القاهرة ـ علي رجب
أكد فضيلة مفتي الجمهورية، الدكتور شوقي علام، أن مصر تتحرك إلى الأمام وفقًا لخارطة الطريق، بالتزامن مع الانتهاء من مسودة التعديلات الدستورية، وتوقع فضيلته حدوث المزيد من التغييرات في القريب العاجل.وأضاف فضيلته في حوار لوكالة الأنباء العالمية "رويترز" باللغة الإنكليزية أن
دار الإفتاء ليست طرفًا في أي معادلة سياسية، ولكن وظيفتها هي بيان الحكم الشرعي فيما تُسأل فيه، أو يظهر على الساحة من قضايا تهم المصريين دون تحيز لتيار أو لشيء إلا للمصالح العليا للدين والوطن، مشددًا على أن دار الإفتاء تقوم بهذا الواجب ليل نهار، ولن نسأم من القيام بهذه المهمة.وشدد مفتي الجمهورية على أن الشعوب المتحضرة تبقي خلافاتها دومًا في إطار المصلحة العليا للوطن، حتى وإن حرص كل فصيل على مصالحه، لكنه دائمًا يقدم مصلحة الوطن إن تعارضت المصلحتان.وأشار فضيلته إلى أن ما يريد القيام به كمصري في المقام الأول وكرأس الفتوى في مصر هو طمأنة العالم بأن مصر ستتحول في الواقع إلى عضو ديمقراطي فاعل في المجتمع الدولي من دون تدخل من أحد.
وأكد الدكتور شوقي علام أن مصر أمامها الكثير من التحديات وأن هناك الكثير من التفاؤل والأمل على الرغم من الصعوبات التي تواجه البلاد.
وبشأن التعديلات الدستورية الأخيرة التي شارك فيها فضيلته ممثلاً عن الأزهر الشريف أكد مفتي الجمهورية أن التعديلات الدستورية الجديدة التي أقرتها لجنة الخمسين أكدت محورية الشريعة في الدستور، وذلك من خلال اعتبار مبادئها المصدر الرئيسي للتشريع.
وأضاف فضيلة المفتي أن التجربة المصرية مع الإسلام الحضاري تعتبر واحدة من أعظم التجارب التي أظهرت التسامح والتعايش بين أبناء الوطن الواحد.
وأكد مفتي الجمهورية في حواره أنه دائمًا يصر على المشاركة الكاملة لجميع الأطياف في العملية السياسية والاستحقاقات الديمقراطية وممارسة حقوقهم السياسية كاملة دون إقصاء لأحد؛ لأن هذا هو السبيل الوحيد لخلق مصالحة وطنية حقيقية، مع التأكيد على إعلاء مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وهو الأساس في أي مشاركة سياسية في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ مصر.
واعتبر فضيلته أن الإسلام الوسطي الذي يمثله الأزهر الشريف يقوم في مصر بدور الحارس والمدافع عن المصالح والشئون الدينية والاجتماعية لجميع المصريين، وكممثل عن المجتمع المسلم.
وأشار مفتي الجمهورية في حواره إلى أن من الأدوار الرئيسية التي أخذتها دار الإفتاء المصرية على عاتقها هي التواصل مع العالم الحديث، لاسيما وأن عملية إصدار الفتوى جزء لا يتجزء من هذا التواصل، ويجب أن تتسم الفتوى بالمرونة المنضبطة التي تتميز بها الشريعة الإسلامية.
وأوضح فضيلته أن الكثيرين في العالم الغربي يخلطون بين دار الإفتاء كمؤسسة لها مصداقية بين المسلمين وبين من نصبوا أنفسهم مفتين وقادة دينيين وأصدروا فتاوى شاذة غير منضبطة، إلا أن واقع الأمر أن دار الإفتاء تعتبر بحق واحدة من أهم المؤسسات الدينية التي تسعى لتوضيح العلاقة بين الإسلام والعالم الحديث.
وقال مفتي الجمهورية "نحن كمفتين لا ننظر فقط إلى ظاهر النصوص الشرعية، ولكننا نراعي كذلك الواقع المعيش للمسلمين، من أجل تزويدهم بالأحكام الشرعية التي تتعلق بهم، لأن حقيقة الفتوى تمثل جسرًا يربط بين النصوص الشرعية والتراثية، وبين الواقع المعاصر الذي نعيش فيه، فهي حلقة الوصل بين الماضي والحاضر، والمطلق والنسبي، وبين النص النظري والتطبيق العملي".
وشدد فضيلته على أن العالم الإسلامي كانت له تجربة فريدة وناجحة في إنشاء مؤسسات وهيئات علمية أدت خدمات طويلة الأمد للمجتمع على مدار التاريخ، مما أكسبها ثقة الناس على نحو كبير وفي مقدمتها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، لافتًا إلى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال النيل منها أو الطعن فيها؛ لأنها الوسيلة الوحيدة التي تشرح للعالم إنسانية الإسلام، مشددًا على أن محاولات النيل من الأزهر والدار ستبوء كلها بالفشل.
واختتم مفتي الجمهورية، الدكتور شوقي علام حواره بأنه من خلال تبني وإقرار مواقف الشريعة الإسلامية بصورة علمية منضبطة، وقيم الإسلام المتسامح، يمكننا أن نجد الحلول لكافة المشكلات التي تواجهنا اليوم، وكذلك تتيح أن يتعاون أتباع الديانات على البر والتقوى لتقديم الحلول للكثير من المشكلات الحالية التي تواجه العالم بأسره، بل والإنسانية جمعاء لأن الدين جزء من الحل وليس كما يروج البعض أنه المشكلة ذاتها.