محور فيلادلفيا

كشفت صور للأقمار الصناعية قيام  الجيش الإسرائيلي برصف طريق جديد بالأسفلت على طول محور فيلادلفيا خلال الأسبوعين الماضيين، وفق تحليل لصور الأقمار الصناعية قامت به مصادر مطلعة لتقصي الحقائق.

ويشكل وجود القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا إحدى نقاط الخلاف في مفاوضات وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل.

وتصر إسرائيل على الحفاظ على وجود عسكري، وسيطرة كاملة على المنطقة الحدودية، التي وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريحات بأنها "شريان الحياة" لحماس. بينما تطالب حماس بالانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا كشرط أساسي لأي اتفاق.

و قد إنضمّت دول عربية، فضلاً عن الحكومة الفلسطينية، إلى مصر في رفض طلب إسرائيل بإبقاء قوات في محور فيلادلفيا، وأصدرت تركيا الأربعاء بياناً مشابهاً.

وتظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة على فترات منتظمة الأجزاء المعبدة حديثاً من الطريق.

وبدأ رصف الطريق من الساحل في الزاوية الجنوبية الغربية لقطاع غزة، وتمتد الأجزاء المعبدة لمسافة 4.7 كم إلى داخل غزة.

ونشرت قناة N12 الإسرائيلية، صورة تظهر رصف الطريق الجديد بالقرب من الحدود المصرية وكتبت: "الجيش الإسرائيلي يبدأ برصف محور فيلادلفيا".

كما نشر صحفي فلسطيني عبر حسابه على منصة إكس، تويتر سابقاً، فيديو من محور فيلادلفيا ويظهر شاحنات نقل وجرافات إسرائيلية.

ولا يظهر الطريق الجديد في صورة للأقمار الصناعية وتشير أحدث الصور إلى أن أعمال الرصف جارية.

وتواصلنا مع الجيش الإسرائيلي للحصول على معلومات أكثر عن الطريق ولكن لم يصلنا أي رد حتى كتابة هذا المقال.

وبدأ الجيش بشق طريق يمتد من معبر كرم أبو سالم باتجاه معبر رفح، وفقاً لتحليل لصور الأقمار الصناعية.

كما أوضحت صور أخرى للأقمار الصناعية في مارس / آذار أن الجيش بنى طريقاً آخر يمر عبر شمال قطاع غزة من الشرق إلى الغرب.

وتتعدد آراء الخبراء الذين تحدثوا لفريق تقصي الحقائق حول أهمية التغييرات التي تجريها إسرائيل في ممر فيلادلفيا.

"إن تمهيد الطريق يفرض ضغوطاً على المفاوضين والوسطاء"، وذلك حسب تحليل الدكتور أندرياس كريج، المحاضر البارز في كلية الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج لندن.

وأضاف: "أن الإسرائيليين يحاولون خلق أمر واقع".

وأكمل كريج: "هذا يشير أيضاً إلى أن إسرائيل لن تنسحب بالكامل من قطاع غزة في أي وقت قريب".

ووصف اللواء سمير فرج، المدير السابق لإدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة المصرية، ما يحصل بأنه "حرب نفسية". وأضاف: "رصف الطريق عبارة عن حرب إعلامية ترسل إسرائيل فيها رسالة لمختلف الجهات بأنهم لن يغادروا (المحور)".

بينما شكك البروفيسور جون ستروسون، خبير شؤون الشرق الأوسط، في جامعة شرق لندن، في أن تعزيز إسرائيل للمحور سيكون فعالاً.

"سبب ما يحدث في محور فيلادلفيا هو أن رئيس الوزراء نتنياهو ليس لديه خطة واضحة لليوم التالي للحرب، عدا استمرار الاحتلال الإسرائيلي لغزة".

في الأشهر الأربعة الماضية، دمر الجيش الإسرائيلي مئات المباني القريبة من ممر فيلادلفيا في عمليات هدم وغارات جوية وباستخدام الجرافات.

كما دمر الجيش القرية السويدية التي تقع بالقرب من الحدود على ساحل البحر المتوسط، وتشير الصور الأخيرة إلى أن القوات الإسرائيلية تستخدم المنطقة الآن كقاعدة عسكرية.

وقال الجيش الإسرائيلي سابقاً إنه يعمل على القضاء على حماس و"تدمير البنية التحتية مثل مرافق التدريب وأنفاق التهريب تحت الحدود إلى مصر".

ويشكل التواجد الإسرائيلي في محور فيلادلفيا الآن موضوعاً حساساً بالأخص مع ملف إعادة الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون في غزة.

وشهدت إسرائيل إضراباً عاماً يوم الاثنين لدفع الحكومة الإسرائيلية نحو إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين في قطاع غزة. وبدأ الاضراب بعد إعلان الجيش الإسرائيلي عن مقتل ستة من الرهائن.

وتسببت قضية محور فيلادلفيا بانقسام في الحكومة الإسرائيلية. بالنسبة لنتنياهو فإن سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا أمر ضروري للأمن القومي وغير قابل للتفاوض، بينما يخالفه الرأي وزير الدفاع يوآف غالانت الذي يرى أن موقف نتنياهو قد يعرقل أي اتفاق لوقف إطلاق النار وبالتالي إطلاق سراح الرهائن.

