قداس منتصف الليل في كنيسة المهد في مدينة بيت لحم

استفاقت مدينة "مهد المسيح" عليه السلام، بيت لحم، الأربعاء، بعد قداس منتصف الليل، على أجواء احتفالية، في حضور فلسطيني رسمي، وبمشاركة أردنية وأوروبية.وانتهى قداس منتصف الليل على وقع انتظار أن يكون هناك مفاجآت، لاسيما في ضوء ما أثير في الفترة الماضية من أنباء عن اعتزام فتيات منظمة "فيمن" تنظيم وقفة احتجاجية لهن في ساحة المهد، خلال الاحتفال بعيد الميلاد.
وفيما كانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية متأهبة لإمكان أن تكون فتيات "فيمن" تسللن عبر الوفود السياحية المتدفقة إلى مهد المسيح، للمشاركة في احتفالات عيد الميلاد، لتنظيم وقفة احتجاجية لهن عاريات الصدور في كنيسة المهد، انقضت الليلة الماضية دون أن تنظم تلك الوقفة.
وفي الوقت الذي تكهنت بعض الأوساط الشعبية بإمكان نجاح فتيات "فيمن" في تنظيمم وقفتهن الاجتجاجية، سادت الأجهزة الأمنية، خلال الليلة الماضية، حالة من الترقب والحذر والتأهب، لأية حركة غير طبيعية للسائحات، لاسيما الصغيرات في السن، خشية من عضويتهن في تلك المنظمة.
ورغم أن الجهات الرسمية الفلسطينية أكدت أنه "لم ولن يسمح لفتيات منظمة فيمن بتنفيذ أية فعاليات احتجاجية لهن في ساحة المهد خلال أعياد الميلاد"، إلا أن الشارع الفلسطيني في مدينة بيت لحم تكهن بإمكان نجاح تلك الفتيات بالتسلل إلى الأراضي الفلسطينية، لتعرية صدورهن في ساحة المهد، خلال احتفالات عيد الميلاد في وقفة احتجاجية.
وكانت مصادر صحافية قالت أن ناشطات من منظمة "فيمن" سيتظاهرن عاريات الصدور في ساحة كنيسة مهد المسيح، في مدينة بيت لحم، خلال أعياد الميلاد المجيدة، للإحتجاج على ما تتعرض له المرأة الفلسطينية من ظلم، والتعبير عن حقهن في الحرية والتظاهر.
وفيما انقضت ليلة عيد الميلاد دون تنفيذ تلك الوقفة الاحتجاجية خفت حدة الاختناقات المرورية في المدينة، بعد أن غادرها الكثير من زورها الآتين من داخل الأراضي الفلسطينية، بعد منتصف الليلة الماضية، في حين تواصل الشرطة الفلسطينية وقوات الأمن الانتشار في المدينة، بغية تأمين سلامة السائحين في بيت لحم وتسهيل حركتهم.
وتواصلت الأجواء الاحتفالية في بيت لحم، الأربعاء، في حين اكتظت فنادق المدينة بالسائحين، وواصلت الفرق الموسيقة من مختلف أنحاء العالم تقديم الفقرات الموسيقية والغنائية على المنصات، التي نصبت في ساحة المهد للاحتفال بعيد الميلاد، وذلك بعد  أن ترأس بطريرك اللاتين في القدس وسائر الأراضي المقدسة البطريرك فؤاد طوال قداس منتصف الليل، في كنيسة المهد، بمناسبة عيد الميلاد المجيد لدى الطوائف المسيحيّة، التي تسير حسب التقويم الغربي، في حضور الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء رامي الحمد الله، وأمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، ووزيري الخارجية والسياحة الأردنيين، ناصر جودة، ونضال قطامين، ووزير السياحة رولا معايعة، ووزير الأوقاف محمود الهباش، ووزير الخارجية رياض المالكي، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، ووزير الخارجية الروماني تيتوس كورلتيان، ومحافظ بيت لحم الوزير عبد الفتاح حمايل، ورئيس بلدية بيت لحم فيرا بابون، ورجال الدين المسيحيين، إلى جانب حشد كبير من المواطنين والسياح الأجانب.
ودعا البطريرك فؤاد طوال إلى تحقيق السلام والمحبة والعدالة من كنيسة المهد، وأضاف "نصلي الليلة من أجل كل حكام الشرق الأوسط، وعلى رأسهم الملك عبد الله الثاني، الوصي على المقدسات والأوقاف في فلسطين".
وتابع "أمام الواقع الصعب والأليم نستصرخ ونستغيث إلى رب السماء، ندعوك يا رب الجلال ارحمنا برحمتك، اشفق علينا يا رحيم واصلح شر حالنا".
وشدّد على أن "السلام ممكن، ولا شيء مستحيل لدى الله، لن نيأس من تحقيق السلام والمصالحة"، وأضاف "من هنا من بيت لحم انطلقت رسالة الخلاص والسلام، وإلى هنا في بيت لحم يجب أن نعود، وفي هذه الليلة يتجدد الوعد الإلهي، ونحن بدورنا مدعوون إلى التفاؤل والانضمام إلى جوقات الملائكة هذه، فنجعل من أرضنا أرض الرسالات السماوية، أرض سلام، وأرض حج وبركة لكل الناس".
ووجّه رسالة إلى من يزرعون العنف والدمار بقوة السلاح قائلاً "أعيدوا النظر في من تعتبرونه اليوم عدوًا، يجب التخلص منه، وكفوا أيدكم عنه، لأنه اخ لكم في الإنسانية، انبذوا السلاح، واذهبوا للقاء الأخر بالحوار والتسامح والمصالحة، وأعيدوا بناء العدالة والثقة والأمل من حولكم، من الواضح أن النزاعات المسلحة هي اقصاء متعمد لأي تفاهم دولي ممكن، وتخلق انقسامات عميقة وتمزقات يحتاج الشفاء منها إلى أعوام عديدة".
وطالب بالإفراج عن الأسقفين والراهبات المخطوفين في سورية، داعيًا إلى الرب أن ينظر كذلك إلى اللاجئين والنازحين، وإلى ضرورة الإفراج عن الأسرى، والعطف على الفقراء والمهمشين والمستضعفين.
وشدّد على ضرورة البقاء في الأرض المقدسة فلسطين، معتبرًأ أن "بقاءنا دعوة إلهية وبركة وامتياز لنا جميعًا، وهنا ستظل شعلة الإيمان منيرة كنجمة المشرق، تُضيء الطريق لنا وللآخرين".
واختتم القداس بالتهنئة في أعياد الميلاد، قائلاً "كل عام وأنتم جميعاً بألف خير، وحلَّت بركةُ الميلادِ وطفلِ بيت لحم عليكم جميعاً".