القدس ـ ناصر الأسعد
شدد الرئيس الأميركي، جو بايدن ، على أن أميركا ملتزمة بأمن إسرائيل، متعهداً بدعم المنظومة الدفاعية الصاروخية لإسرائيل. وجدد بايدن، عقب وصوله إلى إسرائيل، الأربعاء، في مستهل جولة له للمنطقة، التأكيد على عمق العلاقات الأميركية الإسرائيلية. وأكد الرئيس الأميركي على التزام بلاده أمن إسرائيل، وتعميق اندماجها في المنطقة عبر توسيع «اتفاقات ابراهيم» للسلام. وكشف أنه سيناقش حل الدولتين خلال الجولة التي بدأها ظهر اليوم (الأربعاء) من تل أبيب. وقال بايدن إن البلدين سيعززان علاقاتهما على نحو أكبر، مشيراً إلى شراكة تتعلق «بأنظمة الدفاع الأكثر تطوراً». وأضاف أن «الرئيس (ريتشارد) نيكسون كان أول رئيس يزور إسرائيل عام 1973 وكنت حينها سيناتوراً في الكونغرس وكنت أجلس إلى جوار شاب يدعي إسحق رابين، وأفخر أن هذه هي زيارتي العاشرة».
وعقب استقبال بايدن في المطار، قال الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ إن زيارة الرئيس الأميركي تعكس عمق العلاقات الثنائية، لافتاً إلى أن بايدن "كان داعماً دوماً لإسرائيل". كما أضاف: "سنبحث المخاطر الأمنية التي تفرضها إيران". بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد أن تل أبيب وواشنطن ستبحثان إعادة بناء "تحالف عالمي قوي" ضد إيران. وقال من مطار بن غوريون: "سنناقش الحاجة إلى إعادة بناء تحالف عالمي قوي يقف في وجه البرنامج النووي الإيراني". إلى ذلك عرض المسؤولون الإسرائيليون أمام بايدن المنظومة الدفاعية الصاروخية الجديدة في المطار.يذكر أن طائرة الرئاسة الأميركية كانت حطت بعد ظهر الأربعاء في مطار بن غوريون، حيث كان في انتظار بايدن، هرتسوغ ولابيد.
وكان أول لقاء على أجندة بايدن تلقي إحاطة من وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس حول أنظمة الدفاعات الجوية، بما فيها «القبة الحديد» ونظام الدفاع الجديد بأشعة الليزر المضاد للصواريخ المسمى «الشعاع الحديد». وتخطط الولايات المتحدة وإسرائيل لإصدار بيان مشترك يطلق عليه اسم «إعلان القدس» الذي من المفترض أن يكون بمثابة خريطة طريق للعلاقات بين البلدين في السنوات المقبلة، ويتضمن التزامات أمنية أميركية لإسرائيل وتأكيد متكرر للعلاقات الاستراتيجية التي لا يمكن أن تنفصم. ووفقاً لتسريبات، فإن الإعلان سيتضمن موقفاً أميركياً - إسرائيلياً متشدداً ضد حصول إيران على القنبلة النووية، وسيعلن التزام البلدين باستخدام كل عناصر القوة والنفوذ الوطني لمواجهة التهديدات النووية الإيرانية. كما يتضمن التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على قدرات إسرائيل العسكرية وتعزيز قدراتها على الردع والدفاع عن نفسها في مواجهة أي تهديد.
ومن المقرر أن يعقد بايدن غداً (الخميس) لقاءاً ثنائياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.وبعد اللقاء الثنائي، سيشارك بايدن في الاجتماع الأول لقادة مجموعة غرب آسيا I2U2 الذي يضم قادة إسرائيل والهند والإمارات العربية، وهو كيان يشبه التحالف الأمني الذي أقامه بايدن في المحيطين الهندي والهادي مع بريطانيا وأستراليا AUKUS الذي سيسمح بمشاركة أكبر للقدرات الدفاعية. ويندرج كلا التحالفين في إطار خطط أميركا لمواجهة الصين بشكل أساسي، إذ يأتي تحالف I2U2 مقابلاً للاتفاق الاستراتيجي الذي وقعته الصين مع إيران لمدة 25 عاماً.
وتشمل اجتماعات بايدن الخميس، لقاء مع نظيره هرتسوغ الذي سيقلده وسام الرئاسة الإسرائيلي. ثم يلتقي برئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي يعد زعيم المعارضة، رغم التوتر الطويل في علاقات الرجلين. وحرص بايدن على هذا اللقاء حتى لا يبدو متحيزاً في الانتخابات المقبلة تجاه طرف ضد آخر. ويقول محللون إن بايدن سيحث الإسرائيليين على ضبط النفس، في الحرب الكلامية المتصاعدة مع إيران، خصوصاً في ظل التهديدات والاغتيالات وخطط الاغتيالات المضادة. وآخر شيء يريده بايدن هو اشتعال حرب ساخنة بين إسرائيل وإيران، إذ يريد الحفاظ على شرق أوسط هادئ نسبياً.
