رام الله - غازي مرتجى
منذ بدء الهجمة العفوية الشعبية الفلسطينية التي عارضت مشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بجنازة رئيس "إسرائيل" شيمون بيريس بدأت الوكالة الرسمية الفلسطينية "وفا" وتلفزيون فلسطين باستضافة ونشر تقارير متنوعة اعتبرت فيها مشاركة الرئيس هدف وطني سام وأن مشاركته أحرجت العالم والاحتلال على حد سواء .
فقد كتب محمود خلوف المحرر بالوكالة الرسمية تحليلاً استضاف به المحلل السياسي غير المعروف فايز عباس اعتبر فيها ان المشاركة عادت بنتائج كبيرة لصالح القضية الفلسطينية , ووفقا للنص الذي نشرته الوكالة الرسمية :"شدد المحلل السياسي فايز عباس، الخبير في الشؤون الإسرائيلية اليوم الجمعة، على أن مشاركة الرئيس محمود عباس في مراسم تشييع رئيس إسرائيل السابق شمعون بيرس عادت بنتائج كبيرة لصالح القضية الفلسطينية".
وقال عباس في معرض استشافته عبر وفا :" إن هذه المشاركة رغم أنها جاءت من منطلق إنساني، إلا أنها حققت نتائج ملموسة تتضح جليا من خلال الاهتمام الإعلامي الكبير في إسرائيل وفي الرأي العام الدولي.
وأضاف الخبير في الشؤون الإسرائيلية: ليتأكد الجميع من حقيقة أن فوائد مشاركة الرئيس أكثر بكثير من عدم حضوره في هذا الحدث، فلو لم يشارك لأعطى فرصة لحكومة اليمين المتطرف ولأعضاء الكنسيت ولعدد من الوزراء في إسرائيل، لاتهامه بأنه راع لما يسمونه بالإرهاب.
الرئيس يخرس ألسنة اليمين المتطرف:
وقال: الخلاصة أن الرئيس عباس استطاع أن يخرس ألسنة المزايدين عليه من حكومة نتنياهو، فهو أطل على الرأي العام الدولي من القدس ليعيد التذكير بضرورة إنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره، وليؤكد بأنه مطلوب من القادة العمل من أجل مستقبل أبنائهم.
وتابع: ما لمسناه اليوم في وسائل الإعلام الإسرائيلية شكل تحولا في طبيعة الخطاب، فبعدما كان التركيز يتم على الادعاء بأن الرئيس غير جاد في السلام، فالنبرة اختلفت جوهريا إذ أن غالبية المحللين انطلقوا من هذا الحدث للقول إن "أبو مازن يثبت بأنه جاد في تحقيق السلام، وأنه يقدر أي شخص سعى لإنهاء الاحتلال استنادا إلى المواثيق الدولية، ومبادرة السلام العربية، والأسس التي قام عليها مؤتمر مدريد للسلام، واتفاقيات أوسلو".
وأضاف عباس: إن الرئيس أبو مازن حظي باهتمام واحترام واضح حتى من قبل من يعارضونه وحتى من يعملون على إفشال مساعيه لتحقيق حل الدولتين في إسرائيل، وأقر الجميع بأنه تصرف كإنسان في موقف إنساني تجاه شخص كان يعتبره في السابق شريكا في عملية السلام.
تركيز إعلامي كبير:
وأردف: وكان خبر المشاركة حاضرا بقوة في نشرات الأخبار، ومن الواضح بأنه تم التركيز على حضور الرئيس عباس بالترتيب الثاني بعد الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية: رغم وجود زعماء بارزين من دول أوروبية صديقة لإسرائيل، إلا أن الاهتمام أنصب أساسا على الرئيس عباس أكبر من قادة هذه الدول.
وأردف المحلل عباس: بلا شك أن نتنياهو كان يفضل بألا يحضر الرئيس عباس، وما حصل كان مفاجئا له ولحلفائه ولمعسكر اليمين واليمين المتطرف، فعلى الرغم من تعمد كاميرات وسائل الإعلام الإسرائيلية في البداية عدم التركيز على وجود الرئيس، لكن حصلت تطورات فرضت عليهم متابعة الحدث وهذا ظهر عندما اهتم الرئيس أوباما بالرئيس وحرص على تقبليه والترحيب فيه، كما أن مشاركته حظيت باهتمام أكبر عندما تطرق الرئيس الأميركي إلى أهمية وجوده في تشييع بيرس، وكيف أن الأمر يذكر بعملية السلام التي لم تُنجز بعد في الشرق الأوسط.
وقال: إن هذه الأحداث فرضت على المحللين، ووسائل الإعلام الإسرائيلية التوسع في تناول هذا الموضوع وتأثيراته المستقبلية، ومدلولاته، وكيف أن الرئيس عباس يثبت بأنه شريك حقيقي مع أي طرف في إسرائيل يريد أن يتوصل إلى حل للقضية الفلسطينية.
