بيروت ـ كمال الأخوي
مع دخول الحراك الشعبي في لبنان يومه السادس، تباينت حركة الطرقات في المدن والمناطق، بينما حذّر المحتجون من محاولة التعتيم على احتجاجهم، وفيما أعلِن فجراً عن قطع عدد من طرقات العاصمة بيروت والجنوب، بدءاً من الطريق البحري جنوباً والنبطية وزحلة شرقاً، أفيد لاحقاً بقيام عناصر الجيش اللبناني بفتح الطرقات الرئيسية "طوعاً لا كرها"، مصدراً أوامر بمنع قطعها، كما عمدت قوة من الجيش اللبناني فجر اليوم الثلاثاء إلى فتح تقاطع "الشيفروليه" بالقوة. ويعتبر هذا التقاطع الطريق الرئيس للوصول إلى القصر الجمهوري في بعبدا.
كما انتشر الجيش على مداخل وسط بيروت ومنع دخول سائقي الدراجات بعد أن فرق أمس مواكب لدراجات نارية تحمل أعلام حركة أمل وميليشيات حزب الله كانت متجهة إلى ساحة الاعتصام. وقالت مصادر عسكرية إن الجيش اللبناني لن يقف على الحياد في حال تم الاعتداء على المتظاهرين في أي منطقة لبنانية.
الاحتجاجات مستمرة في بيروت
وعلى صعيد التظاهرات، توافد المحتجون اليوم إلى ساحة رياض الصلح وإلى ساحات الاحتجاج الأخرى في مختلف المناطق، بعد دعوات لهم للاستمرار في التظاهر. ودعا المتظاهرون لتحركات لإحباط أي مخططات أو محاولات لتخريب الحراك الشعبي.
والجديد في تظاهرات اليوم، هو قيام بعض الشبان بافتراش الأرض والتظاهر أمام المصرف المركزي في شارع الحمرا في بيروت الذي يتهمونه باتباع سياسات اقتصادية لا تناسب اللبنانيين ويتهمون حاكمه بالفساد أيضاً.
وكان المتظاهرون قد دعوا في بيان لهم لمواصلة الاحتجاجات، الثلاثاء، لليوم السادس على التوالي في مختلف المدن اللبنانية، في رد مباشر على إعلان رئيس الحكومة، سعد الحريري، سلسلة إصلاحات اقتصادية واسعة، وصفها المتظاهرون بالإصلاحات "الواهية وغير الواقعية والفضفاضة والمضللة لكسب الوقت والمماطلة".
هذا وقالت وسائل إعلام لبنانية، إن رئاسة الحكومة نفت أي نية لها لإعلان حالة الطوارئ. وأكد مصدر لـ"العربية" و"الحدث" على سماح الحكومة للمتظاهرين باستخدام الساحات، لكنها لن تقبل بقطع الطرقات، وأن هناك قراراً اتخذ بفتح الطرقات العامة وعدم قطعها.
"تعتيم على الثورة" وإعادة فتح المدارس
وفي سياق متصل، ستظل المصارف اللبنانية مقفلة الأربعاء. ورجحت مصادر لبنانية أن القلق من تدهور مالي وسحب ودائع دفع للمضي بقرار استمرار غلق المصارف.
كما مدد وزير التربيةوالتعليم العالي إقفال المدارس والمعاهد الرسمية والخاصة ليوم غد الأربعاء وحتى إشعلر آخر "بسبب الاستمرار في إقفال الطرقات". أتا إعلام وزير التربية مساء اليوم بعد أن كان قد أعلن صباحاً استئناف الدراسة غداً.
وفي سياق آخر، أفادت "الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام" بتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية الفرعية في بعض البلدات والقرى حتى إشعار آخر. وتستثنى من هذا القرار البلدات والقرى التي فاز أعضاء المجالس البلدية والاختيارية فيها بالتزكية.