كما نشر الإعلام العسكري التابع لكتائب القسام فيديو يتهم فيه إسرائيل بقتل الرهائن عمداً وأن نتنياهو فضل التمسك بمحور فيلادلفيا على إطلاق سراح الرهائن.

الممر، المعروف أيضاً باسم طريق فيلادلفيا أو محور فيلادلفيا، هو الاسم الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي على شريط حدودي في غزة بجوار الحدود المصرية.

ويمتد الشريط على طول الحدود بين مصر وغزة لمسافة 12.6 كم، من معبر كرم أبو سالم إلى البحر الأبيض المتوسط.

وبموجب شروط معاهدة كامب ديفيد للسلام مع مصر عام 1979، سُمح لإسرائيل بنشر قوة محدودة في هذه المنطقة الحدودية.

ولكن في عام 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ووقعت بروتوكولاً مع مصر يدعى "بروتوكول فيلادلفيا" وفيه يسمح لمصر بنشر 750 جندياً لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود.

وفي صباح يوم 7 مايو/أيار من هذا العام، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية في منطقة رفح.

وأخبرت مصادر استخباراتية، حسب وسائل إعلام إسرائيلية، لجنة التخطيط المشتركة أن خطة السنوار كانت تهريب نفسه وقادة حماس المتبقين مع الأسرى الإسرائيليين عبر ممر فيلادلفيا إلى سيناء ومن هناك إلى إيران.

وتم الكشف عن هذا خلال استجواب مسؤول كبير في حماس تم القبض عليه، وكذلك من خلال المعلومات التي تم الحصول عليها من وثائق تم الاستيلاء عليها يوم الخميس 29 أغسطس، وهو اليوم الذي تم فيه استعادة جثث الأسرى الستة الذين قُتلوا.

ووذكرت المصادر أن حماس أصرت منذ أشهر على السيطرة على الممر، بينما قاومت إسرائيل بشدة. ولهذا السبب لم يتم الاتفاق على أي صفقة أو تسوية في الأشهر الثمانية الماضية، على الرغم من جهود الولايات المتحدة ومصر وقطر.

ورجحت المصادر أن السنوار أدرك أن الحرب انتهت بالنسبة لمنظمته وأن فرصه في تحقيق النجاح العسكري كانت معدومة، على الرغم من نجاحه في الدعاية الدولية، ولا يرى السنوار سوى مخرج واحد وهو إنقاذ حياته بالتخلي عن ساحة المعركة والفرار من غزة. ولم يصر على انسحاب قوات جيش الدفاع الإسرائيلي من معبر نيتساريم، حيث لا توجد إمكانية للتهريب أو الهروب من غزة عبر هذا المعبر.

واعتبرت المصادر الإسرائيلية أنه بالنسبة للسنوار، تبين أن ممر فيلادلفيا هو الخيار الوحيد المتاح لتحقيق خطته، التي يصفها مسؤولون أمنيون إسرائيليون بالجبانة.

ومع ذلك، فإن الإسرائيليين لا يفكرون حتى في الانسحاب من فيلادلفيا، وهو الأمر الذي يصفه نتنياهو بأنه محرم حتى على حساب عدم التوصل إلى اتفاق أو المزيد من الرهائن القتلى.

وهناك سبب آخر لإصرار إسرائيل على السيطرة على فيلادلفيا وهو قتل ستة أسرى قبل أيام.

ومن المفترض داخل مجلس الوزراء الأمني والجيش أن الاستسلام لمطالب السنوار بشأن فيلادلفيا سيُنظر إليه على أنه ضعف ورسالة إلى حماس مفادها أن قتل الأسرى أمر مربح، وأن مثل هذا التنازل من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من المطالب والمزيد من التنازلات، مما يعزز حماس ويعرض أمن إسرائيل للخطر.

وفي اجتماع عاصف عقد في إسرائيل هذا الأسبوع لمناقشة مقتل المختطفين الستة، اتفق معظم أعضاء مجلس الوزراء على أن الانسحاب من قطاع غزة، بما في ذلك ممر فيلادلفيا، يمكن أن يعيد حكم حماس، الذي أثبت على مدى العقد الماضي أن تركيزه ليس على السلام بل على القضاء على إسرائيل.

وأبلغ نتنياهو الرئيس الأميركي جو بايدن بهذا في وثيقة داخلية سرية في 27 مايو ومرة أخرى في 16 أغسطس، عندما استجاب لمطالب حماس خلال المفاوضات الفاشلة. وتبين أن هذه كانت مضيعة للوقت لأن السنوار قرر مسبقًا عدم الموافقة على أي صفقة أو تسوية إذا لم يحصل على السيطرة الكاملة على ممر فيلادلفيا.

وتم إنشاء ممر فيلادلفيا عند اكتمال انسحاب إسرائيل من سيناء في عام 1982، في أعقاب اتفاقية السلام مع مصر. وهو طريق مزدوج بطول 14 كيلومترًا يمتد عبر الحافة الجنوبية لقطاع غزة من إسرائيل إلى البحر الأبيض المتوسط، بين رفح في قطاع غزة وسيناء في مصر.

 

قد يُهمك ايضـــــًا :

الجيش الإسرائيلي يُواصل عملياتة في الضفة الغربية وبشد الخِناق علي جنين ومُحيطها

الولايات المتحدة تُبرر إطلاق الجيش الإسرائيلي النار علي مركبة الإغاثة في غزة