وتمر اسرائيل بمرحلة انتقالية مشوبة بالتوترات والاضطرابات السياسية مع الاستعداد لجولة انتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل هي الخامسة في فترة لا تتعدى ثلاث سنوات. وتسعى للحصول على تطمينات من الإدارة الاميركية بشأن إيران والاطلاع بشكل مكثف على مسارات ونقاشات أي إحياء محتمل للاتفاق النووي، كما تسعى إلى علاقات أقوى أمنياً واستخباراتياً واقتصادياً في المنطقة، وهو ما يسميه بايدن «مساعدة إسرائيل على مزيد من الاندماج في المنطقة» وتوثيق العلاقات مع الدول العربية. وهناك قلق في إسرائيل من أن يترجم المسعى الأميركي للتقريب بين إسرائيل ومزيد من الدول العربية، إلى ممارسة ضغوط عليها لتقديم تنازلات للفلسطينيين، منها إعادة فتح القنصلية الأميركية للشؤون الفلسطينية في القدس الشرقية، وهو الامر الذي تعارضه إسرائيل بشدة.
وتضغط السلطة الفلسطينية والدول العربية للحصول على تعهدات أميركية بتنفيذ الالتزامات التي أعلنت عنها منذ مجيء بايدن للسلطة ومن بينها تجميد المستوطنات الإسرائيلية، ووقف جميع الإجراءات أحادية الجانب وممارسة ضغوط لدفع مسار إقامة الدولة الفلسطينية. ومن المقرر أن يزور بايدن الجمعة مستشفى أوغوستا فكتوريا الواقعة على جبل الزيتون بالقدس الشرقية، وهي واحدة من ستة مستشفيات في القدس الشرقية ترعى سكان القدس والضفة الغربية وغزة ويأتي تمويلها من الأمم المتحدة. ورفض الأميركيون طلباً إسرائيلياً بضم مسؤول إسرائيلي إلى الزيارة. وسيلقي بايدن خلال زيارته للمستشفى تصريحات حول المساعدات الأميركية وتطوير شبكة مستشفيات القدس الشرقية وسيعلن عن تمويل للمستشفيات الفلسطينية ومساعدات اقتصادية للسلطة الفلسطينية وسيكرر دعمه لحل الدولتين.
كما يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيت لحم بالضفة الغربية ويلقي كلا من بايدن وعباس بياناً مشتركاً. وأشار مسؤولون إلى أن عباس سيوضح للرئيس بايدن أن القيادة الفلسطينية لن يكون أمامها خيار سوى تنفيذ قرارات منظمة التحرير الفلسطينية ووقف التنسيق الأمني وإلغاء جميع الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل في ظل غياب أفق سياسي.
وبعد لقاء عباس، تنطلق طائرة الرئاسة الأميركية إلى مدينة جدة في السعودية، حيث يشارك بايدن في قمة تستضيفها المملكة وتجمع قادة وزعماء السعودية والكويت والإمارات والبحرين وقطر ومصر والأردن والعراق.
وأوضح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أن بايدن سيدلي بتصريحات مهمة حول رؤيته لمنطقة الشرق الأوسط ويلتقي مع قادة المنطقة. ويقول مسؤولو البيت الأبيض إن الرئيس يأمل في بناء روابط ثقة مع الدول الحليفة، وتحالفات أمنية ضد الاستفزازات الإيرانية، إضافة إلى دفع جهود السلام في اليمن وتحويل الهدنة إلى وقف كامل لإطلاق النار. ويلمح مسؤولو البيت الأبيض إلى خطط لتشكيل تحالف دفاعي إقليمي يتم الإعلان عنه خلال القمة في جدة، ويهدف هذا التحالف إلى احتواء إيران ويعتمد في المرحلة الأولى على نظام دفاع جوي ضد الصواريخ الإيرانية والطائرات من دون طيار. كما يستهدف تقوية القدرات الأمنية الإلكترونية لمواجهة الهجمات السيبرانية التي تقوم بها إيران ووكلاؤها.
وليس من المتوقع صدور إعلانات تتعلق بزيادة إنتاج النفط، إذ تلتزم السعودية بالاتفاقات المبرمة في إطار «أوبك بلس». وأشار بايدن في مقاله عن الجولة بصحيفة «واشنطن بوست» إلى نقاشات مهمة في جدة حول «المساعدة في استقرار أسواق النفط». وتحاول إدارة بايدن إبقاء إمدادات النفط مرتفعة مع ارتفاع أسعار الغاز والبنزين في الولايات المتحدة واستمرار الحرب الروسية في أوكرانيا، واقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي. ويسعى إلى الحصول على دعم قادة الدول المشاركة في قمة جدة لمواصلة الضغط على روسيا لإنهاء غزوها لأوكرانيا. كما تسعى الإدارة إلى معالجة إحباط دول المنطقة من موقف واشنطن من إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، بمزيد من إعلانات الصفقات العسكرية والتعاون الأمني والاستخباراتي لمواجهة استفزازات إيران.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :