جنيف - صوت الإمارات
يرى العديد من الصحفيين والخبراء في عدم حضور السودان في محادثات السلام بالجنيف السويسرية خسارة لإحدى أهم الفرص التي بإمكانها أن تنجوب السودان من دمارمحتمل مؤكدين على ضرورة المشاركة فيها،.بينما بحث آخرون فيما يمكن أن تجنيه هذه المحادثات وما إذا كانت تختلف عن سابقاتها.
حيث نشرت صحيفة إندبندنت العربية، مقال بعنوان “غياب القوات المسلحة السودانية عن مفاوضات جنيف” للأكاديمي “عبدالله علي ابراهيم”، حيث أكد أن القوات المسلحة تقدمت بشروط أرادت التوافق عليها قبل حضورها مفاوضات جنيف، فأرادت أن يكون ما اتفق عليه مؤتمر جدة في مايو (أيار) 2023 لوقف العدائيات والغوث الإنساني أساسا للمحادثات في جنيف، بل لم تستحسن نقل طاولة المفاوضات من جدة إلى جنيف، كذلك أصرت على أن يكون وفدها للمفاوضات ممثلاً للحكومة السودانية لا القوات المسلحة وحدها.
وأضاف علي إبراهيم ، أن الكثيرمن الناس ترى في تمنع الجيش دون المفاوضات جرجرة للأقدام من دون إيقاف الحرب بتلميح غير خافٍ بخضوعه للفلول، أنصار نظام الإنقاذ، في هذا الموقف. ورأوا في غيابه إهداراً لفرصة سنحت كان عليه اغتنامها، فترفع مخرجاتها أهوال الحرب عن السودانيين
وأوضح عبد الله علي إبراهيم، أن جنيف كانت فرصة منتظرة لرفع المعاناة عن السودانيين إلا أن بإمكاننا القول إنها طويت الصحف وكسرت الأقلام. فما قبل انعقاد التفاوض، مما طلبته القوات المسلحة، سياسة في قوة ما يجري خلالها وما بعدها. وكان حكيم سوداني يقول هناك كلام في حوش المحكمة وكلام آخر أمام القاضي. فكلام خارج المحكمة هو الذي يفضي إلى نتيجة أفضل في المحكمة.
كما نشرت صحيفة الشرق القطرية، مقال للكاتب السواداني “ياسرمحجوب الحسين” بعنوان “طاولة جنيف.. غسيل الدم”، والتي علق أن إنطلاق مفاوضات جنيف بدون حضورالحكومة السودانية وبرعاية أمريكية، جاء بسبب عدم إستجابة الوساطة الأمريكية للحد الأدنى من شروطها، وهي أبسط متطلبات إقامة سلام عادل يمنع إعادة إنتاج الأزمة من خلال احتفاظ المليشيات بقواتها المتبقية، وكذلك علاقاتها المشبوهة بدول خارجية ربطها بها حبل سري من الدعم العسكري الآثم.
ويعتبر ياسرمحجوب الحسين، المشكلة الكبرى أن هناك عدم ثقة في الوسيط الأمريكي الذي يقدم أجندته في السودان التي تتعارض مع أمنه القومي، واستقراره، حتى أن رغبات واشنطن تتعارض مع مقتضيات العدالة الدولية، وحقوق الإنسان. ولذلك بدت مفاوضات جنيف منتدى لفرض الإرادة الخارجية، وسطلا تغسل فيه أيادي المتورطين من دماء الأبرياء في السودان.
وأن أكبرعيب للوساطة الأمريكية غير نهج الصلف الذي تتعامل به مع الدولة السودانية، أنها تتجاهل حقيقة أن مليشيا الدعم السريع متهمة بارتكاب العديد من الجرائم، والانتهاكات الخطيرة مثل: القتل العمد للمدنيين، والعنف الجنسي حيث تم توثيق حالات اغتصاب واسعة النطاق ضد النساء، والفتيات، وتجنيد الأطفال قسريًا واستخدامهم وقودا في الحرب. هذا فضلا عن الهجمات المتعمدة التي طالت البنية التحتية المدنية، وتدمير المستشفيات، والمدارس، ونهب ممتلكات المواطنين، واحتلال منازل المواطنين ومزارعهم. كل ذلك أدى إلى لجوء، ونزوح ملايين السودانيين، وأسرههم من مناطقهم داخل وخارج البلاد. فكل هذه الجرائم، والانتهاكات أثارت إدانات واسعة من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، لكنها لم تحرك شعرة في الإدارة الأمريكية، على حد تعبيره.
أما صحيفة القدس العربي، فتصدرها عنوان “حرب السودان والفرص الضائعة” للناشط السياسي السوداني “الشفيع خضرسعيد”، حيث رأى إن المطلب الأول والرئيسي للشعب السوداني هوسيرالطرفين نحو وقف إطلاق النار وتدفق المساعدات الإنسانية درءا للمجاعة وتفشي الأوبئة، مثلما يأمل أن تتوقف الجرائم والانتهاكات المريعة والتي لقوات الدعم السريع القدح المعلى فيها.
