لداخليه اثناء اقتحام كرداسة

تُعد مدينة كرداسة من أكبر المدن التي تأوي التيارات الإسلامية في الجيزة، وسبق واقتحمت قوات الشرطة المصرية المدينة 5 مرات منذ ثورة 25 يناير، وواجهت صعوبات بالغة في التصدي لهم بسبب ارتفاع أعدادهم وتسليحهم بأسلحة حديثة، فيما تعود بنا أحداث كرداسة، الخميس، إلى 21 أيلول سبتمبر عام 1965خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، حيث كانت كرداسة مأو للجماعات المتطرفة وعندما أراد عبد الناصر أن يحارب تلك العناصر، داهمت قوات الشرطة كرداسة للقبض على أحد قيادي في "الإخوان" و يدعى السيد النزيلي، وأرسل وزير الحربية  قوات مشتركة من قوات الحربية والداخلية لمحاصرة كرداسة وتم اعتقال أعداد كبيرة من "الإخوان"، فيما تكررت المشاهد، الخميس، 19أيلول/ سبتمبر 2013 في المكان ذاته الذي أًصبح  معقلا للمتطرفين، وكان أول الضحايا مساعد مدير أمن الجيزة اللواء نبيل فرج خلال عملية مداهمة كرداسة  التي باتت مأو للجهاديين والسلفين و الذين يمثلون 70% من قوى التيار الإسلامي في المنطقة، وتراجعت نسبة "الإخوان" منذ عهد عبد الناصر، و لكنهم ظلوا  الأقوى لامتلاكهم السلاح، أما المسيحيون فقد هجروا منازلهم إجباريًا بعد اضطهادهم من قبل الجماعات الإسلامية في المركز خاصة بعد انتشار الأنباء عن اقتحامها.
يذكر أن تحركات "الإخوان" والجماعات الإسلامية بدأت فور وقوع مجزرة كرداسة، وتناول وسائل الإعلام لها، وتسرب أنباء مفادها اعتزام الأجهزة الأمنية اقتحام المنطقة للقبض على المتورطين في الحادث، حيث تجمع العشرات من جماعة "الإخوان" المسلمين والجماعات الإسلامية التي تكتظ بها مدينة كرداسة واستعانوا بالبلطجية، وقرروا تحصين كرداسة ومنع دخول أحد إليها، حيث أقاموا جدرانا خرسانية عند مدخل المدينة بعد كوبرى كرداسة مباشرة على بعد كيلومترات من مبنى المركز، وتمت إقامة حواجز على الطريق الجديد القادم من الدائري، وتحصين هذا الطريق بالحواجز وإحكام السيطرة عليه، حيث إنه يقع بين مساحات كبيرة من الزراعات، كما استولى "الإخوان" والجماعات الإسلامية على مبنى المركز بعد احتراقه بالكامل، حيث لم تتبقّ منه إلا الجدران، واعتلى أسطحه مجموعة من شباب "الإخوان" المدججين بالأسلحة النارية، استعدادا لمواجهة قوات الأمن، وتم تعزيز الشباب المرابطين أعلى المنازل بالقرب من مداخل ومخارج المدينة بالسلاح أيضا .
و تمكن "الإخوان" والجماعة الإسلامية بمساعدة أنصارهم من جمع كميات كبيرة من الأسلحة النارية الحديثة والآر بي جي استعدادا للموقعة المنتظرة التي يتم فيها مواجهة الشرطة التي تعتزم اقتحام المدينة وضبط المتورطين في حادث مقتل 11 ضابطا وفرد أمن، حيث أكد قيادات "الإخوان" والجماعات الإسلامية لشبابهم بأنهم سيستبسلون في الدفاع عن كرداسة ولن يسمحوا لفرد أمن بالخروج حيا منها في حالة دخولهم لكرداسة للقبض على الجناة في حادث المركز.
و تتنوع عناصر التيارات الإسلامية في مركز كرداسة ما بين أعضاء جماعة "الإخوان" المسلمين والسلفيين والجماعة الإسلامية، وأعضاء السلفية الجهادية، بيد أن السلفين والجماعة الإسلامية لهما نصيب الأسد على خريطة التيار الإسلامي داخل المركز حيث ينتمي قيادات الجماعة الإسلامية والسلفيين لكبار العائلات التي تسيطر على الأوضاع كافة  في كرداسة وهم عائلة "الغزلاني وبشندي".
