تونس ـ أزهار الجربوعي
أتمَّ المجلس الوطني التأسيسي التونسي اختيار 36 مرشّحًا لعضوية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، معلنًا فتح باب الطعون، يومي الخميس والجمعة، قبل عرض المرشحين على جلسة عامة يتم خلالها التصويت على انتخاب الأعضاء التسعة للجنة التنفيذية لهيئة الانتخابات من إجمالي 36 مرشحًا، في حين أفضت مفاوضات النواب داخل لجنة التوافقات المخصصة في حل النقاط الخلافية في الدستور الجديد إلى رفع القيود
عن الترشح لرئاسة الجمهورية، والسماح لحاملي جنسية ثانية بالترشح للرئاسة، وتحديد السن الدنيا للرئيس بـ35 عامًا، مع التخلي عن شرط السن القصوى، بينما يستعدّ رئيس حزب "وفاء" عبد الرؤوف العيادي إلى الإعلان عن أكبر كتلة برلمانية في المجلس التأسيسي التونسي بعد كتلة حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم، تضم أحزاب "المؤتمر ووفاء وتيار المحبة والتيار الديمقراطي وكتلة الحرية والكرامة"، تهدف إلى التمسك بشرعية التأسيسي ورفض الوصاية عليه أو الحد من صلاحياته.
وتتضمن قائمة المرشحين الـ36 لعضوية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات 4 مرشحين عن صنف القضاة العدليين وهم: محسن بالخيرية وعبد الستار خليفي ولمياء الزرقوني الأسود وبسمة حمادة، و4 مرشحين عن سلك القضاة الإداريين وهم صفي الدين الحاج ومراد بن مولى وحسناء بن سليمان وسامية البكري، إلى جانب مرشحين عن سلك المحاماة ممثلين في نجيب بالحاج سالم وعبد الكريم راجح وسوسن العتروس وبسمة الورغي.
وفي صنف عدول التنفيذ وعدول الإشهاد تضمّ القائمة كلاً من نبيل بفون وضو كشيد ونوال الشرادي وريم السليتي، زيادة على 4 أستاتذة جامعيين هم محمد شفيق صرصار ومحمد الصغير عاشوري وسنية الدريدي ونزيهة غانم، و4 مرشحين عن صنف مهندس مختص في مجال المنظومات والسلامة يمثلهم رياض بوحوشي ورياض دريره وألفة المبروك وصفية بن عبد الرحمن، ومختصين في الاتصالات، منصف قلاتي وتوفيق السديري وخمائل فنيش وسعاد بن مفتاح.
ورشَّحَ المجلس التأسيسي التونسي لعضوية هيئة الانتخابات 4 من المختصين في المالية العمومية هم البرني عامري وعبد الخالق بوجناح ووفاء خواجة ورجا الحناشي، فضلا عن 4 مرشحين عن التونسيين في الخارج ممثلين في رضا التيمومي ونبيل عزيزي والكسندرا ليلى هوفلاك وفوزية الدريسي.
وسيُغلق المجلس الوطني التأسيسي التونسي باب الطعون، الجمعة، ليتم إحالة قائمة المرشحين الـ36 على جلسة عامة لإتمام التصويت على القائمة النهائية لتركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات البالغ عددهم 9.
وفي السياق ذاته، توصّلت لجنة التوافقات داخل المجلس التأسيسي التونسي المكلفة بالنظر في القضايا الخلافية المتعلقة بالدستور الجديد، إلى التوافق بالأغلبية الساحقة على تحديد 35 سنة كسنّ دنيا للترشح لرئاسة الجمهورية من دون تحديد السنّ القصوى.
وتوافقت اللجنة على مسألة الجنسية وذلك بتخلي المترشح لرئاسة الجمهورية عن الجنسية الثانية في صورة حصوله عليها بعد فوزه وليس قبل الترشح.
ويأتي هذا التعديل استجابة لنداءات المعارضة التي تطالب بالتخلي عن فرض سن قصوى للترشح لرئاسة الجهورية، حتى يتمكن زعيم حزب "نداء تونس" المعارض ورئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي من ترشيح نفسه، حيث اعتبرت المعارضة تحديد سنّ الترشح للرئاسة في النسخة الأخيرة من الدستور، شرطًا إقصائيًا لمنع السبسي من الترشح للرئاسة، غير أن حركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة سارعت للتنازل عن هذا الفصل بدعوى تحقيق التوافق، وضمان التكافؤ بين التونسيين في التمتع بحقوقهم السياسية من دون قيد أو شرط.