كما يؤكد أن الشعب السوداني مصمم تماما أن الذهاب إلى جنيف أبدا لا يعني القبول والتسليم بعودة الأطراف المتحاربة إلى نفس مكانتها وأوضاعها قبل الحرب فيما يختص بإدارة السياسة في البلد. فكم تم تكراره كثيرا، لا القوات المسلحة السودانية وحلفاؤها من الحركات المسلحة، ولا قوات الدعم السريع وحلفاؤها من الحركات المسلحة، هم من سيحددون مصير السودان ومستقبله السياسي، فهذه مسؤولية القوى المدنية والسياسية السودانية وحدها، وهي المناط بها تصميم وقيادة العملية السياسية والتي بدونها لن تضع الحرب أوزاره.
أما بالنسبة للقاء جنيف الراهن، يرى خضر سعيد، أن منذ البداية كان واضحا ضرورة التشاور حول المراقبين، مصر والإمارات، من حيث قبول الطرفين لهما ولدورهما وصلاحياتهما في اللقاء. ومع ذلك، ليس مفهوما بل ومستغربا، اعتراض السودان على وجود الإمارات كمراقب في المحادثات.
ويبحث الباحث السوري “عمركوش” بالعربي الجديد في مقاله “ماذا تحمل مفاوضات جنيف بشأن الحرب في السودان؟” عما يمكن أن يحصل عليه الشعب السوداني من مفاوضات جنيف التي انطلقت في 14 من أغسطس/ آب الجاري، بناء على ترتيبات أميركية، مؤكدا أنها لن تحقق المأمول منها بسبب مقاطعة الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان.
وذلك في حين، يأمل عموم السودانيين التوصل إلى اتفاق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ينهي الحرب التي اندلعت في 15 إبريل/ نيسان العام 2023، وراح ضحيتها، بحسب بعض التقديرات، ما لا يقل عن 17 ألف شخص، بينما أدت إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين شخص، منهم نحو ثلاثة ملايين شخص كانوا قد نزحوا من منازلهم بسبب صراعات سابقة، وأكثر من مليوني شخص آخرين لجؤوا إلى دول الجوار وسواها، بحسب إحصائيات المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
ويشيرعمركوش أن هذا الأمل يصطدم بأن الاتفاقات والهدن السابقة، التي توصلت إليها مفاوضات برعاية دولية أو إقليمية، لم تترجم في الأرض، ولم تتوقف الحرب، الأمرالذي يطرح تساؤلات عما ستقدمه مفاوضات جنيف هذه المرة، إذ لا توجد مؤشرات على أنها ستكون مختلفة عن تلك المفاوضات التي انطلقت في جنيف في 12 يوليو/ تموز الماضي، وسميت محادثات جنيف غير المباشرة لسلام السودان، وبرعاية أممية، عبر مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامرة.
ونشرت صحيفة “سودانايل” الإلكترونية، مقال للبروفيسور”مكي مدني الشبلي” بعنوان “مبادرة بلينكن في جنيف … محادثات أم مفاوضات؟”، أكد فيه إن الجيش والدعم السريع كطرفين للاقتتال الكارثي في السودان مطالبان لأول مرة بالإذعان لما يعرض عليهما من واجبات ومهام مسندة لتحقيق الأهداف المعلنة في محادثات جنيف لوقف تفاقم المعاناة الإنسانية للسودانيين جراء احتراب الجيش والدعم السريع، شاملة ويلات القتل والجوع وفظائع الانتهاكات ومآسي النزوح واللجوء.
حيث يتضح إن المشاركة الحضورية في جنيف لطرفي الصراع لا تكتسب أهمية إلا بالقدر الذي يعكس انصياعهما لمتطلبات المجتمع الدولي الإنسانية. ذلك أن الطرف المتواجد في المحادثات يحصل فقط على قدر من الرضا لحرصه على تلقي مسارات تنفيذ أهداف المحادثات مباشرة من أمريكا والشركاء. أما الطرف الغائب عن الحضور فلن يغنيه ذلك عن الالتزام بحذافير التنفيذ، بل ينصب عليه فوق ذلك غضب المجتمع الدولي لعدم الامتثال للقوانين الإنسانية الملزمة لكافة الدول الموقعة على ميثاق الأمم المتحدة في شكل عقوبات رادعة وموجعة.
وفي هذه الحرب، بين قوات الجيش النظامي من جهة وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، سقط نحو 14 ألف قتيل، طبقا لتقديرات الأمم المتحدة، فيما ترفع منظمة أطباء بلا حدود العدد إلى نحو 40 ألفا على الأقل.
كما شردت الحرب أكثر من 10.7 مليون سوداني – نحو خمس سكان البلاد- في أسوأ أزمة لاجئين على مستوى العالم، فيما تركت نحو نصف السودانيين في مواجهة مع شبح المجاعة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
70 بالمئة من مستشفيات السودان لا تعمل والأمطار وأمراض الخريف تفاقم مأساة النازحين