من جهة أخرى، أقال وزير الإعلام اللبناني جمال الجراح (المحسوب على تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة سعد الحريري) مديرة الوكالة الرسمية اللبنانية لور سليمان وعين العضو في "التيار الوطني الحر" (الذي أسسه رئيس الجمهورية ميشال عون والذي يتزعمه وزير الخارجية جبران باسيل) زياد حرفوش بدلاً منها.
وأفادت مصادر قناة "الحدث" أن صهر عون، جبران باسيل، هو من ضغط لإقالة مديرة الوكالة الرسمية بسبب تغطيتها أخبار التظاهرات.
وأشار بيان للمتظاهرين إلى أن إقالة مديرة الوكالة الرسمية تأتي "في إطار الضغط لعدم تغطية الثورة"، وأن تعيين مقرّب من الرئيس مديراً للوكالة الرسمية اللبنانية "هدفه التعتيم على الثورة".
وحذّر بيان المتظاهرين وزير الإعلام من "التعتيم على الثورة بالإعلام الرسمي". وفي هذا السياق اقتحم فنانون لبنانيون مبنى التلفزيون الرسمي للدولة.
جنبلاط لا يدعم الإصلاحات
سياسياً، أفادت مصادر قناة "الحدث" أن سفراء "مجموعة الدول الداعمة للبنان" بصدد إصدار بيان داعم للإصلاحات الحكومية بعد لقاء رئيس الحكومة سعد الحريري اليوم.
من جهته، أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أن الإصلاحات التي اعتمدت هي "مخدرات واهية لبعض الوقت"، معتبراً أن "بيع القطاع العام جريمة".
وتوجّه جنبلاط وفي تغريدة على "تويتر" لرئيس الحكومة متسائلاً عن استمراره بـ"تفاهمات ستدمر العهد"، داعياً إلى تعديل حكومي لإخراج من وصفهم بـ"رموز الاستبداد والفساد منها". وأكد جنبلاط أن التعرض للمتظاهرين "خط أحمر".
وفي حديث صحافي، كشف جنبلاط أن حزبه سيعمل على التوجه نحو انتخابات نيابية مبكّرة.
يأتي ذلك فيما نفت وكالة "رويترز" للأنباء صحة الأخبار التي تم تناقلها على وسائل التواصل الاجتماعي حول صحة الرئيس اللبناني، ميشال عون، واستقالة وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يرأسه النائب السابق، وليد جنبلاط، واصفة تلك الأخبار بالزائفة وغير صحيحة.
وأشارت وكالة "رويترز" إلى أن هذه الأنباء المنسوبة لها كاذبة، وعارية تماماً من الصحة، ولم ترد على أي نشرة إخبارية لها، مضيفة أن صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم "رويترز" بشكل زائف هي من تناقلت تلك الأخبار.
من جهته، دعا حزب "القوات اللبنانية" إلى "استقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة من شخصيات محايدة ذات اختصاص وتقنيات عالية وبعيدا عن الأكثرية الوزارية الحالية".
وكانت التظاهرات قد تواصلت طيلة يوم الاثنين، لليوم الخامس على التوالي، وذلك رغم إعلان رئيس الحكومة عن إجراءات تضمنت حزمة من الإصلاحات بما في ذلك إقرار ميزانية العام المقبل.
وعود الإصلاحات لم تلق آذاناً صاغية من المتظاهرين، الذين واصلوا التعبير عن غضبهم في الساحات العامة، لاسيما في العاصمة بيروت وأيضاً في طرابلس.
حكومات أجنبية تدعم أهداف لبنان للإصلاح
عقد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، اليوم الثلاثاء، سلسلة اجتماعات مع سفراء دول أجنبية داعمة للبنان غداة إقرار حكومته إصلاحات جذرية، لم تقنع المتظاهرين الذين افترشوا الطرق والساحات لليوم السادس على التوالي.
واجتمع الحريري بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي بسفراء الولايات المتحدة اليزابيث ريتشارد، وروسيا ألكسندر زاسبيكين، وفرنسا برونو فوشيه، وبريطانيا كريس رامبلنغ، وألمانيا جورج برغلين، وإيطاليا ماسيمو ماروتي، والاتحاد الأوروبي رالف طراف، والقائم بالأعمال الصيني جيانغ زويانغ، والمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، وممثل جامعة الدول العربية السفير عبد الرحمن الصلح. كذلك استقبل الحريري السفير الكويتي عبد العال القناعي.
