، فإن الملفات أظهرت قدرة الجماعة الإرهابية على العودة سريعاً إلى جني الأموال، وذلك بعد المذكرة التي وعدت فيها المتعاملين معها في تجارة النفط بالعودة بعد 14 يوماً من إجراء الإصلاحات.

وواصل تنظيم داعش جني الأرباح حتى مقتل أبو سياف في مداهمة على منزله الذي يقع في دير الزور نفذتها قوات العمليات الخاصة الأميركية وقوات النخبة البريطانية في أيار/مايو عام 2015. وذكر مسؤول أميركي في أعقاب تنفيذ المداهمة بأنه بات لديهم المعلومات حول كيفية عمل تنظيم داعش وإتصالاته وما تحصل عليه من أرباح.

وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، فإن تولي أبو سياف لمسؤولياته كان في آذار / مارس من قبل الجهادي الفرنسي أبو محمد الفرنسي. وعلى الرغم من تقويض الضربات الجوية الدولية لدخل تنظيم داعش، إلا أن ذلك لم يكن كفيل بتدميره، ويبقى مهدداً بسبب الحصار المفروض عليه في شمال – شرق سورية من جانب الأكراد المدعومين من قبل الولايات المتحدة والمتمردين من الجيش السوي الحر " المعتدلين " والمدعومين من قبل القوات التركية، فضلاً عن القوات الحكومية جنوب عاصمة الخلافة والتي تدعمها إيران وروسيـا، وهو ما أدى إلى فقدانها السيطرة بالفعل على بعض من حقول النفط.

وقال الرئيس باراك أوبامـا خلال زيارته إلى ألمانيـا بإنه يعمل على تعزيز التواجد للقوات الأميركية من 50 إلى 300 جندي، بما في ذلك قوات العمليات الخاصة التي تتمركز في شمال – شرق سورية وتدعم جماعة القوى الديمقراطية السورية التي يقودها الأكراد. كما بدأت الولايات المتحدة مؤخرًا في إستخدام الحرب الإلكترونية والإستعانة بالخبراء للتصدي إلى تنظيم داعش.