الشيخ سلطان القاسمي

أكد حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أن الأزمات الحالية التي تشهدها عدد من البلدان العربية لا تشكل عامل إحباط أمام نهوض ثقافتنا، موضحا أن "الحلول التي يجب العمل عليها تتمثل في إصلاح الفكر وتكريس الجهد المعرفي التنويري القائم على جهد الأجيال الجديدة وقدرتها على مواكبة حاضرها والمضي قدما برؤى متينة راسخة يشيدها الأدب والثقافة والتعليم والفكر".

وقال خلال لقائه عددًا من كبار الإعلاميين الإماراتيين أثناء زيارته لـ"معرض فرانكفورت الدولي للكتاب" في ألمانيا: إن "الثقافة العربية منظومة واحدة لا يمكن تجزئتها لثقافات متعددة وإننا إذا ما أردنا النهوض بثقافة أي دولة عربية فلا بد من الالتفات إلى ثقافات الدول العربية الأخرى والنهوض بها أيضا لأننا أمة واحدة يجمها اللغة والهوية والثقافة والتاريخ والمستقبل".

وكشف الشيخ سلطان عن تفاصيل أبزر المشاريع الثقافية والاستثمارية التي تستعد إمارة الشارقة لإطلاقها خلال الفترة المقبلة ، لافتا إلى أن الإمارة تعمل على إنشاء مشروع مركز معارض جديد لتوسعة المساحة المخصصة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب إلى جانب المعارض والفعاليات الثقافية والأدبية والفنية الأخرى .

وأكد أن الميزانيات رصدت ليتوسع المعرض وليستوعب حجم المشاركات المحلية والعربية والدولية التي باتت ترى في الشارقة محورا للفعل الثقافي والفني بالشرق الأوسط والمنطقة العربية وبما يتوافق مع النمو المتواصل لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في أعداد المشاركين والزوار والفعاليات والمبيعات.

وأشار حاكم الشارقة في حديثه عن مشروع الإمارات التنموي ومسيرة نهوضها بعد 45 عاما من قيام الاتحاد إلى أن "عمر النمو والتطور الذي تسير فيه دولة الإمارات العربية بات يقاس بالأيام في الوقت الذي يقاس عمر الشعوب في العالم بالسنين"، لافتا إلى أن تأسيس دولة الاتحاد منذ البداية كان متينا بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وتم التأسيس لتشريعات

قوية ومدروسة تتناسب مع التطلعات التي كنا نسعى إليها في دولتنا وكانت التشريعات مرنة وغير مركزية بحيث لا تتعطل حركة القرارات وتعيق التطور الذي تسعى له الدولة بصورة عامة " .

واعتبر الشيخ سلطان أن الحديث عن النهوض الحضاري وقيادة مشروع ثقافي يحتاج إلى عمل متواصل ورؤية بعيدة المدى حتى تتكشف ملامحه .. مستعرضا بذلك تجربة مشروعه الثقافي الذي أطلقه منذ العام 1982 حيث قال " إن الشارقة تسير بخطى حثيثة لتحقيق رؤيتها حيث تطرح المبادرات والمشاريع بصورة يومية ولا تتوقف جهودها على الإمارة وحسب وإنما تتعدى ذلك لتصل إلى مجمل البلاد العربية والإسلامية فمنذ البداية كنت مؤمنا أنه إذا أردت النهوض ببلدي علي أن أنهض بمجمل البلاد العربية " .

وأوضح أنه منذ أن بدأ مشروعه الثقافي كان ينظر نحو المدى البعيد وما يمكن لهذا المشروع أن ينتج في المستقبل من أجيال متعلمة ومثقفة تعي مدى أهمية الكتاب والعلم في صنع الحضارات والإنجازات وأن كل ما قام به خلال العقود الماضية هو بذور لثمار ستؤتي أكلها لاحقا، وقال: " كل ما أسعى إليه هو أن أضع القوافي في قوالبها الصحيحة".