وقال مكتب الحريري إن السفراء طالبوا لبنان بالتعامل مع مطالب المحتجين والكف عن استخدام العنف ضدهم والتصدي للفساد.
كما نقل مكتب رئيس وزراء لبنان عن منسق الأمم المتحدة في لبنان قوله، اليوم الثلاثاء، إن حكومات أجنبية عبرت عن تأييدها لأهداف الإصلاح التي حددتها الحكومة اللبنانية.
مجموعة الدعم الدولية تطالب بتقليص الهدر
وبعد الاجتماع، قال كوبيتش: "أطلع الرئيس الحريري السفراء على جدية الإجراءات التي طال انتظارها والتي اتخذت بالأمس من الحكومة، سواء كانت كجزء من مشروع موازنة العام 2020 لكي يتم إقرارها ضمن المهل الدستورية، أو من خارج الموازنة".
وأضاف: "مجموعة الدعم الدولية عبرت عن دعمها للأهداف الإصلاحية التي أوجزها الرئيس الحريري والقرارات المعتمدة من الحكومة، والتي تتماشى مع تطلعات الشعب اللبناني. نحن نشيد بالتعبير الديمقراطي للشعب اللبناني ومطالبته بإصلاحات بنيوية وتغييرات اجتماعية ومسؤولة ومقبولة، يجب أن تقلص بشكل حقيقي الفساد والهدر وتبتعد عن الطائفية وتؤمن الحوكمة الصحيحة والمساءلة التامة وتؤدي إلى نمو مستدام واستقرار. إن شكواهم يجب أن تتم معالجتها. إن مجموعة الدعم الدولية ترحب بالسلوك المسؤول إلى حد كبير الذي انتهجته قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، واحترام إلى حد كبير منذ السبت الماضي حق الشعب بتظاهرات سلمية. وقد أحطنا علما بالتزام الرئيس الحريري أن الحكومة وقواها الأمنية الشرعية ستبقى توفر الحماية للمدنيين المتظاهرين بشكل سلمي، وستتخذ التدابير المناسبة تجاه أي تحريض عنيف محتمل لحماية الممتلكات العامة والخاصة والمؤسسات وحق الشعب في التعبير السلمي عن آرائه".
وختم: "إن مجموعة الدعم الدولية تحض المسؤولين والجهات السياسية الفاعلة في لبنان على الاستماع إلى المطالب الشرعية التي يطرحها الناس، والعمل معهم على الحلول ومن ثم على تطبيق هذه الحلول، والامتناع عن الكلام والأفعال التي يمكن أن تلهب التوترات وتحرض على المواجهة والعنف. إن مجموعة الدعم الدولية تجدد تأكيد دعمها القوي للبنان وشعبه ووحدة أراضيه وسيادته واستقلاله السياسي".
وأقرّت الحكومة اللبنانية، أمس الاثنين، رزمة إجراءات إصلاحية، عبر إقرارها موازنة العام 2020 مع عجز نسبته 0.6% وإجراءات من خارجها، لا تتضمن فرض أي ضرائب جديدة. وتتمحور أبرز الإجراءات حول خفض النفقات العامة للدولة والموافقة على بدء تنفيذ مشاريع إصلاحية وردت في مؤتمر "سيدر".
وأكد المستشار الاقتصادي للحريري نديم المنلا في حديث لصحافيين، أن رئيس الحكومة ينتظر رداً دولياً إيجابياً بشأن الإصلاحات الاقتصادية الجذرية التي اعتمدتها حكومته.