 أما الأهالي في القرية، فينقسمون إلى ثلاث فئات: الأولى تضم مناصري "الإخوان" والجماعات الإسلامية في المنطقة التي تعد معقلا للحركات الإسلامية في الجيزة - والثانية تضم البرجوازيين من أصحاب الأطيان، أما الثالثة فتضم الفلاحين ممن يعملون اليوم بيومه.
 وتعد مدينة كرداسة من أكبر المدن التي تأوي التيارات الإسلامية بالجيزة، وسبق واقتحمت قوات الشرطة المركز 5 مرات منذ ثورة 25 يناير، وواجهت صعوبات بالغة في التصدي لهم بسبب ارتفاع أعدادهم وتسليحهم بأسلحة حديثة، والفئة الثانية وهم البلطجية، الذين انضموا أخيرًا للإخوان والجماعات الإسلامية مقابل الحصول على المال، ثم الفئة الثالثة وهم المواطنون البسطاء والشرفاء من أهل المدينة، الذين أصبحوا محاصرين في المنطقة، حيث تركوا أراضيهم الزراعية وعملهم بسبب الصعوبات التي يواجهها الأهالي أثناء التحرك داخل المدينة بعدما استولت عليها التيارات الإسلامية.
 تشكلت ميليشيات الجهاد والسلفيين عقب قيام الثورة مباشرة وتحديدًا عند خروج الشيخ محمد الغزلاني العضو البارز في جماعة الجهاد والذي ظل محبوسًا لأكثر من 15 سنة لخطورته على الأمن القومي وأفكاره المتطرفة، حيث كون الغزلاني مع أحد أقربائه وهو الشيخ مهدي مجموعة مسلحة من الملتحين وبعض المسجلين خطر تحت مسمى اللجان الشعبية التي لاقت استحسان جميع من يقيم في كرداسة نظرًا لغياب الأمن وانتشار البلطجية، وأصبحت ميليشيات السلفيين والجهاد شرا لا بد منه، حيث قام الشيخ مهدي باتباع جزء من الحديث الشريف "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده" وبدأت المجموعة الملتحية المسلحة في فرض سيطرتها بالفعل وضبط أكثر من شخص حاول سرقة المارة.
 بينما أكد الشيخ الغزلاني أنه بعد عودة الأمن ستعود اللجان الشعبية إلى حياتها الطبيعية، وشدد أيضا الشيخ مهدي أنهم سيسلمون الأسلحة التي بحوزتهم إلى المركز، ولكن سرعان ما تغيرت الأمور ونكثت بالعهود مثل جماعة "الإخوان" المسلمين، فمع بداية إعادة فتح مركز شرطة كرداسة اصطحب الشيخ مهدي والغزلاني مجموعة مسلحة من الملتحين والبلطجية وأطلقوا وابلا من الأعيرة النارية على الضباط مهددين بتصفيتهم إذا تم إعادة فتح المركز وعودة الضباط القدماء، وكان السبب الخفي طبعا هو الخوف من بطشهم لأن هؤلاء الضباط يعلمون الوجه الآخر لهم وقتها.
 اضطرت قيادات وزارة الداخلية إلى إغلاق مركز شرطة كرداسة لإشعار آخر وبادرت قيادات القسم عملها من مقر بجوار القرية الذكية، حيث عانى المواطنون الأمرين وقتها تارة من غياب الأمن وميليشيات الشيخ مهدي والشيخ محمد الغزلاني، وتارة أخرى من بعد مسافة المركز عنهم وصعوبة تحرير محاضر فضلت قيادات أمن الجيزة وقتها التفاوض مع الشيخ مهدي والغزلاني وكأنه يملك الشرعية واشترط الشيخ السلفي مهدي وقتها نقل أكثر من 4 ضباط إلى مكان آخر، ومنهم رئيس المباحث وعدم نزول ضباط القسم إلا بعد التنسيق مع اللجان الشعبية بزعم أنهم أصبحوا مطلبا شعبيا ووقتها رفض أيضا الشيخ مهدي إعطاء قيادات الأمن مفتاح باب المركز وظل مغلقا لفترة طويلة بل إن ميليشياتهم اتخذوا غرفة في المركز حولوها لمكتب لهم وما زالت موجودة حتى الآن ومع الوقت لم تتغير الأمور وازداد توحش السلفيين وازداد عدد السلاح وأصبحت الميليشيات تنهي وتأمر في كرداسة وأصبح الأمن يرى ويسمع من دون أي رد فعل رغم الانتهاكات الصريحة وشكاوى أهل البلد وكم الطلقات النارية التي يطلقها الشيخ مهدي والغزلاني ورغم تعافي الأمن وانتشار الجيش، فإنه لم يجرؤ أحد على الاقتراب من ميليشيات السلفيين والجهاد في كرداسة.