وثمن حاكم الشارقة الدور الفعال والجهود الكبيرة لقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في مجال القضايا الإنسانية والاجتماعية والصحية وقضايا الارتقاء بالمرأة وحماية الأطفال والاستثمار في مستقبلهم وحرصها على إطلاق المبادرات التي تتمحور حول حماية الأطفال واللاجئين

وتمكين الفتيات والنساء .. مشيدا برؤيتها العربية الشاملة للارتقاء بالمرأة وتمكينها في مختلف المجالات وأيضا بالاستراتيجيات التي تتبعها إزاء تنمية الأطفال وحمايتهم.
ونوه حاكم الشارقة إلى أن أساس التنمية الصحيحة لأجيال المستقبل يبدأ من تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والنفسي للمجتمع وبالتالي يجب توفير كل ما من شأنه أن يساهم في ذلك الاستقرار.

وقال: " في ظل ذلك لا يمكن أن نغفل دور المرأة في تكوين الأجيال الجديدة وتربيتهم وقدرتها على الموازنة بين البيت والعمل و يجب أن نكون واعين بأن عمل المرأة ومساهمتها في تنمية المجتمعات هي قضية محورية ورئيسية ففي دولة الإمارات كانت المرأة منذ البداية شريكة وداعمة في مسيرة نهضتنا وحضارتنا وما كنا لنصل إلى ما وصلنا إليه لولا وجود المرأة مع الرجل في كافة التفاصيل إذ تشكل نسبة النساء من عدد سكان دولة الإمارات 45.3 بالمائة أي أنها نصف المجتمع بالأرقام أيضا " .

ووجه حاكم الشارقة رسالة إلى وسائل الإعلام في دولة الإمارات وقال : " ينبغي أن تتحول قضايا المواطن في الدولة إلى مركز العمل الصحفي المحلي وأن تعمل الصحف والوسائل الإعلامية على توفير مساحة أكبر للإبداع والأدب والشعر".

وتحدث حاكم الشارقة عن جذور الأزمة التي يواجهها العالم العربي، واستعرض سيرة العقود الأربعة الأخيرة التي خاضها الفكر السياسي العربي والأحزاب والتيارات التي تشكلت منذ تلك السنوات حتى اليوم .. وقال " " علينا أن نتمسك بروابط الدين والهوية واللغة التي تجمع بين أمتنا العربية لمواجهة التحديات التي نمر بها ولحماية الإنجازات المتحققة في العقود الماضية".

وحول الشأن المصري أكد أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعمل جاهدا لعلاج الإشكاليات والأزمات التي خاضتها الدولة المصرية خلال الفترة السابقة وكل ما يحتاجه هو الوقت لتتبين آثار تلك الجهود، مؤكدا أن مصر عائدة وبقوة إلى دورها المركزي والفاعل في العالم العربي وأن تاريخ الشعب المصري شهد الكثير من التغيرات والظروف التي تعد أصعب مما هي عليه اليوم إلا أنه استطاع تجاوزها ".

واعتبر أن الكثير من المراقبين لحال البلدان العربية اليوم يشعرون بالإحباط مما يجري الآن إلا أن التاريخ يؤكد أن ما نمر به ليس جديدا ولا نهائيا وما زلنا قادرين على النهوض، فما مرت به البلاد العربية على يد المغول كان أكثر شدة مما نمر به اليوم لكننا استطعنا النهوض مجددا وتلك هي سيرة الحضارات بمجملها فما بعد كل هذا المخاض سوى الولادة المشرقة والمستقبل المنير.

وتوقف عند أبرز المؤتمرات التي استضافتها الشارقة في الآونة الأخيرة سواء مؤتمر الاستثمار الأجنبي المباشر الذي نظمته هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق" أو مؤتمر الاستثمار في المستقبل الذي نظمته مؤسسة القلب الكبير .. مؤكدا أنه كان حريصا على طرح رؤيته في تلك المؤتمرات من خلال الخطابات التي ألقاها في افتتاح كل مؤتمر حيث أكد أن ما تسعى إليه

الشارقة في تعاونها مع مختلف الجهات والمؤسسات الدولية يمضي ضمن سلسلة القيم والمبادئ التي تنسجم مع الثقافة العربية الإسلامية وضمن الخطط التي تخدم النهوض الاقتصادي والحضاري للإمارات بصورة عامة.