الإصلاحات.. مطلب أساسي من الأسرة الدولية
ولم تصدر أي ردود فعل دولية بارزة من الدول الصديقة للبنان إزاء موجة الاحتجاجات التي عمت المناطق اللبنانية والإصلاحات التي أعلنت على إثرها، باستثناء فرنسا التي حضت الحكومة اللبنانية على تطبيق الإصلاحات الضرورية ليستعيد الاقتصاد اللبناني عافيته وتؤمن الدولة الخدمات العامة بما يصب مباشرة في مصلحة المواطنين اللبنانيين".
وأعلن المنلا لصحافيين "نعتقد أنه بعد إعلان قرارات الحكومة أمس سنتلقى ردود فعل إيجابية" من السفراء.
وأضاف أن تلك الإصلاحات "كانت المطلب الأساسي للعديد من أعضاء المجتمع الدولي".
وتعهدت الحكومة العام الماضي أمام المجتمع الدولي بتخفيض النفقات العامة وبمشاريع اصلاحية مقابل حصولها على قروض وهبات بقيمة 11.6 مليار دولار أقرها مؤتمر "سيدر" في باريس.
إلا أن تباين وجهات النظر إزاء تطبيق هذه المشاريع والخلاف على الحصص والتعيينات داخل الحكومة التي لا يحظى فيها الحريري بأكثرية، حالت دون وفاء الحكومة بالتزاماتها.
ومن أبرز بنود الخطة التي تمّ الإعلان عنها، الاثنين، أن يساهم القطاع المصرفي والمصرف المركزي بخفض العجز بقيمة تتجاوز خمسة آلاف مليار ليرة (3.3 مليار دولار) خلال العام 2020، وزيادة الضريبة على أرباح المصارف.
وخفضت وكالات دولية التصنيف الائتماني للبنان، متوقعةً استمرار تراجع ثقة المستثمرين ما لم تتمكن الحكومة من تطبيق إصلاحات جذرية.
وأعرب المنلا عن أمله في أن تؤدي حزمة الإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة اللبنانية، الاثنين، إلى "ردود فعل إيجابية في السوق".
وتتضمن الإصلاحات إجراء دراسة لخصخصة جزئية أو كلية للعديد من المؤسسات والقطاعات العامة، من ضمنها قطاع الهاتف المحمول، ومرفأ بيروت، وخطوط طيران الشرق الأوسط.
لا استبعاد لتعديل وزاري
وتعهّدت الحكومة بإقرار مشاريع المرحلة الأولى من مؤتمر "سيدر" والبالغة قيمتها 11 مليار دولار، خلال ثلاثة أسابيع.
وتنص القرارات الجديدة أيضاً على خفض رواتب الرؤساء والنواب والوزراء الحاليين والسابقين بنسبة 50%، وخفض العجز في مؤسسة كهرباء لبنان، القطاع الذي تقدّر قيمة العجز السنوي فيه بنحو ملياري دولار سنوياً. ويشكل إصلاح هذا القطاع أولوية بالنسبة للجهات المانحة.
ولم تحظ هذه الإصلاحات بقبول المحتجين واعتبروها غير كافية ورأوا أنها بمثابة خطوة من الطبقة السياسية للحفاظ على وجودها في الحكم.
وفي سياق متصل، أعلن المنلا أن قانوناً جديداً لاستعادة الأموال المنهوبة يجري إعداده حالياً، مضيفاً أن مقترحات من المجتمع المدني ستؤخذ بعين الاعتبار لدى صياغة النص.
وقال إن "الضغط الذي ظهر في الأيام الأخيرة وربما الأسابيع الأخيرة أمر لا رجعة فيه برأيي وسيؤدي إلى صدور قوانين ملموسة جداً".
من جهته، أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون، الاثنين، تأييده لرفع السرية المصرفية عن الوزراء. وفي هذا السياق، قال المنلا: "أعتقد أن (الوزراء) سيستجيبون، وقد رأيت أن هناك تحركاً بهذا الاتجاه".
وأضاف أن إجراء تعديلات وزارية ليس بالأمر المستبعد، موضحاً "أعتقد أن الأمر سيحدد خلال الأيام المقبلة. وهذا واحد من الخيارات".