ويخول التوافق بشأن تعديل باب السلطة التنفيذية في ما يتعلق بالجنسية للتونسين المتمتعين بجنسية ثانية حق الترشح للرئاسة، وهو ما طلب به المعارض التونسي وزعيم تيار المحبة، المقيم في لندن، الهاشمي الحامدي، الذي أعرب عن نيته التخلي عن الجنسية البريطانية في حال فوزره برئاسة الجمهورية.
ويواصل أعضاء لجنة التوافقات في المجلس الوطني التأسيسي التباحث بشأن القضايا الخلافية في الدستور الذي بدأ العد التنازلي للانتهاء من المصادقة عليه، ولم يبقَ في المهلة التي حددها الحوار الوطني لهذه المهمة سوى 3 أسابيع، في حين تبقى قضية تحديد صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة من أبرز النقاط الخلافية بين الكتل النيابية والأحزاب السياسية، خاصة وأن حزب النهضة الإسلامي صاحب الغالبية البرلمانية يتبنى نظامًا برلمانيًا معدلاً تكون فيه غالب الصلاحيات بيد رئيس الحكومة، حيث أكَّد زعيمه راشد الغنوشي في وقت السابق أن النظام الرئاسي يُشرّع للاستبداد وعودة دكتاتورية جديدة مشابهة لممارسات الرئيس السابق زين العابدين بن علي، في حين تطالب بقية الأحزاب وبما فيها حلفاء "النهضة" داخل ائتلاف الترويكا الحاكم، وخاصة حزب الرئيس المنصف المرزوقي (المؤتمر من أجل الجمهورية) بتوسيع صلاحيات رئيس الدولة، وتحقيق التوازن بين رأسي السلطة التنفيذية.
وفي سياق متصل، يستعد رئيس حركة "وفاء" المعارض عبد الرؤوف العيادي، إلى الإعلان عن كتلة نيابية جديدة خلال الأسبوع الجاري وصفها بـ"الأضخم" بعد كتلة حركة "النهضة" الحاكمة، حيث من المتوقع أن تضم أكثر من 40 نائبا في المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان).
وستضم الكتلة الجديدة نواب أحزاب "تيار المحبة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتيار الديمقراطي وكتلة الحرية والكرامة"، إلى جانب نواب حركة "وفاء" وآخرين مُستقلين.
ويتفق أعضاء الكتلة النيابية الجديدة على رفض ما يعتبرونه "وصاية على المجلس التأسيسي"، معلنين عزمهم الدفاع عن شرعيته، والتمسك بمحافظته على كامل صلاحيته، وعدم المساس بالتنظيم الموقت للسلطات العمومية (الدستور الموقت لتونس، الذي وضعه التأسيسي عقب وقف العمل بدستور الرئيس السابق زين العابدين بن علي).
وتأتي هذه الخطوة تماشيًا مع موقف جزء من المعارضة التونسية، التي تعتبر أن الحوار الوطني يؤسس لشرعية موازية ومنافسة لشرعية التأسيسي، الذي انتخبه الشعب في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، ويحاول فرض قراراته عليه وتحديد أعماله، خاصة وأن خارطة الطريق التي اقترحها الرباعي الراعي للحوار الوطني تنص على ضرورة تنقيح وتعديل "التنظيم الموقت للسلطات العمومية،" الذي يراه بعض السياسيين خطًا أحمر لا يمكن المساس به، معتبرين أن الحوار الوطني يهدف إلى تغيير موازين القوى وتهديد الشرعية المنبثقة عن انتخابات 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، التي جعلت المجلس التأسيسي السلطة العليا للدولة، ومنحت لحزب "النهضة" الإسلامي وحلفائه من حزبي "المؤتمر" و"التكتل" الغالبية التشريعية.
ومن أبرز ما يميز الكتلة الجديدة أنها تمثل إعادة تشكُّل لخارطة المجلس التأسيسي ولموازين القوى داخله، كما أنها تعتبر إعادة تكتل وتحالف قديم جديد بين الأحزاب المنشقة عن حزب الرئيس المنصف المرزوقي، وهم أحزاب حركة "وفاء" الذي يتزعمها عبد الرؤوف العيادي، و"التيار الديمقراطي" الذي يترأسه الأمين العام السابق لحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" محمد عبو، وهو ما اعتبره مراقبون بداية تبلور لخارطة التحالفات الانتخابية المقبلة، خاصة وأن بعض التسريبات تؤكد أن أحزاب "المؤتمر ووفاء والتيار الديمقراطي" ستقدم مرشحًا واحدًا للانتخابات الرئاسية المقبلة سيكون رئيس الجمهورية الموقّت ومؤسس حزب "المؤتمر"، الدكتور المنصف المرزوقي.