 و تنقسم  ميليشيات الشيخ مهدي علي 3 مجموعات كل مجموعة عددها ما يقرب من 40 فردًا حيث يتم نشر أكمنة على طريق صفط اللبن والليبيني وداخل كرداسة نفسها، وآخر واقعة لميليشيات الشيخ مهدي عندما أوقفوا سائق تاكسي وقاموا بتفتيشه، وعندما اكتشفوا نهاية رخصة السيارة اصطحبوه على قسم الشرطة، بل قاموا بتفتيش الموظف الذي كان يستقل التاكسي مع زوجته وبدأوا يطرحون الأسئلة عليه عن سبب وجود المرأة معه، وعندما أخبرهم أنها زوجته طلب الشيخ مهدي منه قسيمة الزواج لإثبات الشرعية، وكأن ركوب النساء التاكسي من دون محرم حرام، ووقتها ظل الموظف يقسم بأنها زوجته وأنه سيذهب إلى مديرية أمن الجيزة وتقديم شكوى، لأنهم ليس من حقهم أن يفتشوا المارة.
زاد الاحتقان في كرداسة، بعدما فقدت عددا من أبنائها المنتمين للتيار الإسلامي، ممن سقطوا ضحايا خلال فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول أمام مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر وما إن قامت قوات وزارة الداخلية بفض اعتصامات رابعة العدوية وميدان النهضة حتى بدأت ردة فعل جماعة "الإخوان" المسلمين تتخذ منحى عنيفا جدا.
 بداية الكارثة كانت الأربعاء، حين شن مسلحون هجوما على قسم للشرطة في كرداسة بعد ثلاث ساعات من بدء قوات الأمن فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وألقى المهاجمون وابلا من القنابل الحارقة والأعيرة النارية على قسم شرطة كرداسة بعد يومين من الجريمة الأولى.
و  عبر "الإخوان" عن غضبهم، بقتل وذبح 15 من مسؤولي قسم كرداسة، واشترك في هذه الجريمة عدد ضخم من مناصري "الإخوان"، ليل الاثنين 19 آب/ أغسطس، و استكملت الجماعات الإسلامية المسلحة حلقات الرعب في قرية كرداسة، وبعد أقل من ساعة من إلقاء القبض على المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" محمد بديع، عمد "الإخوان" إلى عزل كرداسة بشكل نهائي، وأعلنوها جمهورية منفصلة، فأغلقوا مداخلها ومخارجها، وأقاموا سواتر من الرمل والحجارة و"الطوب"، في ظل غياب تام لقوات الشرطة والجيش وفي اليوم التالي، بادرت الجماعات الإسلامية المسلحة إلى طرد الأسر المسيحية المقيمة في كرداسة، بعدما هددوها بالقتل في حال قررت البقاء!.
 و تجدر الإشارة إلى أن من  أبرز المنتمين للتيار الإسلامي الذين قاموا بتنفيذ العملية الإجرامية بقتل ظباط قسم كرداسة هم، العضو في ﺠﻤﺎﻋﺔ اﻹﺧﻮان اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ، وﯾﺴﻜﻦ ﻓﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺤﺼﻮاﯾﺔ ﺑﺠﻮار ﻗﺴﻢ ﻛﺮداﺳﺔ ما يقرب من  100 ﻣﺘﺮ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ، اﻟﺬى ظﮭﺮ ﻓﻰ ﻣﻮﻗﻊ اﻷﺣﺪاث في  أﺛﻨﺎء اﻗﺘﺤﺎم ﻗﺴﻢ ﻛﺮداﺳﺔ، وﻛﺎن ﯾﺤﻤﻞ رﺷﺎﺷﺎ، وﻗﺎم ﺑﻘﺘﻞ أﺣﺪ اﻟﻀﺒﺎط، و والعضو في تنظيم الجهاد ﻣﺤﻤﺪ الغزلاني  ، ﺳﺒﻖ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﯿﮫ 15 ﺳﻨﺔ ﻓﻰ ﻗﻀﯿﺔ ﺟﮭﺎدﯾﺔ، وﺗﻢ اﻹﻓﺮاج ﻋﻨﮫ ﺑﻌﻔﻮ رﺋﺎﺳﻰ ﻣﻦ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﻤﻌﺰول، وﯾﺴﻜﻦ ﺑﻤﻮﻗﻒ اﻟﺴﯿﺎرات ﺑﺠﻮار ﻗﺴﻢ ﻛﺮداﺳﺔ، واﺑﻦ ﺷﻘﯿﻘﮫ ﻣﺤﻤﺪ وﯾﻘﯿﻢ ﺑﺸﺎرع ﺳﻌﺪ زﻏﻠﻮل اﻟﺤﺎﻟﻰ، وأﺣﻤﺪ أﺑﻮ اﻟﺴﻌﻮد وﻣﻘﯿﻢ ﻓﻰ ﺷﺎرع اﻟﻀﻮح، وﻋﻼء رﺟﺐ وﯾﻘﯿﻢ ﻓﻰ ﺷﺎرع اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺠﺪﯾﺪ، وﻋﻤﺎد حنفي.