هل بدأ نظام المحاصصة الطائفية يتصدع؟
لنحو أسبوع كامل، أبدى الناس في لبنان تمردا غير مألوف ضد ساستهم، وأغلقت مدارس وجامعات وشركات مع تدفق مئات الآلاف من المتظاهرين على ساحة الشهداء بقلب العاصمة بيروت ومناطق أخرى بشتى أنحاء البلد، للتظاهر ضد أشخاص حققوا مكاسب بينما قادوا لبنان إلى جحيم اقتصادي.
واندلعت المظاهرات بسبب ضريبة على الاتصالات عبر تطبيق واتساب، لكن الحكومة سرعان ما تخلت عنها.
وبالرغم من هذا، لم تتمكن الحكومة من احتواء غضب أمة سئمت الركود الاقتصادي، والفساد المزمن، وغياب الخدمات العامة الأساسية.
اللافت هو أن الاحتجاجات تجاوزت الخطوط الطائفية التي ابتلي بها لبنان طيلة عقود، حيث يقول متظاهر يُدعى كريستيان ماناشي "لأول مرة على الإطلاق هناك وحدة حقيقية في البلد وليست زائفة مثل ما شاهدنا في السابق".
"الناس أدركوا أن المسيحي الذي يعيش في فقر مدقع لا يختلف عن السني أو الشيعي الذي يعيش في فقر مدقع"، بحسب ماناشي الذي يبلغ من العمر 29 عاما.
وبموجب النظام السياسي في لبنان، توزع المناصب السياسية العليا وفقا للطائفة، وهو ما أدى إلى نظام من المحسوبية تمكن السياسيون من استغلاله ببراعة.
وطالب المحتجون زعماءهم بالاستقالة. وقد استقال عدد من الوزراء بالفعل، لكن غالبيتهم مازالوا يقاومون.
وأعلن رئيس الحكومة، سعد الحريري، أمس عن مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية، يأمل أن ينجح بعضها في تهدئة غضب المحتجين. فقد تعهد بخفض رواتب السياسيين، والاستثمار في مجال الطاقة، وفرض ضرائب على المصارف للمساعدة في خفض الدين العام.
وحرص الحريري في كلمته على ألا يلهب الموقف أكثر، قائلا إنه استمع لغضب الناس.
لكن كثيرا من المتظاهرين يرون أن الحكومة تأخرت ولم تقدم إلا القليل، وقد تعهدوا بالبقاء في الشوارع بهدف "إسقاط النظام".
وقال لي محتج شاب "الأمر كله كان مبهما. لماذا لم يفعلوا هذا منذ 30 عاما؟".
غير أن الزعماء السياسيين في لبنان سيأملون أن تخبو الاحتجاجات - التي اندلعت على نحو عفوي غير منظم - في نهاية المطاف.
إذا لم يحدث هذا، فسيتجه البلد إلى منطقة مجهولة. ومن شأن هذا إثارة قلق الغرب، الذي يعتبر لبنان بمثابة منطقة تنعم باستقرار نسبي في الشرق الأوسط المضطرب.
ومما لا شك فيه أن لبنان بلد يشعر بأنه وُلد من جديد في الأسبوع المنصرم. فالناس المهمشون منذ عقود شعروا فجأة أن بإمكانهم محاسبة النخبة السياسية والمطالبة بالتغيير.
وربما حافظ اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية قبل 30 عاما، على السلام، لكنه خلق كذلك مأساة اقتصادية لكثير من اللبنانيين، وقد بدأ يتصدع.
غير أن الخطر الحقيقي مختف خلف قناع المناخ الاحتفالي، الذي يصطحب فيه الناس أبناءهم للاحتجاجات ويرقص فيه متظاهرون بحماس في طرابلس. فالخلافات القديمة لا تموت بسهولة.
وربما شلّت هذه الاحتجاجات المفاجئة حركة الزعماء السياسيين في لبنان، لكن هذا لا يعني أنهم سيسلمون السلطة دون قتال.
قد يهمك ايضاً :
الأمم المتحدة تبحث تنظيم المنتدى الحضري العالمي العاشر في أبوظبي