بروكسل - زكي شهاب
طالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قادة دول حلف شمال الأطلسي المجتمعين في بروكسل بعد ظهر الخميس، بوضع حد للإرهاب في مهده، موضحًا أن الإرهاب الذي ضرب في مدينة مانشستر البريطانية، وأماكن أخرى من العالم، سيتكرر في أكثر من مناسبة. وشدّد الرئيس الأميركي في كلمة ألقاها أثناء تدشين نصب تذكاري لضحايا الحادي عشر من سبتمبر/ايلول في مقر قيادة حلف شمال الأطلسي الذي تم افتتاحه رسميا، على ضرورة التركيز على "الإرهاب والهجرة" رابطا بوضوح بين الأمرين، في إشارة من جانبه، إلى أن الانتحاري الذي نفذ جريمة مانشستر البريطاني سلمان عابدي المولود في المدينة، لأبوين ليبيين.
وكشف الرئيس الأميركي على مرأى وسمع قادة الدول الثماني والعشرين الذي شاركوا الافتتاح بأن 23 من أصل 28دولة، لا يلتزمون بدفع التعهدات المطلوبة من قبلهم لميزانية الحلف، موضحًا أن ليس هذا شيء عادل لدافعي الضرائب في الولايات المتحدة. وقال الرئيس الأميركي إن بعض من هذه الدول لم يدفع مستحقاته منذ عدة سنوات. ودعا رئيس الولايات المتحدة الذي يقوم بجولة خارجية، دول التحالف لمواجهة "العدو الشرير" في هذا العالم، كما أكد أن دول الحلف لن يحد من تصميمها على دحر الإرهاب أي شيء.
واستهل ترامب كلمته بعد ظهر الخميس، بطلب دقيقة صمت حدادا على ضحايا مدينة مانشستر البريطاني من الأطفال، ووصف ترامب العناصر الإرهابية بأنها عناصر خاسرة ويجب طردها من مجتمعاتنا. وطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق الخميس أن الأنباء عن تسريب معلومات حساسة وسرية تتعلق بالعمل الإرهابي الذي شهدته مانشسترسيشكل تهديدا حقيقيا لأمن الولايات المتحدة القومي بين طرفين، فيما يثمن العلاقة المميزة التي تربط الولايات المتحدة وبريطانيا. وأعلن أنه طلب من وزارة العدل الأميركية ووكالات أمنية أخرى البدء في تحقيقات موسعة، متعهدًا أن تعمل إدارته من أجل التوصل إلى معرفة الحقيقة الكاملة.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إنها طالبت قادة دول الحلف بأن يبذلو المزيد من أجل مكافحة الإرهاب لا سيما وأن الابتداء على مدينة مانشستر، أبرز أهمية تصعيد الحرب على الإرهاب كمقدمة لدحره. وطالبت من الدول الأخرى تحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد من خلال الاستثمار بشكل أفضل في الحقل الدفاعي والشراكة الأمنية.
وفي إشارة إلى التسريبات المتعلقة بحادث مانشستر الإرهابي، قالت رئيسة الوزراء البريطانية إن مشاركة المعلومات الاستخبارية مع الولايات المتحدة يجب المحافظة على سريتها وأنها أوضحت ذلك للرئيس ترامب، حيث أكدت على أن المعلومات المتداولة بين الأجهزة الأمنية يجب أن يتم تداولها بشكل أمن.
وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، أن القمة التي شهدتها العاصمة البلجيكية لقادة دول الناتو، عبرّت عن تصميمها على تعزيز تحالفها العسكري لدحر تنظيم داعش ومكافحة الإرهاب، لكنها كانت حريصة في الوقت ذاته على التأكيد لشعوب العالم العربي والإسلامي أن السعي إلى تحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة العربية يدخل في صلب أهداف الحلف ونشاطاته.
وأشار ستولتنبرغ في رد على سؤال لـ"العرب اليوم" أن أهم ما خرجت به القمة الأطلسية، هو تفاهم دولي على تشكيل خلية خاصة لتنسيق مكافحة التطرف وجمع المعلومات وتبادلها بين الدول الأعضاء، إضافة إلى تعزيز الدور العسكري للناتو في العمليات التي تشارك فيه الدول الأعضاء ليشمل زيادة وقت استطلاع طائرات الاواكس في مناطق العمليات، وتزويد الطائرات الحربية المقاتلة في الجو بالوقود أثناء تنفيذ مهامها والتركيز على التدريب للقوات العسكرية الدول المعنية وفي مقدمتها أفغانستان والعراق.
