القاهرة - مينا جرجس
أعلنت بلدية القدس الثلاثاء، تعليق قرار فرض ضرائب على كنائس المدينة، وهو القرار الذي احتج عليه بطاركة ورؤساء الكنائس بإغلاق كنيسة القيامة يوم الأحد الماضي.
وقالت بلدية القدس في بيان لها "اتفق رئيس الوزراء وعمدة القدس نير بركات على تشكيل فريق فني بقيادة الوزير تساحي هانغبي، بمشاركة جميع الأطراف المعنية لصياغة حل لمسألة الضرائب البلدية على العقارات المملوكة للكنائس التي ليست دور عبادة"، وأضاف "نتيجة لذلك، قررت البلدية تعليق إجراءات التحصيل التي اتخذتها في الأسابيع الأخيرة".
وكان بطريرك القدس للروم الأرثودوكس ثيوفيلوس الثالث أعلن، الأحد، إغلاق كنيسة القيامة في البلدة القديمة في القدس المحتلة، حتى إشعار آخر احتجاجا على قرار بلدية القدس بفرض ضرائب على أملاك الكنائس المسيحية في المدينة، فيما تسعى إسرائيل إلى فرض ضرائب على كنائس القدس، حيث تدَعي أن الكنائس تقوم بأنشطة تجارية وهو ما يُخرجها من دائرة الإعفاء الضريبي لدور العبادة.
وقال رئيس بلدية القدس نير بركات، على "تويتر" :إنه من غير المنطقي توقع استمرار الإعفاء الضريبي الممنوح لممتلكات الكنائس التجارية والتي تضم فنادق وشركات تجزئة، كما أعربت جهات رسمية فلسطينية، عن رفضها لما أعلنته السلطات الإسرائيلية بشأن عزمها فرض ضرائب على الكنائس في مدينة القدس المحتلة، مطالبة بـ"تدخل عاجل" لمنع تطبيق تلك الخطوة.
واعتبرت الحكومة الفلسطينية، أن فرض الاحتلال الضرائب على دور العبادة "عدوان جديد يستهدف القدس وجميع أبناء شعبنا العربي الفلسطيني ويمس مقدساته"، أضافت عبر بيان لها حصلت "مصر اليوم" على نسخة منه، أن تلك الخطوة "تنذر بعواقب خطيرة قد تقود إلى الاستيلاء على الأراضي التابعة للكنائس".
وطالب المتحدث الرسمي باسم الحكومة، يوسف المحمود، بتدخل دولي عاجل لوقف تلك الممارسات الإسرائيلية، وقال " لم نشهد إغلاق كنيسة القيامة أو أي مكان عبادة في فلسطين طوال الحقب والمراحل التاريخية، إلا خلال الاحتلال (في إشارة لإسرائيل)"، وأضاف أن "إغلاق الكنيسة يمس مشاعر كافة أبناء شعبنا وأمتنا العربية، وهو أمر مرفوض ومستنكر".
من جانبه، أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، أن "الواقع المأساوي في القدس، لاسيما كنائسنا، ينبغي أن يذكّر بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي"، وأضاف عبر "تويتر"، تعقيبا على إغلاق الكنيسة "حان الوقت لكي يدرك الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته، عواقب تشجيعهم سياسات الاحتلال والتفرد بالقدس".
وفي السياق ذاته، اعتبرت اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين أن فرض الضرائب على دور العبادة "عدوان خطير"، وأضافت، في بيان صحافي، أنه "يجري العمل على عرض مشروع قرار على الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) يقضي بمصادرة أراضي الكنائس"، لافتة إلى أن ذلك "سيشكل حلقة عدوانية جديدة من استهداف الوجود المسيحي في الأراضي المقدسة"، كما دعت اللجنة إلى "أوسع تضامن ودعم شعبي، في وجه بلدية القدس الإسرائيلية".
وقال الأنبا أنطونيوس مطران الكرسي الأورشليمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية: إن الكنيسة عندما كانت تراجع الحكومة الإسرائيلية بشأن موضوع الضرائب على الكنائس، فكان رد الحكومة الإسرائيلية على رؤساء الكنائس "اركنوها ومش مطلوب تدفعوا".
ولفت مطران الكرسي الأورشليمي إلى أن الحكومة الإسرائيلية الآن تطالب بالمبالغ القديمة والتي تصل للملايين، ولذا عقدت الكنائس اجتماعاً وأصدرت بيانًا منذ ١٥ يوما ولم تستجب الحكومة الإسرائيلية، لذا تم إغلاق كنيسة القيامة، في حين أدان الأزهر الشريف، وإمامه الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، بشدة الإجراءات التعسفية التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني بحق أماكن العبادة في مدينة القدس المحتلة، والتي كان آخرها فرض ضرائب باهظة على الكنائس والمباني التابعة لها، بما يفوق ١٩٠ مليون دولار.
وشددّ الأزهر الشريف على أن تلك القرارات الجائرة، وما يصاحبها من اقتحامات وتضييق على المصلين في المسجد الأقصى المبارك، تستهدف تفريغ المدينة المقدسة من سكانها الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، واستكمال تهويد القدس وضواحيها، خاصة في ظل القرار الأميركي الجائر باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وهو ما يشكل غطاء لإجراءات الاحتلال المنافية لكل الشرائع والمواثيق الدولية، مؤكدا دعمه لصمود ودفاع أبناء الشعب الفلسطيني، خاصةً المقدسيين، عن أراضيهم ومقدساتهم، داعيًا المجتمع الدولي ومنظماته إلى إجبار سلطات الاحتلال على وقف تلك الإجراءات المجحفة، والتي تتنافى تمامًا مع مبدأ حرية العبادة الذي تكفله الأديان السماوية والمواثيق الدولية.
وشدّد السفير عيسى قسيسية، سفير دولة فلسطين لدى الفاتيكان، على وجود تصعيد من قِبل الحكومة الإسرائيلية اليمينية لتقويض وإنهاء الوجود الكنسي المسيحي في القدس، من خلال سياساتها التي تهدف للسيطرة على عقارات ومباني الكنائس وبأذرع الحركات الاستيطانية، أو من خلال بلدية القدس الإسرائيلية، وذلك بفرض الضرائب على عقارات وأملاك الكنائس، خرقًا للوضع القائم التاريخي والقانوني "Status Quo"، وتجاوزها الخطوط الحمراء بتجميد حسابات الكنائس في البنوك، وآخر هذه السياسات تمرير مشروع قانون أراضي الكنائس في الكنيست الإسرائيلي، والذي يسمح للحكومة الإسرائيلية بمصادرة أراضي وأملاك وأوقاف الكنيسة والتصرف بها.
كانت البلدية الإسرائيلية في القدس أعلنت عزمها الشروع بجباية أموال من الكنائس المسيحية كضرائب على عقارات وأراض تملكها في أرجاء المدينة. وقالت البلدية في إعلان أصدرته إنها ستجبي الضرائب على 882 عقارا وملكا لهذه الجهات، ويصل عدد المسيحيين في القدس حاليا لنحو 10-12 ألف نسمة، من إجمالي عدد السكان البالغ 300 ألف فلسطيني.