استفادة معسكر السلام:
وأردف المحلل عباس: إن حضور الرئيس أبو مازن مراسم التشييع هذا اليوم سيكون له تأثير إيجابي واضح على معسكر السلام في إسرائيل، كما أنه بحكمته يسحب عمليا الدعاية والأكاذيب التي يروجها التيار المعادي للمفاوضات وعملية السلام.
واختتم الخبير في الشؤون الإسرائيلية: استطيع القول بأن حضور الرئيس أبو مازن أحرج نتنياهو والقوى المتطرفة في إسرائيل، التي كانت تدعي بأنه لا وجود لشريك فلسطيني للسلام وبأن الرئيس أبو مازن "يرعى الإرهاب"، ونأمل بأن تشهد الفترة القريبة تحولا في نظرة المجتمع الإسرائيلية للرئيس على قاعدة أن هناك زعيم فلسطيني صادق في إحلال السلام، وما هو مطلوب هو صدق نوايا القيادة الإسرائيلية.
تلفزيون فلسطين يهاجم المواقف الشعبية :
في هذا السياق حاول تلفزيون فلسطين الانتصار لزيارة الرئيس فهاجم المواقف التي وصفها بـ"الشعبوية" ما اعتبره نشطاء التواصل الاجتماعي باهانة غير مقبولة وفي تقرير بثه التلفزيون الرسمي جاء ثناياه :"لن يحظ بقبول من بعض قطاعات شعبنا لكن الرئيس عباس اعلم بخطواته مهما كانت صعبة" وفي التقرير :"واثق بمواقفه وبمردودها السياسي بعيدا عن المواقف الشعبوية التي لا تجلب الا الدمار والويلات والتي وإن تغلفت بشعارات ومزايدات تُكسب مرددها شعبية مزيفة مؤقتة"
واعتبر نشطاء شاركوا الفيديو الذي نشره تلفزيون فلسطين على صفحته على الفيسبوك "مرفق" انّ وصف المواقف المعارضة لمشاركة الرئيس بأنها مواقف تجلب الويلات والدمار هو "تسحيج" غريب , خاصة وأنّ غالبية المواطنين وحتى مناصري حركة فتح نفسها عارضوا موقف الرئيس من المشاركة بالجازة المذكورة .
الغريب ان الوكالة الرسمية نقلت ايضا موقف عضو الكنيست الإسرائيلي عن المعسكر الصهيوني البروفيسور يوسي يونا الذي قال :"إن المعسكر سيخوض حوارا داخليا جديا في محاولة لخلق بديل يقود إلى استئناف المفاوضات السلمية، في أعقاب الفرصة التي خلقها الرئيس محمود عباس بمشاركته في تشييع جثمان الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس.
وقال يونا، في سياق لقاء تلفزيوني على قناة "مساواة"، اليوم الجمعة، إن الرئيس محمود عباس خلق فرصة جديدة من حيث إمكانية العودة للمفاوضات، وهو الأمر الذي "سنبحثه بعد الأعياد، وسنخوض حوارا جديا لنخرج بموقف إيجابي وحازم بالنسبة للمفاوضات، عبر توجيه الرسائل للجمهور الإسرائيلي، لتغيير وجهة نظره، وطرح البديل وهو العودة للمفاوضات التي تقود في النهاية لتحقيق حل الدولتين لشعبين".
وبين يونا أن مشاركة الرئيس عباس في مراسم التشييع، لها أهمية أكبر من الأهمية الرمزية، لأنها تعبر على أنه "شريك جدي في عملية السلام، وهو الأمر الذي ترك أبعادا كبيرة لدى الجمهور الإسرائيلي، على عكس ما تحاول الحكومة الإسرائيلية التي يتزعمها بنيامين نتنياهو الترويج له، بأن الرئيس عباس ليس شريكا في السلام وبأنه مسؤول عن التحريض، لكن حضوره أكد أنه زعيم شرعي وشريك قوي وهناك إمكانية كبيرة للحديث معه".
وتطرّق إلى تصريح الرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال مشاركته في الجنازة، والذي قال فيه إن مشاركة الرئيس محمود عباس، تذكّر من جديد بالحاجة لتحقيق السلام واستئناف المفاوضات، واعتبره "دليلا على الموقف الأميركي، هذا إلى جانب ربطه بين موضوع تأمين حماية إسرائيل من ناحية أمنية وربطها بتحقيق سلام عادل مع الشعب الفلسطيني".
وأوضح يونا أن نتنياهو بات مطالبا الآن، أمام الجمهور الإسرائيلي بالرد على خطوة الرئيس أبو مازن، بخطوات جدية وإيجابية نحو عملية السلام.