ترشيح محمد الصفدي لرئاسة الحكومة اللبنانية

يتردد اسم رجل الأعمال والسياسي اللبناني محمد الصفدي، بعد إشارة وسائل إعلام لبنانية إلى اتفاق مبدئي بين الأحزاب السياسية على اختياره رئيسًا للوزراء.

لكن هذا التوافق لم ينعكس على الرأي العام اللبناني، إذ تجمع عشرات المحتجين أمام منزل الصفدي في طرابلس ودعا بعضهم للاعتصام هناك، قائلين إن هذا الترشيح لا يلبي مطالب المحتجين في البلاد.

كما نشرت النائبة اللبنانية بولا يعقوبيان تغريدة قالت فيها "عون 1935 - بري 1938 - الصفدي 1944".

ولم يصدر أي تعليق رسمي سواء من الحكومة أو من الصفدي نفسه.

ونقلت صحيفة النهار اللبنانية عن "مصادر مقربة" موقف الصفدي مما أُشيع بأن "تسمية رئيس الحكومة تتم خلال الاستشارات النيابية الملزمة وذلك احتراما للدستور ولموقع الرئاسة، وأن أي حكومة يجب أن تلبي تطلعات الناس ومطالبهم".

وهو نفس الموقف الذي تبناه الوزير والنائب السابق عند إعلان استقالة حكومة الحريري، إذ دعا إلى "التفكير مليا في الخيارات التي تنقذ لبنان".

فماذا نعرف عن محمد الصفدي؟

ولد ونشأ في طرابلس عام 1944، وبدأ منها مشواره في مجال الأعمال للعمل في مجال التجارة.

وحصل على شهادة في العلوم الإدارة من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1968. وفي العام التالي لتخرجه، نقل أعماله إلى بيروت وبقي بها حتى انتقاله إلى المملكة العربية السعودية عام 1975.

وتتركز استثمارات الصفدي في مجالات البناء والعقارات والسياحة والمصارف. وتوسعت في عدد من الدول العربية والأوروبية.

وكان عام 2000 فارقا بالنسبة للصفدي، إذ دشن فيه مؤسسة الصفدي التنموية، التي تعتبر الوجه المجتمعي لمؤسسته "مجموعة الصفدي القابضة".

كما شهد العام نفسه بداية انخراطه في العمل السياسي، بعد انتخابه نائبا عن المقعد السني في طرابلس. وأُعيد انتخابه في نفس المقعد مرتين في عامي 2005 و2009.

وبعد اغتيال رئيس الوزراء السابق سعد الحريري في فبراير/شباط 2005، انضم الصفدي لتحالف 14 آذار الذي قاده سعد الحريري. وبدأ من هنا مشواره كوزير في عدد من الحكومات اللبنانية:

يوليو/تموز 2005 - يوليو/تموز 2008: وزيرا للأشغال العامة والنقل في حكومة فؤاد السنيورة.

يوليو/تموز 2008 - نوفمبر/تشرين الثاني 2009: وزيرا للاقتصاد الوطني والتجارة في حكومة فؤاد السنيورة.

نوفمبر/تشرين الثاني 2009 - يونيو/حزيران 2011: وزيرا للاقتصاد الوطني والتجارة في حكومة سعد الحريري.

2011-2014: وزيرا للمالية في حكومة نجيب ميقاتي.

وفي مارس/آذار 2018، عقد الصفدي مؤتمر صحفي في "مركز الصفدي الثقافي" في طرابلس، أعلن من خلاله "عزوفه وأي فرد من عائلته" الترشح في الانتخابات النيابية، ودعمه لتيار المستقبل سياسيا وتنظيميا.

وتعهد في هذا المؤتمر بتجاوز فكرة المقعد النيابي إلى دعم القطاعات التنموية والاقتصادية في كل لبنان.

لكن قطيعة الصفدي وعائلته مع المناصب السياسية لم تدم طويلا، فقبل أقل من عام كانت زوجته ضمن أربع نساء في حكومة سعد الحريري الأخيرة.

زوج الوزيرة

فيوليت الصفدي بدأت مشوارها المهني من الإعلام، حتى انتقلت إلى مجموعة الصفدي القابضة عام 2010، وصولا إلى وزيرة في حكومة الحريري الأخيرة

في 31 يناير/كانون الثاني 2019، تولت فيوليت خيرالله الصفدي منصب وزيرة الدولة لشؤون التمكين الاقتصادي للنساء والشباب.

ووقف الصفدي بجوار زوجته لاستقبال وفود المهنئين بالمنصب الجديد في مقر مركز الصفدي الثقافي.