وقالت مصادر عدة لـ "صوت الإمارات" إن ما أجمع عليه زعماء الأطلسي، هو توجيه رسالة واضحة مفادها أن الحرب التي بدأت ضد الإرهاب في أعقاب أحداث سبتمبر/ أيلول 2011، ستأخذ بعد اليوم بعدا جديدًا لجهة تصميم عزم وإصرار أعضاء حلف الأطلسي على تعزيز تعاونهم ورصد إمكانات أكبر، واتخاذ إجراءات أكثر فعالية على جميع الأصعدة لوضع حد للإرهاب الذي بات يستهدف المدنيين الأبرياء في كل بقاع الأرض.
ووصفت مصادر حلف شمال الأطلسي أن القرارات التي صدرت الليلة من بروكسل، شكلت رسالة واضحة إلى أركان التنظيمات الإرهابية والمتطرفة ومن وراءها، أن الدول الأعضاء ستستخدم كل الإمكانات المتاحة للنجاح في حربها في الحرب المقبلة.
وأشارت دوائر حلف شمال الأطلسي، إلى أن البند الثاني المهم على جدول أعمال القادة، كان حول كيفية تنفيذ قرارات قمة ويلز في بريطانيا العام 2014، بشأن المساهمات المالية للدول الأعضاء والتي وصلت إلى أدنى مستوى لها في العام 2015، ولكنها ما لبثت أن تحسنت في العام 2016، وتأمل بعد اليوم أن تتكثّف، لتفي الدول المعنية بالالتزامات التي قطعتها للاستثمار في الميدان العسكري, و رفع مساهمتها المالية في الحقل الدفاعي لصالح الناتو, لتصل إلى 2 بالمئة من ناتج الدخل القومي لكل دولة عضو في الحلف, الذي تأسس منذ اكثر من سبعين عاما, والذي سيصل عدد دول الأعضاء فيه إلى 29 دولة, بعد مشاركة دوسكو ماركوفيتش رئيس وزراء الجبل الأسود المعروف ب "منتينيغرو" في القمة, للمرة الأولى, وقبل أسابيع قليلة من تمتع بلاده في حق العضوية الكاملة والتي ستعلن حسب مصادر مختلفة في شهر حزيران/ يونيو المقبل على أبعد تقدير.
وعقدت القمة الأطلسية في المقر الجديد للحلف، حيث عبّر الرئيسي الأميركي عن إعجابه بالبناء الجديد، لكنه تساءل أمام أركان الحلف حول كلفة المبنى الرفيع الطراز ,لاسيما بعد أن قدرّت كلفة تشيده بانها تجاوزت المليار يورو, و قد كشف الستار عن نصبيين تذكاريين, احدهما يمثل جدار برلين ورعته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بحضور الأمين العام للحلف, والنصب الاخر لأحداث أيلول سبتمبر 2001 ورعاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب, ويمثل النصب بعض معالم الطابق 107 في القسم الغربي من مركز التجارة العالمي, الذي استهدفه تنظيم القاعدة مبناه حينذاك.
وكانت العاصمة البلجيكية قد عاشت منذ ظهر الأربعاء، إجراءات أمنية مشددة أغلقت خلالها عدد من الطرق الرئيسية, لا سيما وسط العاصمة, ومحيط مقر الاتحاد الأوروبي, وكذلك في المناطق المحيطة والمؤدية إلى مقر حلف الأطلسي, حيث تعقد القمة التي يشارك فيها زعماء الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان والبرتغال وعدد من دول أوروبا الشرقية إضافة إلى تركيا.
وحلّقت في سماء بروكسل بعد ظهر الأربعاء، طائرات حربية قدمت عروضاّ جوية مختلفة أعقبت الرئيس الأميركي دونالد ترامب إليها, وتناوبت طائرات هليكوبتر للاستطلاع والمراقبة على القيام بمهمها في مجال الأمن والاستطلاع.