يذكر أنه  في الستنيات كانت كرداسة مأو للجماعات المتطرفة وعندما أراد عبد الناصر أن يحارب تلك العناصر، عام 1965 داهمت قوات الشرطة كرداسة للقبض على السيد النزيلي أحد قيادات الإخوان، وأرسل شمس بدران وزير الحربية الأسبق الذي كان يومها مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر، قوات مشتركة من قوات الحربية والداخلية لمحاصرة كرداسة وتم اعتقال أعداد كبيرة من "الإخوان" وربما تكون كرداسة قد حصلت على هدنة محدودة في عهد الرئيس أنور السادات نظرا إلى أنها القرية التي اختفى بها عقب تنفيذه عملية اغتيال وزير المال أمين عثمان، الذي كان أيام الحكم الملكي قريبا من الاحتلال البريطاني.
 وفي عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وبرغم تحويلها إلى قرية سياحية، فإن كرداسة صارت أكثر فقرا، فقد مارست أجهزة الدولة أسوأ أنواع العنف في القرية، باعتبارها معقل الجماعات الإسلامية، كما أنهكتها بالضرائب.
 يعد مركز كرداسة من القرى القديمة في مصر فقد أُتِى ذكرها في أكثر من موضع في المؤلفات التي اهتمت بحصر القرى المصرية مثل القاموس الجغرافي للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين إلى سنة 1945 م لمؤلفه محمد بك رمزي وكانت مركز تلاقي طرق الرقيق والحجاج وطريق الغرب وطريق سيوة وطريق إلى وادي النطرون وتقع بالقرب من أهرامات الجيزة وتشتهر بالمصنوعات اليدوية والمشغولات الفرعونية والملابس التقليدية الريفية الخاصة والمصنوعات الجلدية ولا يعرف أحد على وجه التحديد متى بدأت صناعة النسيج في قرية كرداسة فهي تكاد تكون من قدم البلدة نفسها، لكن المعروف أن أولى خطوات تطوير هذه الصناعة كانت على يد النائب البرلماني محمود باشا فهمي المكاوي ابن القرية، الذي قام بتأسيس الجمعية التعاونية لصناعة النسيج رقم 1408 لسنه 1943 م برئاسته وعضوية كل من الحاج عبد الفتاح خليفه حموده كوكيل والسكرتير الشيخ سيد الشامي وأمين الصندوق الحاج أبو النور أبوركيسه وأعضاء الشيخ أحمد عمر باوه والشيخ محمد علي الشاهد والشيخ عبد اللطيف علي صالح كأول جمعية هدفها تطوير الصناعة وتوفير الخامات وتسويق المنتج والعمل على التوسع الأفقي للصناعة في البلدة بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952م.
 وبفضل مجهود أبناء القرية تمت إقامة 5 مصانع ضخمة في القرية، كان أحدها مخصصا لصناعة الشاش الطبي، والآخر للقطن الطبي أيضا، أما الثالث فكان يتم فيه تصنيع المستلزمات القطنية للفنادق (للحاج سعيد الدوح) واستوعبت المصانع الثلاثة ما يقرب من  ثلثي طاقة العاملين في مجال النسيج في كرداسة، مقابل رواتب شهرية منتظمة، وكانت الدولة مسئولة عن توزيع واستيعاب المنتج ومصنع لصناعة الأحذية وآخر لصناعة الثلج وكل هذه الخطوات ساعدت على تفرد كرداسة عن باقي القرى المحيطة حتى أصبحت هي البندر الحضاري والقاطرة التي تسحب القري المجاورة وبجانب هذه المصانع كان يوجد مشاغل (ورش) صغيرة تتخصص في تشغيل النساء والبنات في تصنيع الشيلان (جمع شال) والعباءات المطرزة، وظلت المصانع والمشاغل تعمل بطاقات ضخمة وحدثت انتعاشة في القرية خلال السنوات العشر الأولى من بدء تطبيق التجربة