ولدت فيوليت خير الله في سبتمبر/أيلول 1981، في مدينة حمدون بجبل لبنان. وتلقت تعليمها الجامعي في جامعة السيدة اللويزة، حيث حصلت على شهادة في إدارة الأعمال الدولية، ثم استكملت دراساتها العليا في العلاقات الدولية والدبلوماسية.

وبدأت مشوارها المهني في الإعلام عام 2001 كمذيعة ربط فقرات في إل بي سي. ثم انتقلت إلى قناة إم تي في اللبنانية عام 2009 كمقدمة نشرة أخبار، وبقيت فيها حتى انتقالها للعمل في مجموعة الصفدي القابضة.

وتزوجت من محمد الصفدي في أكتوبر/تشرين الأول 2015، ولازمته في مواقعه الحكومية والتجارية.

شغلت فيوليت الصفدي منصب المدير التنفيذي لمجموعة الصفدي القابضة منذ عام 2010. وأثناء فترة تولي زوجها منصب وزير المالية، عملت مستشارة إعلامية لوزارتي الاقتصاد والمالية بين عامي 2011 و2014.

كما أنها المسؤولة عن المؤسسات الأهلية والتنموية التابعة للمؤسسة. فدشنت جمعية "أكيد فينا سوا" في طرابلس عام 2016، لتكون معنية بالأعمال الخيرية بخلاف الأنشطة الثقافية التي يقدمها مركز الصفدي الثقافي، الذي تولت رئاسته كذلك.

وقالت فيوليت الصفدي في حوار صحفي آنذاك إنها رفضت أن يجهل اللبنانيون أن "80 ألف مواطن من كل لبنان تخرجوا من مؤسسات الصفدي،" فاختارت البوح والكلام والتعهد بالاستمرار في العطاء.

وهي عضو في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، ومجلس أمناء جامعة سيدة اللويزة، ونائب رئيس جمعية الأهل لدعم التوحد.

شبهات واتهامات

زيتونة باي، أحد استثمارات مجموعة الصفدي القابضة، كان محلا للاحتجاجات التي ترفض خصخصة المساحات العامة وتعتبر المشروع تعديا على الأملاك البحرية

جاء اسم محمد الصفدي ضمن الرموز التي سعى المحتجون اللبنانيون إلى إقصائها عن الحياة السياسية.

وتردد الاتهام بتأجير الصفدي للأرض التي أُقيم عليها أحد مشروعاته، ويحمل اسم "زيتونة باي"، بمبلغ زهيد، وإعادة تأجير العقارات المقامة عليه بمبالغ طائلة. كما اعتبر المحتجون المشروع تعديا على الأملاك البحرية العامة.

واضطر المكتب الإعلامي للصفدي بإصدار بيان أدان فيه "ترويج الأخبار الكاذبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي"، وأوضح أن حصة الصفدي في المشروع لا تتعدى 17 في المئة، كونه واحد من ثمانية مساهمين يمتلكون نصف المشروع.

لكن هذه الاتهامات طالما ترددت قبل موجة الاحتجاجات الأخيرة.

فمثلا، في عام 2009، نشر موقع ويكيليكس برقية سرية للسفارة الأمريكية وصفت فيها الصفدي بأنه "رجل أعمال جمع ثروته في المملكة العربية السعودية ويعد من المقربين من العائلة الحاكمة".

بيد أن بعض التقارير يشير أيضا إلى أن للصفدي علاقة جيدة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وبحزب الله اللبناني.

وأثناء تولي الصفدي منصب وزير المالية عام 2011، أثار معارضون شبهة تضارب المصالح مع تجار العقارات، بعد انتشار أنباء عن التوجه لإقرار ضريبة تحسين عقاري في عام 2013، بنسبة 20-25 في المئة من قيمة العقار.

وقال رئيس نقابة منشئي وتجار الأبنية آنذاك، إيلي صوما، إن الصفدي نصحهم بإعادة تقييم الأصول التي يمتلكونها لتخفيض قيمتها، ومن ثم تنخفض الضرائب المفروضة عليها.

وأشار كتاب لبنانيون معارضون إلى أن الصفدي خيارا مناسبا للنخبة الحاكمة كونه يعتبر "شخصية مستقلة" غير حزبية ولو نظريا، لكن تربطه شبكة مصالح مع هذه النخبة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتردد فيها اسم الصفدي لرئاسة الوزراء، إذ اُشيع من قبل أن الرئيس اللبناني ميشال عون طرحه كبديل للحريري إثر تباين المواقف حول الملف السوري

قد يهمك أيضًــــــــــا:

نجيب ميقاتي يؤكد أن قرار سعد الحريري صائب ويرى أن حل أزمة لبنان يبدأ من البرلمان

سعد الحريري يتلقى ردود فعل إيجابية بعد إعلان استقالته من الحكومة اللبنانية